حاوره: طلال سفيان / لا ميديا -
علي قشر، الإنسان المفكر والتهامي الفلاح واليمني الأصيل المتشرب بثقافة الإيمان.
مناضل ثوري ومجاهد لم تلهه الحياة الحزبية والسياسية والوظيفية عن أداء واجباته تجاه قضية الوطن.
طلقة تصيب عين القلب وعقل الحقيقة بهوية إيمانية متفردة.
صحيفة «لا» زارت هذا القامة التهامية اليمانية في منزله بمدينة الحديدة وأجرت معه حواراً راجلاً على السجادة الحمراء.

تنفسوا الصعداء
 من هو علي قشر الإنسان والمفكر والموظف والسياسي؟
 علي أحمد قشر إنسان تهامي يمني بسيط، مواليد قرية الزهرة مركز مديرية الزهرة بوادي مور محافظة الحديدة، أنتمي لأسرة فلاحية، والدي بنى مسجداً في القرية وفيه درست الفقه، وثم انتقلت إلى مدينة الحديدة لدراسة الثانوية، وإلى صنعاء للتحصيل الجامعي وكذلك إلى عدن ودمشق. خريج بكالوريوس فلسفة وعلم اجتماع، وحضرت ماجستير في الاجتماع السياسي، وأحضر الآن دكتوراه في هذا المجال، وتدرجت في الوظيفة الحكومية حتى وصولي إلى منصب وكيل محافظة.
في العمل السياسي التحقت بحركة التحرر الوطني مبكراً وتحديد عام 1976 حينما كنت صغيراً، وكنت عضوا في أشيد (اتحاد شباب اليمن الديمقراطي)، وتدرجت حتى وصلت لعضوية اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، فقد كنت في الحزب الديمقراطي الثوري اليمني إبان حركة التحرر الوطني، وكان يتواجد حينها عدد من الأحزاب اليسارية كحزب العمل وحزب اتحاد الشعب والطليعة الشعبية والمقاومين الثوريين قبل أن يتم توحيدهم في حزب الوحدة الشعبية في شمال الوطن أو الحزب الاشتراكي اليمني في جنوب الوطن.

أفكار الدين المحمدي يسارية
  كيف تقيم تجربتك في اليسار؟ وهل مازلت على هذا النهج؟
  أنا هذا اليساري الذي لا ينكر لونه، ومازلت أنتمي له حتى اليوم وأعشق أفكاره. أنا أعتبر أن الدين المحمدي الحقيقي القرآني هو يساري، فعندما ننظر إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله، عندما وصل إلى يثرب كيف حلق بمشعل النور والهداية والتنوير صانعاً أول مجتمع مدني وسط عالم كان يعيش في الظلام.
حقيقي لا نستطيع أن نحكم على اليسار بالخير أو الشر، وإنما تظل هي تجربة يجب أخذها في الاعتبار، ولها نجاحاتها ولها إخفاقاتها سواء في الوطن العربي أو في بقية بلدان العالم.

النهج الصمادي سيعم اليمن
  لكن هناك حزبيين ومثقفين خانوا الوطن والتحقوا بالعدوان الأمريكي الصهيوني السعودي الإماراتي على بلدهم اليمن؟
 ما قبل العدوان على الوطن ومعه سادت لحظة لانقسام النخب السياسية والثقافية إلى ثلاث، جزء منهم استطاعت المخابرات الأمريكية الصهيونية والرجعية أن تستقطبهم وتعمل لهم أشكالاً دكاكينية كالمنظمات والمؤسسات وغيرها، وجاءت اللحظة التي يقفون مع هذا العدو، وجزء منهم في فترة التسعينيات وحتى العام 2011 ذهب مع بعض الأنظمة القومية، وجزء آخر وهم الصادقون بقوا على أرصفة الشوارع أو في الحانات أو أصبحوا مجانين، وهناك من عادوا للذات واستطاعوا الحفاظ على أنفسهم رغم العوز.
منذ زمن لم نجد في اليمن أو الوطن العربي عملية سياسية حقيقية، فالأنظمة كانت استبدادية وصنيعة أمريكية منذ الثمانينيات، إذ عملت هذه الأنظمة على تفريخ الأحزاب وقتل العملية السياسية، وأصبحت هذه الأحزاب عبارة عن دمى فارغة ليس لها علاقة بالواقع ولا بالمجتمع ولا تحريك المجتمع، وهذا التراكم هو الذي أنتج نخباً سياسية وثقافية ذهبت وتوجهت بالريموت كونترول والدولار للوقوف مع عدو إمبريالي وصهيوني ورجعي ضد بلدها.
على أي سلطة حاكمة أن تخلق معارضة حقيقية، وأنا أدعو أنصار الله إلى خلق معارضة قوية لأنها الوجه الآخر لهم، يجب أن نحافظ على هذا البلد لأننا نمر بمرحلة شديدة الخطورة وأيضا سنمر بعد هذا العدوان بمرحلة بناء الدولة، وهذا ما وعد به السيد عبدالملك رضوان الله عليه، نحو مستقبل بناء الدولة المدنية السيادية المتطورة ذات المقومات الحقيقية، وهذا أيضاً كان يقوله الرئيس الشهيد العظيم صالح الصماد سلام الله على روحه، بوضعه مبدأ «يد تبني ويد تحمي»، وتبنيه نهجاً قائماً بسلطة للشعب بقوله: «نريد دولة للشعب وليس شعباً للدولة»، وهذا ما سنراه غدا في اليمن من شماله إلى جنوبه، لأن أصحاب المشاريع الصغيرة كالجماعة التي تطلق على نفسها شرعية وانتقالي ومن التحق بهم هي جماعات رعاها المستعمر ولا يمكن لها أن تنمو وتتطور، بل هي والعدوان إلى زوال.

دراسات عن التصوف والفن
  لديك عدد من الكتب والدراسات عن الموروث التهامي؟
 نعم لدي عدد من الكتب والدراسات. لدي دراسة عن التصوف الإسلامي في شمال تهامة وكتابان عن «فن الطارئ»، وهو لون شعري يبدأ من وادي مور ويمر عبر مناطق عبس وجيزان وتهامة عسير بشكل عام، وكتاب عن «الفلكلور ورقصة الدمكة وشعراء وادي مور ورقصة الفرساني والمغازي»، وعندي كتاب في طور الإعداد عن «نظرية المعرفة لدى السيد حسين بن بدر الدين الحوثي» وسأستكمله قريبا بإذن الله تعالى.

حماية هويتنا الثقافية
  كيف نحافظ على التراث التهامي واليمني من هذا الاستنزاف؟
 بإحياء الفلكلور والتراث بنوعه الحي، بخاصة في الأزياء واللهجات والفن المعماري والشعر، عندك في تهامة وحدها 33 لوناً شعرياً ورقصة، هذه هوية ويجب أن نحافظ عليها. أيضاً الفكر الصوفي سواءً الموجود في تهامة أو حضرموت وتعز، وفي كثير من مناطق الوطن لا بد من الحفاظ عليه. نحتاج إلى مؤسسات لحماية هويتنا الثقافية وتنوعها الكبير حتى نستفيد منها اليوم في ظل هذا الزخم الثوري، وخصوصاً مع المسيرة القرآنية، ففكر كفكر الشهيد القائد المؤسس لهذه المسيرة السيد حسين بن بدر الدين الحوثي، هو قائم على الفكر وليس المذهب، وقائم على مفصليات وأساسيات الدين وهي العدل والحرية والمواطنة المتساوية، فكر إنساني يدعو للحفاظ على الهوية، فكر لم يتقوقع، بل فاق الزمن والمكان والطائفة، ومن بعده السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي، حامل لواء هذا الفكر اليوم وأيقونته، ونحن لم نعرف قدر هذه الشخصية والفكرية السياسية والعسكرية والاقتصادية حتى الآن.
ثورة 21 أيلول/ سبتمبر التي قادها السيد القائد حفظه الله هي اليوم الأقدر على الحفاظ على موروث اليمن وهويته الثقافية من مطامع العدو الأمريكي الصهيوني والماسونية العالمية وكياناتهم الصحراوية كالسعودية والإمارات التي تفكر منذ زمن بعيد باحتلال هذا الوطن الذي يزخر بثرواته الطبيعية وهويته الوطنية والثقافية التي يريدون أن يمسخوها من الوجدان.

تهامة تعشق هذا الرجل
 ما هو سر الارتباط والحب الوثيق بين الصماد والإنسان التهامي رغم أن العدوان وأدواته حاولوا شق هذا الارتباط؟
 أولاً من حاول اللعب على وتيرة إعدام الخلية المتآمرة مع تحالف العدوان بقتل الرئيس الصماد وبث مقولات تستجدي الحنق التهامي، هم أناس استمرؤوا أن يكونوا في المستنقع وفي وحل العمالة والارتزاق. اليمنيون والشهيد الصماد واحد منهم طرزوا بدمائهم الطاهرة دروب المجد والثورة. الرئيس الصماد كان له علاقة بأهل تهامة البسطاء، وكل أبناء تهامة يحبون هذا الرجل ويتصلون معه إلى درجة التوحد، الشهيد العظيم والرئيس الخالد تنقشت بدمائه الطاهرة عروس البحر الأحمر، وفاء من الرئيس الشهيد لأبناء الساحل يقابله وفاء غير عادي من أبناء تهامة، فدماؤه الزكية هي التي حركت أبناء تهامة لمواجهة وقتال هذا العدو الغاشم عدو اليمنيين وعدو المسيرة القرآنية وثورة 21 أيلول/ سبتمبر المجيدة.

وسام فخر واعتزاز
  أنت مجاهد ووالد شهيد ووالد أبن جريح، من أين استمددت هذه العزيمة في مواجهتك للعدوان على الوطن؟
 أعتبر استشهاد ابني دفاعاً عن الأرض والعرض، وساماً أفتخر به وأتباهى به أمام الآخرين بشكل كبير جداً، فهو من وهبني وسام شهادته، ويكفيني أن الله استخلصه بهذه المنزلة العظيمة، ويكفيني أنه الآن مع الشهيد حسين بن بدر الدين الحوثي، ومع الشهيد صالح الصماد، ومع كوكبة الشهداء الذين ارتقوا هذا المجد والشرف دفاعاً عن كرامة وحرية وسيادة اليمن. أنا وأبنائي الخمسة مشاريع شهداء فداء للوطن ولهذه المسيرة العظيمة. كل الشهداء هم أبنائي وليس فقط ولدي الشهيد ماجد (أبو حمزة)، أنا واحد من المجاهدين وأرى نفسي مشروع شهيد، وإن كانت مهنتي ليست البندقية بل هي القلم، وإذا كانت الرصاصة تصل إلى شخص فالقلم يصل إلى الملايين، وأنا في كل وقت أمتهن الكلمة الحرة الصادقة مع هذه المسيرة القرآنية العظيمة، وأتمنى أن أصلي في القدس خلف القائد العظيم السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي وسماحة السيد حسن نصر الله، وهذا وعد إلهي، وأبشر اليمنيين والمسلمين أننا سنصلي في القدس خلف هذين القائدين العظيمين.

ثنائية القلم والسلاح
  كيف حال الثقافة اليوم في محافظة الحديدة؟
 الثقافة اليوم تعيش في محافظة الحديدة في ظل المسيرة القرآنية، ثقافة الالتحاق والتمترس في جبهات الدفاع عن الوجود وعن الوطن. ثقافتنا اليوم بالصوت والقلم والسلاح، وهي المتراس الحقيقي للنضال والجهاد. نحن أمام عدو خبيث وبشع ممثلاً بالأمريكي والصهيوني والبريطاني والفرنسي وأدواتهم الوظيفية البترودولارية المتمثلة بدول الرجعية في الخليج، كما سُعدت وأنا أرى المقاتل اليمني وهو يقول لذلك الجندي التابع لبني سعود: «سلم نفسك يا سعودي»، وأنا قلت لهذا السعودي: «إن امرأة تنتظرك بيدها عباءتك وتقول لك لا بدي غترة ولا عقال، أنا بدي رجال مثل يماني يوم قتال»! هكذا هو اليمني العظيم مهد الحضارة الضاربة في التاريخ ومهد البسملة، اليمني الذي أشعل التنوير للإنسانية، ومازال الناس يتكلمون عن المرتضى الزبيدي، حينما كان العالم لا يعرف الكلمة وفك الخط، عرفوا ابن الديبع والخزرجي والكثير من عظماء اليمن. مازالت سمرقند التي بناها شمر يهرعش حاضرة، ومازالت أبواب فرنسا تتذكر الغافقي، ومازالت مقولة الرسول الأعظم محمد صل الله عليه وعلى آله وسلم حاضرة وهو يرسل سيدنا الإمام علي عليه السلام إلى صنعاء: «لن ينتصر الإسلام إلا باليمنيين». نحن كعرب كانت أزمتنا هي العقل والنص، واليوم كيمنيين وأحرار مع ثورة أحيت الفكر والقرآن على يد الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، ونحن اليوم مع قائد عظيم هو السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي الذي انتصر للعقل وفكر وثقافة الدفاع عن السيادة والكرامة. نحن اليوم في مرحلة الحسم على العدو المستعمر والانتصار لجامع الفازة وللتراث والهوية والثقافة الإسلامية، متجاوزين كل ثقافات العصبية والمناطقية والطائفية التي كانت نتاج مشاريع استخبارية للعدو، بعد انتصار مجاهدينا على العدو وجعل مرتزقته ينسحبون من معظم مناطق الساحل الغربي سنكمل تحرير مأرب وكل شبر من أرض وطننا الأغلى.
 ارتبطت بعدد من الرموز الأدبية في الوطن العربي. حدثنا عن هذا الارتباط ومن كان أبرزهم؟!
 أنا عضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين منذ الثمانينيات، وعرفت الكثير من الأدباء في هذه المؤسسة التي توحدت قبل توحيد شمال الوطن وجنوبه، وتشرفت بمعرفة الكثير من الكتاب الذين أسهموا في الحياة الثقافية على مستوى الوطن والعالم العربي، ومنهم إسماعيل الوريث، والسيد عبدالرحمن الأهدل، وعمر الجاوي، ويوسف الشحاري، والربادي، والكثير الكثير سواءً ممن رحلوا عن دنيانا أو مازالوا على قيد الحياة.
كذلك تعرفت على الكثير من الأدباء العرب، كالشاعر الجواهري عندما زار صنعاء، وتعرفت عن قرب على محمود درويش وأدونيس وسعدي يوسف خلال زياراتهم لعدن، كما التقيت أثناء زياراتي للعديد من الدول العربية بالشاعر العراقي مظفر النواب في دمشق، والشهيد ناجي العلي ريشة المقاومة الفلسطينية والمعاناة العربية.
  كلمة في ختام الحوار أستاذ علي قشر؟
 أرفع القبعة للجيش واللجان الشعبية وأحييهم بكل تقدير، وأحيي قائد الثورة وأقف إجلالاً لهذا الأيقونة والقائد العظيم، وأحيي الشعب اليمني الصامد شعب الإيمان والثبات، وسلام لهذا الشعب الذي قال «لا» لأمريكا، وأحيي «لا» الصحيفة الكلمة والطلقة في وجه العدوان.