الفرق بين المعارضين الإيراني والسوري
- نارام سرجون السبت , 21 يـونـيـو , 2025 الساعة 12:56:42 AM
- 0 تعليقات
نارام سرجون / لا ميديا -
في إيران، المعارض يدخل السجن، يُمنع من السفر، يُراقب تنفّسه؛ لكنه حين يرى طائرات العدو في السماء، لا يصفّق، لا يكتب تغريدة يقول فيها: «الحمد لله، أخيراً سيُقصف مفاعل قم»، لا يتمنى أن تُباد بلاده لكي يسقط النظام.
يُغلق فمه، يشدّ على قلبه، ينسى جلاده للحظة، ويتذكّر أمه وهي تضعه على تراب هذا البلد، يقول: لسنا جمهورية مثالية؛ لكننا لسنا مزرعة «إسرائيلية»... هكذا ببساطة، المعارضة هناك بأغلبها؛ من لحم البلاد.
أما في سورية، فالمعارض -إلا من رحم ربي- كان يوماً ضيف نشرة الأخبار، ثم أصبح مراسلاً حربياً من فنادق قطر، ثم أصبح خبيراً استراتيجياً في شؤون ضرب وطنه... كتبَ آلاف المرات: «اضربوا»، ولم يكتب مرة: «كفى». طالب بالتدخل، لا بالمصالحة. صفّق للقنابل الذكية، ورقص على أنقاض بيته؛ لأنه كان يكره «من يسكن الطابق العلوي».
في طهران، الاختلاف مع النظام معركة داخل البيت. في دمشق، الاختلاف مع النظام صار بيع البيت بما فيه: الحائط، النافذة، والجدة التي لم تتحرك منذ النكسة.
المعارض الإيراني يكتب ضد السلطة؛ لكن حين تأتي «إسرائيل»، لا يكتب ضد بلاده. المعارض السوري يكتب ضد كل شيء، حتى ضد نفسه، حتى ضد الحذاء الذي تركه والده في البيت قبل أن يموت من الحسرة.
صاروا يفتّشون في دفاتر التاريخ عن مبررات للتطبيع، عن صكوك غفران لـ»تل أبيب»، عن جثث يبيعونها في المزادات العلنية، ويقولون: «هذا واقعي، هذا استثمار».
أي استثمار يا ابن المنفى؟! هل نبني المصانع فوق مقابر غزة؟! هل نعلّق البورصة على أنفاس الجنوب السوري؟! هل نصدّر زيت الزيتون من الجولان إلى «تل أبيب» ونسمي ذلك تنمية؟!
يا لعاركم! حتى الخيانة صارت لديكم سياسة عامة! حتى القتل صار وجهة نظر! حتى الدم صار فرصة عمل!!
في إيران، السجون تملأ القلوب بالخوف؛ لكن القلوب تبقى متجهة نحو البلاد. في سورية، السجون خرّبت كل شيء، حتى بقي لنا معارضة بلا قلب، بلا ذاكرة، بلا رائحة.
المعارض هناك يحلم بوطن حرّ. المعارض هنا يحلم بختم من السفارة «الإسرائيلية»، يحلم أن يلتقط سيلفي مع وزير خارجية العدو، ويقول للعالم: «أنا المستقبل»!
أيها المستقبل، إذا كنت هذا الذي نراه، فدعنا نرجع إلى الماضي، إلى زنزانة فيها قهر... لكن ليس فيها خيانة.
المصدر نارام سرجون
زيارة جميع مقالات: نارام سرجون