ثلاثية نارية من صنعاء وغزة والقـــدس.. يوم الانكسار «الإسرائيلي»
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا

عادل بشر / لا ميديا -
لم يكن أمس، يوماً عادياً على العدو الصهيوني، بل محطة فاصلة تهاوت فيها هيبة الكيان تحت ضربات متزامنة من ثلاث جبهات، ففي القدس اخترق الفدائيون قلب الاحتلال وأغرقوا حافلة مستوطنين بالدماء موقعين نحو 46 مستوطناً بين قتيل وجريح، وفي جباليا بشمال غزة تحولت دبابة الميركافا إلى تابوت حديدي لطاقمها بأربع جثث متفحمة، فيما امتدت يد اليمن البعيدة لتدك الأجواء بمسيّرات زلزلت الملاجئ ونشرت الرعب من "إيلات" إلى النقب ومطاري رامون واللد.
إنه يوم تعددت فيه ساحات النار وتكثفت الضربات من الخاصرة والعمق والبعد، لتقول المقاومة إن زمن حصر المواجهة في ساحة واحدة قد انتهى، وأن الاحتلال بات محاصراً من كل الجهات (من غزة الجريحة، والقدس الثائرة، إلى سماء اليمن الثابتة في معركتها) وأن التصعيد لم يعد محصوراً بغزة والضفة، بل تمدد ليطرق أبواب النقب ومطار رامون وحتى المنشآت النووية في ديمونة.
اليمن يُصعّد ويضرب في العُمق
بينما لم تكن "تل أبيب" قد أفاقت من الضربة النوعية التي سددتها صنعاء لمطار "رامون" في منطقة أم الرشراش "إيلات" إلى جانب أهداف أخرى بمناطق متعددة في فلسطين المحتلة، أمس الأول، حتى فوجئت، أمس، بضربات أخرى، لا تقل قوة عن سابقتها، ليهتز مطار "رامون" مجدداً بضربة ناجعة نفذتها مُسيّرة يمنية، قدمت إلى كيان الاحتلال رفقة مُسيرات أخرى، زعم العدو أنه تصدى لها.
القوات المسلحة اليمنية وفي بيان متلفز قبيل مغرب أمس، أعلنت عن تنفذ عملية نوعية بطائرات مسيّرة استهدفت مطارين وموقعاً حساساً في فلسطين المحتلة.
وأفاد البيان أن 3 طائرات مسيّرة استهدفت مطار "اللد" في يافا ومطار "رامون" في أم الرشراش وهدفاً حساساً في "ديمونة"، مشيراً إلى أن العملية حققت أهدافها بنجاح.
وأوضح أن هذه العملية تأتي "انتصارا لمظلومية الشعب الفلسطيني ومجاهديه الأعزاء، وردا على جرائم الإبادة الجماعية وجرائم التجويع التي يقترفها العدو الصهيوني بحق إخواننا في قطاع غزة، وتأكيدا على ثبات موقف اليمن في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس".
وأثنت القوات المسلحة اليمنية على "العمليات الجهادية المباركة في القدس وغزة"، مشيرةً إلى أنّها أكدت حيوية الشعب الفلسطيني وقدرة شبابه على تنفيذ عمليات نوعية، كما أظهرت هشاشة الإجراءات الأمنية للعدو مهما تشدد فيها.
وجددت القوات وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني، قائلة: "بوركت جهودكم وبورك جهادكم وسدّد الله رميكم ونحن معكم وإلى جانبكم حتى النصر بإذن الله تعالى"، مضيفةً: "مستمرّون في إسنادكم والوقوف إلى جانبكم حتى وقف العدوان عليكم ورفع الحصار عنكم".
رُعب في الأجواء
وبينما لم يكن متحدث القوات المسلحة اليمنية قد أنهى تلاوة بيانه، حتى تواترت الأخبار من القنوات والصحف العبرية بتفعيل صافرات الإنذار مجدداً في مناطق متعددة في القدس ويافا وأم الرشراش والبحر الميت، نتيجة ما قال الإعلام العبري بأنه "تسلل طائرة مسيرة من اليمن".
وصاحب ذلك إغلاق للمجال الجوي لمطار اللد "بن غوريون" وفقاً للإعلام العبري، الذي أكد أيضاً أن مقاتلات حربية "إسرائيلية" تحلق في سماء فلسطين المحتلة لاعتراض المسيّرة اليمنية.
ونشر ناشطون مستوطنون مشاهد لمقاتلات حربية نفاثة وأخرى لمروحيات وهي تجوب سماء فلسطين المحتلة، بحثاً عن المسيّرة اليمنية.
وأفاد الإعلام العبري أن "المُسيّرة واصلت التجول في سماء الأراضي المحتلة، لأكثر من نصف ساعة، رافقها اتساع رقعة صافرات الإنذار، قبل أن يعلن جيش الاحتلال انتهاء الحدث، مرجعاً ذلك إلى أن التشخيص كان خاطئاً".
اعترافات العدو
وفي وقت سابق أمس، اعترف العدو الصهيوني بوصول ثلاث طائرات مسيرة يمنية إلى مطار رامون وقرب ديمونة والنقب، في تصعيد وصفته وسائل الإعلام العبرية بأنه الأخطر منذ بدء الحرب.
ودوّت صافرات الإنذار في مطار رامون، وفي ديمونة قرب المفاعل النووي، وفي وادي عربة، وسط حالة ذعر وشلل في حركة الطيران، وذكرت وسائل إعلام عبرية بأن بعض المسيّرات عبرت الأجواء الأردنية، ونقلت عن مصادر في "جيش الاحتلال" بأن تلك المسيرات "سقطت قرب أهدافها"، لكن "القناة 14" وموقع "كالكاليست" وصحيفة "معاريف" العبرية، أكدت وقوع انفجار داخل مطار "رامون" نتيجة تسلل طائرة مسيّرة انتحارية يمنية، دون رصدها أو تفعيل صافرات الإنذار.
ووثق مستوطنون في أم الرشراش انطلاق الطائرات "الإسرائيلية" لمحاولة اعتراض المسيرات اليمنية، ورصد المستوطنون وصول إحدى المسيرات إلى حرم مطار رامون وانفجارها، لتهرع أجهزة أمن الكيان إثر ذلك إلى موقع الانفجار وتطويقه.
وجاءت هجمات أمس، بعد يوم واحد فقط من عملية نوعية لقوات صنعاء بثمان مسيرات استهدفت مطاري اللد ورامون وهدفين عسكريين في النقب وهدفا حيويا في عسقلان وآخر في أسدود، ضمن عملياتها المساندة للشعب الفلسطيني.
وفيما حاول الاحتلال، كعادته، بداية الأمر الادعاء بأنه تصدى لجميع تلك المسيرات، إلا أن الصور ومقاطع الفيديو وثّقت أعمدة الدخان والنيران المشتعلة قرب مدرج مطار رامون، نتيجة استهدافه مباشرة بإحدى المسيرات، وأسفر الاستهداف عن إصابة ثمانية "إسرائيليين" وإحداث دمار كبير في صالة المسافرين وإغلاق المطار بالكامل.
واعترف الاحتلال بعد ذلك بوصول المسيرة إلى هدفها دون أن تُرصد من أنظمة الدفاع الجوي والرادارات، ما استدعى فتح تحقيق كامل لمعرفة مكامن الخلل.
ووصفت "هيئة إذاعة الجيش" الحادث بـ"الأمر الخطير".
وتواصل القوات المسلحة اليمنية، على الرغم من العدوان على البلاد، عملياتها في عمق كيان الاحتلال وتستمر في فرض الحظر الجوي والبحري على الاحتلال إسناداً لغزة.
دلالات التعدد الجبهوي
يرى محللون في مراكز أبحاث "إسرائيلية" أن المشهد الأخير يعبر عن أخطر تحدٍ أمني تواجهه "تل أبيب" منذ عقود، إذ لم تعد الهجمات تُدار من جبهة واحدة يمكن احتواؤها، بل من جبهات متعددة تُحاصر "إسرائيل" من الداخل والخارج في آنٍ واحد.
مركز أبحاث الأمن القومي الصهيوني (INSS) حذر في تقييم عاجل من أن "قدرة الحوثيين على ضرب أهداف استراتيجية في النقب، بما في ذلك مطار رامون ومحيط ديمونة، تعني أن العمق الإسرائيلي بات مكشوفاً أمام قوى خارج دائرة المواجهة المباشرة، وهو تطور يهدد بتوسيع الحرب إلى ساحات أبعد".
وفي قراءة نشرها موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، اعتبر خبراء أن "ما حدث في القدس وغزة ومن اليمن خلال يوم واحد يؤكد نهاية نظرية التفوق الإسرائيلي في الردع"، مضيفين أن "الجيش الإسرائيلي سيُجبر على إعادة توزيع قواته ومنظوماته الدفاعية، ما يُضعف فعاليته على أي جبهة منفردة".
أما "مؤسسة راند" الأميركية البحثية فوصفت التعدد الجبهوي بأنه "استنزاف مفتوح"، مشيرة إلى أن "العمليات المتزامنة من غزة والقدس ومن صنعاء تُقوّض قدرة إسرائيل على حسم المعركة سريعاً، وتفتح الباب أمام حرب طويلة الأمد تستنزف مواردها العسكرية والاقتصادية".
وبحسب تقديرات معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، فإن "نجاح الحوثيين في تهديد منشآت إسرائيلية حساسة يضيف بعداً إقليمياً جديداً للصراع، ويرسّخ صورة إسرائيل كدولة عاجزة عن حماية حدودها وأجوائها، وهو ما سينعكس سلباً على صورتها أمام حلفائها الغربيين".
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا