يسرية الشرقي

يسرية الشرقي / لا ميديا -

السفر وحكايات سندباد والمستكشف كولومبس كانت ولازالت أحد أحلامي الصغيرة، ككل إنسان حر كنت يوميا أحلم ذلك الحلم الذي لم يفارقني ولو للحظة بأن أجوب العالم وأتنقل بين المدن الساحرة، ما بين باريس التي تعلمت لغتها، وبين دول أوروبا التي طالما أحببت حضاراتها المتعددة. وسط كل هذه الأحلام صحوت في ليلة سوداء على واقع أشد قسوة من عدم تحقق أحلامي، وهي الليلة التي فُرض فيها القصف والحصار على بلادي، في تلك الليلة شعرت أن سفني تتحطم وأجنحة طائرتي الورقية تنحني وتوشك أن تقع.
على مدى 5 سنوات وحتى هذه اللحظة التي أكتب فيها كلماتي، أشعر بأنني مقيدة ومحرومة حتى من حقي في الحلم وتحقيق الأحلام، وفي كل مرة كنت أشعر فيها بالحصار وأرى الكثير من الحالات المرضية التي تتطلب السفر لتلقي العلاج محرومة هي أيضاً من حقها في الحياة وتصارع الموت كطير وقع في يد صياد جائر، كنت فقط أتمنى أن يصحو الضمير الإنساني ويشعر بما نعانيه، وتمنيت في قلبي بسبب شدة الألم أن يعيش العالم ما نعيشه ولو لأسبوع واحد.
حين تمنيت هذه الأمنية لم أكن أعنيها حقا، ولكنني اعتقدت أنها الطريق الوحيد الذي سيجعلهم يدركون ما نحن عليه، وها هو العالم اليوم يعيش ما نعيشه منذ أكثر من 5 سنوات، وكل ما نحياه من خوف على الأحبة في كل لحظة، حصار وأزمة اقتصادية خانقة، عاجزين وما في يدنا حيلة، هم الآن يعيشون ما عانيناه ولانزال نعانيه، بل إن ما يعيشونه الآن، وهم لايزالون في مرحلة الصدمة، ليس إلَّا جزء يسير مما عاناه أصغر طفل في بلادي.
حين توقفت لأتحدث مع نفسي إن كنت أشعر الآن حقا بالرضى من تحقق أمنيتي اليائسة، وجدت قلبي مكسوراً أشد الانكسار، ولم أستطع أن أفرح لما ألمّ بالعالم، ولو أن الدواء في متناول يدي، أو أني أمتلك حيلة لأخفف من معاناة الناس، لما ترددت للحظة، فأنا كأي مواطن يمني قلوبنا مفعمة بالحب والرحمة.. نعم على الرغم من أن العالم تركنا نحتضر دون أن يحرك ساكناً على مدى الأعوام الماضية وحتى اللحظة، لكنني الآن أتمنى أن يفرج الله كرب العالم ويعيد المياه إلى مجاريها ويشفي كل إنسان ويحفظ له أحباءه، وإن باعوا ضمائرهم ومشاعرهم الإنسانية، فأنا كواحدة من أبناء وطني لازلت أحمل قلب وضمير الإنسان اليمني النقي الذي عُرف بسماحته وكرمه، على أمل أن يشعر هؤلاء بما نحن عليه حين ترد إليهم الروح من جديد، فربما يصحو ضميرهم الإنساني من جديد، فيصبح كورونا هو حقا من يحيي الضمير العالمي.

أترك تعليقاً

التعليقات

عبدالرحمن عايض
  • الخميس , 26 نـوفـمـبـر , 2020 الساعة 5:36:06 AM

كلماتك تلامس القلب لانها الاقرب الى الحقيقه معانات الشعوب هي افضل الاسباب لزيادة ارصدتهم بالبنوك لذاك من مصلحتهم بقاء شعوب ودول بهذه الحاله لانه اذا عم الامن والسلام العالم فلاداعي لوجودهم او بالاصح سيتم الاستغناء عن بعضهم او تخفيف الانفاق عليهم