مصر جائزة الترضية.. فهل تنتفض؟
- ميخائيل عوض الأربعاء , 23 يـولـيـو , 2025 الساعة 1:20:59 AM
- 0 تعليقات
ميخائيل عوض / لا ميديا -
1
حيثُ تميلُ أشرعةُ مصرَ، تجري سفينةُ العربِ والمسلمين. البحرُ هائجٌ، والعاصفةُ تشتدُّ. مصرُ في عينِ العاصفةِ. حقيقةٌ لا يختلفُ عليها اثنانِ عاقلانِ.
بعدَ غزوِ بغدادَ وتدميرِ دولتِها وجيشِها، وليبيا والسودان، وسقوطِ النظامِ السوري، وتدميرِ اليمن، وتوجيهِ ضربةٍ كاسرةٍ للمقاومةِ في لبنان، ولإيرانَ في عقرِ دارِها، لم يَبقَ إلّا مصرُ والجزائرُ.
2
الجزائرُ مستهدفةٌ، ويتمُّ التحرشُ بها بين فترةٍ وأخرى. وقد احتوتْ محاولاتِ تدميرِها منذ ثمانينياتِ القرنِ المنصرمِ في «العشريةِ السوداءِ»، وتبقى العينُ عليها، ولو أنها بعيدةٌ عن خطِّ الاشتباكِ في فلسطينَ، والعبثُ بها يتبع إسقاطَ مصرَ.
3
في مصرَ حراكٌ، وحاجاتٌ، وأحداثٌ تضعُها على المقصلةِ، وكأنَّها باتت الأولويةَ.
قَطيعةٌ مع ترامب، وانكفاءٌ خليجيٌّ عن تمويلِها بأوامرَ ترامبيةٍ، وتغرقُ باللاجئين، والمنظماتُ الدوليةُ تقنِّنُ المساعداتِ، وأمريكا أوقفتْ تمويلَ الـ(NGOs)، وتهديدٌ بوقفِ المساعداتِ الأمريكيةِ «المسمومةِ» المنصوصِ عليها باتفاقِ «كامب ديفيد».
ترامب ونتنياهو مصممانِ على تهجيرِ الغزيِّينَ إلى سيناء، ومخططُ إقامةِ مخيمِ الجوعِ على حدودِها، وإضاحةُ أهدافِه، كما تجويعُ غزةَ لانفجارِها في وجهِ الحدودِ المصريةِ. كلُّ المقدماتِ باتتْ شبهَ جاهزةٍ.
4
منذ أيامٍ، خرجَ فيلم لجماعةِ «حسم» للإخوانِ المسلمين، هدَّد فيه المسلحون وتوعَّدوا، فقد أُعلِنَتِ الشرارةُ، وقد تمَّ القبضُ على عناصرَ من الخليةِ، وأعلنتِ الداخليةُ أنَّ التخطيطَ كان لاغتيالِ السيسي بإسقاطِ طائرتِه، واتهمتِ البياناتُ المصريةُ الإخوانَ وتركيا من خلفِهم.
واتهامُ تركيا يبدو مقدمةً لعودةِ الصراعِ الذي تم تبريدُه بمبادرةٍ من أردوغان قبل احتلالِه سورية، للتطمينِ وأخذِ مصرَ غدراً في إقليمِها الشمالي وأمنِها القومي.
العلاقاتُ الإيرانيةُ - المصريةُ تجري عمليةَ تطبيعِها، وتزيد احتمالاتُ تعميقِها وإعادةِ نظمِها استراتيجيّاً، فعلى عكسِ تركيا، إيران لا تستهدفُ مصرَ ولا تتضررُ من عودتِها فاعلةً، بل تكسبُ وتُسهِمُ في إعادةِ ضبطِ توازناتِ الإقليم.
ومصرُ بعد مصالحةِ ابن سلمانَ والإيرانيين، ليس عليها لومٌ إن صحَّحتِ العلاقةَ وطوَّرتْها.
اليومَ، أصدرتْ عشائرُ سيناءَ العربيةُ (انتباه! لا العشائرُ السوريةُ المتهمةُ بأنَّها عربيةٌ وتقاتلُ في السويداءِ بأوامرَ تركية؟!) أصدرتْ بياناً حادّاً، ويحملُ الكثيرَ من الدلالاتِ والمؤشراتِ، فطالبتْ بإغاثةِ أهلِ غزة، وناشدتِ الدولةَ والعشائرَ المصريةَ والعربيةَ، وأعلنتِ استعدادَها وقدرتَها على تأمينِ غزةَ ومرافقةِ القوافلِ، وطالبتِ السلطةَ بفتحِ معبرِ رفح.
أولُ بيانٍ وإعلانٍ بهذه الاحترافيةِ والجرأةِ وإعلانِ مسؤوليةٍ وتطوعٍ!
5
من زوايا أُخرى، فمصرُ مأزومةٌ ماليّاً، واقتصاديّاً، واجتماعيّاً، و»يبيدونُها»، والتضخمُ كبيرٌ.
قبلَ وقتٍ، أشارتْ تقاريرُ وصحفٌ إلى تحولاتٍ في الجيشِ ومخاوفِه ونقاشاتٍ بين قادتِه والمؤسسةِ العسكريةِ. ومن المفترضِ أنَّها تسلَّحتْ حتى الأسنانِ، وسلاحُها صينيٌّ وروسيٌّ، وأُجريتْ مناوراتٌ مشتركةٌ صينيةٌ مصريةٌ.
وكلتاهما (روسيا والصين) تحتاج إلى أحداثٍ لتخفيفِ الضغوطِ، ولإشغالِ أمريكا وحلفِها، وأفضلُ ساحةٍ ومسرحٍ: مصرُ، والصراعُ العربيُّ - «الإسرائيلي».
6
معطيات الواقعِ وحاجاته والتحولات تبدو وافرةً لتحولٍ ولنقلةٍ موضوعيةٍ، ومؤشراتُها تتقاطرُ، إنْ جرتْ ستغيِّرُ أشرعةَ السفينةِ العربيةِ والإسلاميةِ، وتُخرِجُها من العاصفةِ مسيطرةً وقادرةً.
فهل تفعلُها مصرُ؟
مرَّةً بعد الألفِ: مستقبلُ ومصيرُ مصرَ وفلسطينَ والعربِ والمسلمين، بل والتوازناتُ العالميةُ، الآنَ، بيدِ مصرَ، والقرارُ لها، إنْ عرفتِ الفرصةَ والحاجاتِ والواقعَ وتوازناتِه، وفعلتْ دورَها، سيتغيرُ كلُّ شيءٍ.
بانتظارِ ما سيكونُ، وقد يكونُ القرارُ تاريخيّاً، وتعودُ مصرُ.
المصدر ميخائيل عوض
زيارة جميع مقالات: ميخائيل عوض