استعادة خيب!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
تتعلق أطراف الصراع كافة بذات المطلب، تلخص عنوانه في «استعادة الدولة»! صحيح أن كل طرف يتبنى مفهوما مختلفا للدولة المراد استعادتها. لكن المستغرب هو أن مطلب «استعادة الدولة»، يبرز مجرد مشجب!!
تظهر هذه النتيجة عامة، لمحصلة إحدى عشرة سنة من الحرب في اليمن، حتى الآن! معظم الأطراف المحلية في الحرب، تتخذ من مطلب «استعادة الدولة» شعارا سياسيا، ومشجبا لتعليق فشلها وعجزها وكذبها أيضا!
تعدد الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، للحرب والحصار، ضد سلطات «المجلس السياسي الأعلى»، يمنح الأخير استثناء، يفرضه بروز نسبي بمناطق سلطاته، لمظاهر تجسيد الدولة، استقلالا وسيادة، مؤسسات ووظائف.
في المقابل، يفرض واقع الحال في جنوب اليمن ومناطق سيطرة مجلس قيادة الفصائل الموالية للتحالف (السعودي -الإماراتي)، سؤالا ملحا: لماذا لم تبدأ هذه الفصائل حتى الآن تجسيد الدولة في مناطق سيطرة كل منها؟!!
يثور السؤال: ما الذي يمنع كل طرف بمناطق سيطرته، من تنفيذ مطلب «استعادة الدولة»، أيا كان قصده بالدولة المراد استعادتها.. أكانت دولة ما قبل 2014 أو ما قبل 2011 أو حتى ما قبل 22 مايو 1990؟!
الشاعب يتساءل، وهو أهم الأركان الأربعة لأي دولة: بجانب الأرض، والنظام، و(القرار) الدفاع (السيادة).. وهذا الشعب في اليمن نال منه التعب، أنهكته هذه الحرب، ويريد أن يرى دولة تتجسد بنظامها ووظائفها أمامه.
الإجابة، كل أطراف في مجلس قيادة هذه الفصائل، ليست -فعليا- أطرافا سياسية جديدة، يعرفها اليمنيون على مر العقود الماضية، وزادت معرفته بها وقياداتها خلال سنوات الحرب المتواصلة للسنة الحادية عشرة.
يؤكد واقع أداء باقي الأطراف المحلية في الحرب، أنها فشلت أو عجزت عن تجسيد الحد الأدنى لمظاهر الدولة بمناطق سيطرتها. على نحو يجاهر معه أداؤها العام بأن هدفها استمرار غياب الدولة وجني غنائم الرفلة.
ومعلوم هنا، أن استعادة النظام (System recovery)، أو استعادة التنصيب (Reinstallation)، أو حتى استعادة المحذوفات (Recover deleted files)، تظل عملية ممكنة إنما في حدود، عبر تطبيقات تتباين في كفاءتها وجودتها، لكن ليس دائما.
يبرز في أي عملية استعادة، ملفات ضارة، كانت سبب تلف النظام أو انهياره كليا، استعادة هذه الملفات الضارة خطر، لأنها ستظل أسباب ضعف مستمر ومتصاعد لأداء النظام، وستعطله كليا، بنهاية المطاف.
هذا هو الوضع الطبيعي، الفعلي والعملي. فكيف الحال، مع استمرار تعذر إعادة تنصيب نظام الدولة المعطوب في اليمن، سواء أكان قبل 1990م، أو قبل 2011م، أو قبل 2014م، جراء استمرار الفيروس نفسه.
لا يخفى على أي متابع فطن ومراقب محايد، أن الأنظمة السياسية المتعاقبة على اليمن منذ قرابة 60 عاما، تشترك في فيروس خطير واحد. هذا الفيروس هو الارتهان التام للخارج على حساب الامتهان الدام للداخل!
لهذا، سيظل الثابت علميا وعمليا، نظريا وواقعيا، أن استعادة الدولة في اليمن، تتطلب التعافي من فيروس الارتهان للخارج، تحرير النظام السياسي من التبعية لقوى الهيمنة والوصاية الخارجية، حينها يمكن توقع دولة يمنية مستقلة وقوية.

أترك تعليقاً

التعليقات