مـقـالات - يسرية الشرقي

صيام في الجنة

يسرية الشرقي / لا ميديا وكأن السماء تبكيهم ملبدة بالغيوم. صنعاء منذ ذلك اليوم وللمرة اللامتناهية يعاود من لا يحملون الضمير الإنساني قصف المدنيين في صنعاء. وكعادتهم في انتهاك كل حرمة وانتزاع أرواح الأبرياء من مرقدها هاهم يعاودون القصف مجدداً ودون أي مبرر. فقط مجرد أعذار وحجج واهية. في صباح يوم السادس عشر من مايو 2019 عاود الجبناء قصف الآمنين في منازلهم، وفي وضح النهار، وفي الشهر الحرام، وفي منطقة مأهولة بالسكان، منطقة مدنية بكل الاتجاهات. أين هي صواريخ الحوثي أو الأسلحة الثقيلة أو حتى الخفيفة؟! أين وجدوا ما يهددهم أو يقلق راحتهم؟! هل كانت تلك الصواريخ في بطانية تلك الطفلة البريئة؟! لا أظن تلك البطانية كافية لاحتواء صواريخ بالستية ولا حتى قاذفات صواريخ! ربما راودتهم الشكوك بأن ما يبحثون عنه قد يجدونه في طيات أحلام أولئك الأطفال بكسوة العيد التي لم يستطيعوا بعد أن يشتروها....

بين إرهابين!

يسريـة الشرقـي / لا ميديا - منذ اشتداد العدوان والحصار المفروض على اليمن من قبل من يسمون أنفسهم التحالف العربي الذي يضم أكثر من 17 دولة عربية وأجنبية اتحدت بكل قواها العسكرية والمالية للقضاء على ما تسميه "الخطر الحوثي" (أنصار الله)، ذلك الشبح الذي يطاردهم في كل جبهات القتال... فإنهم في واقع الأمر لا يقتلون سوى الأطفال والنساء ومن لا حول لهم ولا قوة، ومن لم يمت بطائراتهم مات جوعاً، وهذه هي أعظم انتصاراتهم الواهنة، وربما هذا كل ما يسعون لتحقيقه. في بداية الحرب اللعينة أطلقت الأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي صافرات الإنذار من خطر الموت جوعاً الذي يحدق بنسبة كبيرة من سكان اليمن...

دماء الأبرياء ستغرقكم

يسرية الشرقي / لا ميديا - ها هي تصحو باكراً كعادتها كل يوم، حاملة معها رغيف خبز لتتشاركه مع صديقاتها في باحة المدرسة، بينما أخرى تحلم بقطعة سكاكر تهديها لها معلمتها لأنها حفظت النشيد الوطني، وثالثة تسرع الخطى شوقاً لتقديم الإذاعة المدرسية، تلك هي أحلام بعض فتيات مدرسة الراعي في سعوان، أحلام اغتالتها صواريخ الموت دون إنذار مسبق. لازلت تلك الطفلة تبحث عن كتابها بين الركام المتطاير، وتنفض الغبار عن صديقتها بعد أن أغشي عليها من الخوف، تتفقد أصابعها وتتلمس وجهها البريء خوفاً من أنها ربما فقدت شيئاً وسط كل هذا الموت المحلق في سماء المدرسة، بدأت تبحث عن باقي صديقاتها، كل شيء من حولها أصبح بلا ملامح. كعادتها الصواريخ الغادرة تضرب دون حياء أو مراعاة لأي جانب إنساني، فقد نزعت من القتلة كل القيم الإنسانية والأخلاقية....

عُمرة وسط الركام

يسرية الشرقي / لا ميديا - في ليلة الـ25 من شهر مارس عام 2015 في العاصمة صنعاء، بدا كل شيء على ما يرام. لم يتبق سوى سويعات على الرحلة. كانت السعادة تغمر بيتنا البسيط، ما زلت أتذكر جيداً ضحكة أبي وفرحته الغامرة في تلك الليلة، ظننت أنه لن يستطيع النوم من شدة السعادة التي رأيتها في عينيه الحنونتين. أمي تقف عند باب الغرفة وبيدها فنجان القهوة الخاص بأبي، بينما كنت أنا أتأمل تفاصيل حياتنا الجميلة بكل حب وتفاؤل. راجعت أمي كل التجهيزات، لتتأكد أنها لم تنسى شيئاً. الحقائب بالقرب من الباب. تذاكر الطيران، ووسادة السفر أيضاً. جميعنا وبكل شوق ولهفة على أهبة الاستعداد للرحلة إلى مكة المكرمة لأداء مناسك العمرة. نام الجميع بسلام تلك الليلة، لم يتبق أحد...

  • <<
  • <
  • ..
  • 6
  • >>