كيفية التعامل مع فرضية «سايكس بيكو 2»؟!
 

مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
مثل شعبي يقول "اللي ما تكسبه لا تخسره"، وأرى أن هذا المثل الشعبي هو ما يفترض أن تتعامل به المقاومة أو محور المقاومة بشكل أهم مع حالة وأمر واقع الأنظمة العربية.
والاتفاق الذي تم بواسطة الصين لتطبيع العلاقات بين إيران والنظام السعودي يمثل المظلة المرنة للتعامل مع هذا الخط، فالصدامية مع أنظمة لن تثمر في مسار المقاومة والتفعيل لمحور المقاومة وقد تضر أكثر، وبالتالي يعنينا بكل سبل الإقناع أن نجرّ هذه الأنظمة إلى أفضلية في الوقوف أو الموقف.
لقد تابعت التصريحات الأمريكية والتسريبات لإسرائيل حول التطبيع مع السعودية في ظل اعتيادنا على التعامل معها كحقائق وكمتراكم لفترة الهيمنة الأمريكية عالمياً واستفرادها بالمنطقة.
ولذلك يعنينا قراءة متمعنة للبيان السعودي بهذا الشأن والبحث بين السطور للمتغير الدولي والصراع الدولي ربطاً بحالة العلاقة القائمة بين إيران والسعودية وبدور الصين في ذلك.
"إسرائيل" لديها قدرة هائلة على قتل الشعب الفلسطيني في غزة أو حتى غيرها والضغط الدولي والمتغير الدولي هو أقوى عوامل تقييدها في مسألة القتل والإبادة الجماعية.
بالمقابل أبناء غزة كشعب ومقاومة صمدوا بما لم تستطعه الجيوش العربية، وهذا يؤكد حتمية لصالح المقاومة ومحور المقاومة، ولنا افتراض أن المقاومة ومحورها يخسر مائة ألف شهيد وضعف ذلك من الجرحى، وأتذكر في هذا السياق تصريحات من الفرقة الأولى "الثورية" بأنها أعدت مائتي ألف شهيد.
مادام الموقف بمروره هو لصالح المقاومة ومحورها، فإن عليها ألا ترضخ للضغوط والألعاب الأمريكية التي هي في الذروة لانتزاع تنازلات لصالح الكيان الصهيوني، وهي تسعى لتسحب نتائج السابع من أكتوبر 2023م بالطريقة "الكيسنجرية" بعد حرب 1973م.
قد يكون الخيار صعبا والتضحية أكبر، لكنه إذا لم يترك لنا غير ذلك فعلينا الرفض القاطع لأي مسلك غيره قد يتم وضع مساحيق تحسينه لتمريره ليس إلا.
ربما الأهم في تقديري العلاقات مع الروس والصين لضمان ألا تكون اتفاقية "سايكس بيكو 2" الافتراضية -أو افتراضاً- على حساب العرب في قضاياهم وحقوقهم كما في "سايكس بيكو 1".
المقاومة ومحور المقاومة قادر على أداء هذه المهمة من ناحية، ومن ناحية أخرى فالصين وروسيا يرفضان مشاريع تستمد من فترة الهيمنة والاستعمار الغربي الذي يرى وزير الخارجية الروسي لافروف أنه "امتد لأكثر من خمسة قرون".
مجرد سير روسيا والصين في تجمع أو تكتل "بريكس"، يؤكد أنهما تجاوزا التفكير في مشاريع استهلكت بالاستعمال الاستعماري الغربي لها، ومع ذلك من حقنا طرح مثل هذه الفرضية بكل صراحة ووضوح لأن أمريكا ومعها "العجوز الـ..." بريطانيا وتحت مستوى من الضعف في الصراع الدولي إلى إغراءات مقايضة بمسائل أوكرانيا أو تايوان وأخرى و"إسرائيل"، ربما تسير وتتعامل على هذا الأساس من وضع أو تموضع مع ثقل أو أثقال في الرأسمالية وهي الحاكم الفعلي لأمريكا.
ولذلك وفي هذه المحورية، فالتعامل مع الصين وروسيا لا ينفع أن يكون كما مع أنظمة عربية "اللي ما تكسبه لا تخسره" كونه تعاملا مع مصير ومع مستقبل والعودة إلى "سايكس بيكو 1" في "سايكس بيكو 2" هو أكثر ما يخيف، وأكثر ما يعنينا على ضمانات عدم حدوثه فهو مسألة أكبر وأبعد من ضمانات الأمن القومي والدول العظمى ومنها الصين وروسيا أكثر من يتحدث عنه، وإلا فإن النظام الدولي الجديد بأي عدد أو تعدد لأقطابه هو لا يفرق عن الاستعمار الغربي القديم أو حتى "الحديث" الاستعمال، وهذا الاحتراز المفترض لا يمثل خطأ في حق روسيا والصين.
ومع تقديري لمن لا يهتم بالأسباب، فإني أرى أن هذا الصراع الدولي حاضر في كل الأحداث وفي كل ما يحدث، وأرى أن التعامل مع ذلك هو في إطار الأخذ بالأسباب المرتبطة بإرادة الخالق الذي ربط حتى إرسال الرسل وأداء الرسالات بالأسباب حين يقول لنبي الله موسى "اضرب بعصاك البحر" أو حين يأخذ خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلوات الله عليه وآله، بمقترح سلمان الفارسي لحفر خندق حول المدينة لمواجهة أحزاب الكفر والكفار.
هناك مؤشرات بأن الأنظمة العربية المتأمركة أو حتى العميلة لأمريكا باتت كخيار أو إجبار تتعامل مع الأسباب في التعامل مع الوضع الدولي والصراع الدولي بإيقاعه كتغيير ومتغير.
ولهذا أرى أهمية تركيز محور المقاومة على هذا التغيير والمتغير ولا تحتاج لتصعيد صراع مع أنظمة في المنطقة أياً جاءت أسقف مواقفها، وفي ذلك فإننا لا نطلب حماية ولا نمارس احتماء فالمسألة هي في سياق مصالح ومنافع متبادلة ترتكز على الحق والحقوق ويتجسد فيها حريات وحقوق الشعوب والأوطان!

أترك تعليقاً

التعليقات