لا ميديا -
تتلاحق الاعتداءات الصهيونية ضد لبنان، في خرق صارخ لسيادة لبنان ولاتفاق وقف إطلاق النار، ما ينذر بمرحلة أكثر سخونة وحساسية في المواجهة المفتوحة بين المقاومة اللبنانية والكيان الصهيوني.
ففي أحدث حلقة في سلسلة الاعتداءات، استشهد مواطن لبناني، أمس، جراء غارة نفذتها طائرة مسيّرة صهيونية استهدفت سيارته على أوتوستراد البيسارية في قضاء صيدا جنوبي البلاد، في جريمة جديدة تؤكد أن الاحتلال ماضٍ في نقل معركة الاستهداف إلى عمق المناطق المدنية، متجاوزاً كل الخطوط الحمراء.
ولم تمضِ ساعات على الجريمة حتى شنت طائرات العدو غارات متزامنة على مناطق عدة في الجنوب والبقاع، طالت مرتفعات الريحان في قضاء جزين، وبلدات المحمودية والجرمق والحميري والقطراني، مسببة دماراً كبيراً في الممتلكات والأبنية والبنى التحتية، وأسفر عنها عدد من الجرحى. كما استهدفت الغارات منطقة الشعرة وجرود النبي شيت في السلسلة الشرقية، حيث اندلعت حرائق واسعة في التلال الجردية، إلى جانب غارة أخرى استهدفت منطقة الهرمل.
وفي تطور خطير، أقدمت قوات الاحتلال، أمس، على تفجير مبانٍ سكنية في الحي الشرقي من بلدة حولا الجنوبية، ما أدى إلى دمار شامل في المنطقة المستهدفة، فيما استمر الطيران الحربي والاستطلاعي في التحليق الكثيف فوق عدد من المناطق اللبنانية، في رسالة تهديد مفضوحة بأن العدوان مفتوح بلا سقف ولا حدود.
وفي موازاة العدوان العسكري، كشفت مصادر أمنية لبنانية أن الاحتلال يمارس ضغوطاً مباشرة على الجيش اللبناني، بإيعاز من واشنطن، لفرض تفتيش منازل المدنيين في الجنوب، بذريعة البحث عن أسلحة المقاومة. المصادر أكدت رفض الجيش لهذه الإملاءات رفضاً قاطعاً، محذراً من أن تنفيذها قد يشعل نزاعات داخلية تمسّ الأمن الوطني وتخدم فقط أهداف العدو.
ويرى مراقبون أن محاولات الاحتلال لا تقف عند حدود النار والبارود، بل تتعداها إلى فرض وصاية سياسية وأمنية جديدة على لبنان، تحت عناوين زائفة كـ«حصر السلاح» و«تطبيق القرار (1701)»، في حين أن «إسرائيل» نفسها هي أول من يخرق هذا القرار يومياً بالغارات والتحليق والاستفزاز.
وفي مواجهة هذه الوقائع، أكد محمود قماطي، عضو المجلس السياسي في حزب الله، أن «ما يجري اليوم هو مشروع معلن لإدخال لبنان في عصر الوصاية الأميركية – الإسرائيلية»، وأن «الحديث عن نزع سلاح المقاومة أو تسليمه هو خيانة وطنية؛ لأن السلاح هو الذي يحمي لبنان من الزوال».
وأضاف قماطي، خلال كلمة تأبينية في بلدة كفرسالا، أن «إسرائيل الكبرى ليست خيالاً سياسياً، بل مشروع حقيقي تسعى إليه تل أبيب وواشنطن، وأن المقاومة وحدها تشكل السدّ المنيع في وجهه»، محذراً من أن التماهي مع العدو أو الرضوخ للإملاءات الأميركية سيقود لبنان إلى مصير يشبه ما حصل في سورية والعراق من فوضى وتفتيت.
وتابع أن «هذه التجربة السورية ماثلة أمامنا، فهي تقوم دون اعتراض بتطبيق كل ما يُطلب منها أميركياً، ومع ذلك، لم يمنع كل هذا الاستسلام إسرائيل من الاعتداءات اليومية على سورية... لأنه لا توجد في سورية مقاومة». واعتبر أن «المشكلة التي لا يريد البعض أن يفهمها أو حتى يصدقها هي أن حدود إسرائيل وصلت إلى حدود العراق»، وأوضح أن «هناك تغيرات كبيرة في المنطقة تُفرض علينا، وأقلّه أن نتمسك بقوتنا مهما كانت لرفض هذه الخيارات الكبرى التي تهدد ليس فقط لبنان بل كل الأوطان العربية».