مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
ضحكت وأنا أقرأ خبراً مفاده أن كندا قررت المشاركة في تقديم المساعدات لأبناء غزة كما سارت أنظمة عربية.
هذا القرار والمشاركة الكندية يؤكد أن أمريكا هي صاحبة هذا الإبداع والاختراع و"إسرائيل" التي وافقت لأن يمارس ذلك ملك الأردن وزوجته الملكة فهذا يؤكد أمريكية المخترع و"إسرائيل" يريحها ذلك كبديل مريح ومربح واقعياً وسياسياً فهي من التسلية "إسرائيلياً" وأمريكياً وهي من كرم العرب رفاهية وترفيهاً للشعب الفلسطيني.
ومع ذلك فهذا المسلك والسيرك الأمريكي -العبري -العربي يؤكد كثبوتية لا تحتاج لمزيد إثباتات أن الكيان الصهيوني يرفض تنفيذ قرار محكمة العدل الدولية، ولا أدري إن كان الكيان قدم هذه المهزلة في تقريره الشهري لـ"العدل" الدولية على أنها تتقيد لالتزاماته في مسألة المساعدات.
يضحكني كذلك حين يؤكد النظام المصري أنه لم يغلق معبر رفح أمام المساعدات فيما الكيان الصهيوني يقول جهاراً نهاراً إن النظام المصري هو من يغلق ويمنع.
وحين يراد معالجة بعيداً عن هكذا تراشقات يقال إن الشعب في الكيان يتجمع أو يتجمهر أمام المعابر ويمنع دخول المساعدات وذلك يقيد حرب الإبادة بالتجويع ضد "مجهول" وليس الكيان ولا نظام عربي.
تسمية الأشياء بمسمياتها هو أن الكيان الصهيوني يريد إبادة الشعب الفلسطيني والتجويع بين أسلحته لتحقيق هذا الهدف، فيما الكثير من الأنظمة متواطئة في هذه الإبادة وتريد أي عمل ظاهري ودعائي لا لتبرئة ذاتها فقط بل لتقديم نفسها أنها المتضامنة والحنونة وذات "حنية" لا حدود لها تجاه الشعب الفلسطيني وقد سمح لها أمريكياً أن تستلهم من بيانات الشجب والتنديد العربية بعد أول "كامب ديفيد" وهكذا، فهذه الجامعة تتكلم العربية في عهد عمرو موسى وعصمت عبدالمجيد حتى أبو "الغائط"، ولكنها في الأفعال والتفعيل أمريكية وبالتلقائية والتبعية "عبرية".
يتداول عن الرئيس المصري الأسبق مبارك أنه وبعد ما عرفت بثورة 2011م في مصر قال "إن المتغطي بأمريكا عريان" وهذا ما ينطبق أوضح وأكثر على هذه الأنظمة العربية في ظل إبادة جماعية متواصلة للشعب الفلسطيني، فالأنظمة سارت في التخريجة الأمريكية -"الإسرائيلية" لتقديم المساعدات بالإنزال الجوي على أساس أن ذلك يجنبها التعرية، ولكن ذلك فضحها "عريانة" وأفقدها حتى القدرة على ستر عوراتها حتى بورقة التوت.
لقد أصبحنا نعرف تواطؤكم، بل وإنكم أوطى من التواطؤ، وكان يكفي بيانات وزارات الخارجية الشاجبة المنددة ولم تكونوا أنتم ولا نحن لهذه البهذلة المذلة والمهزلة المخزية في ما تسمى مساعدات بالإنزال الجوي، فهذا لا يؤكد شيئاً من أوهامكم أو في مخيلتكم بقدر ما يدينكم كشركاء لـ"إسرائيل" وأمريكا في الإبادة الجماعية، ولعلكم لا تعرفون ولا تعون ما يسببه ذلك من غثاء وغثيان لنا يختلط بمرارات الحزن.
المهم ليس ما قاله مبارك كخلاصة واستخلاص من تجربة طويلة، ولكن الأهم هي التجربة ذاتها، وماذا يفيد هؤلاء الحكام والأنظمة حين يصلون كحتمية إلى الاستخلاص المرير لـ"مبارك" وماذا يفيدنا استرجاع له أو تذكير به كما حالة "مبارك".
بالمناسبة فمبارك من هذا التموضع طرد السفير "الإسرائيلي" وإن كان ذلك مسرحية فهي مسرحية مباركة ومقبولة، ومثل هذه المسرحية أفضل من غث وعبث يسمى إنزالا جويا للمساعدات.
لا أستطيع تصديق أننا وصلنا إلى زمن لا تستطيع فيه أنظمة عربية أن تمارس ذات موقف جنوب إفريقيا أو البرازيل رفضاً لهذه الإبادة الجماعية المستمرة المتواصلة للشعب الفلسطيني الذي يحمل مظلومية غير مسبوقة في التاريخ البشري، ولذلك فتوصيف "التواطؤ" لم يعد ليفي ولا يكفي ولكنا تجاوزنا حاجية استعمال للأبعد والأعمق وكل ما نطلبه هو تجنيبنا المزيد من الغثاء والغثيان في أسذج وأسوأ مسرحية لما يسمى "إنزال جوي".
دفع كندا الدور في "مسرحية" لا يضيف غير المزيد من البله والبلاهة ولا يعطي غير المزيد من الغثاء والغثيان، وعما قريب ستنضم أمريكا لأن هذا التفعيل هدفه تطويع وتركيع شعوب المنطقة، وهنا فقط وعند الخروج من عنوان المساعدات والشعب الفلسطيني يصبح لهذا العمل والتفعيل قيمة مرحلية أو حتى استراتيجية.
فحين التفكير فإن هذا العمل والتفعيل لم يعد هدفه أن يربط أو يرتبط فقط بالتطبيع بل يسعى للوصول إلى كامل الخنوع والتركيع لأمريكا والصهيونية.
فهو عمل يدفع للغثيان والغثاء إن ركزنا على سقفه العربي الخانع والأكثر بلادة وتبلداً في العالم، أما حين نقتحم أفقه وسقفه الأمريكي الصهيوني فهو تفعيل العداء بما هو أشد من الحروب ومن مأساة لأنه من خلال الأنظمة يستهدف الشعوب لإيصالها إلى كامل الخنوع والتركيع!

أترك تعليقاً

التعليقات