تذهلك في ردودها المقتضبة، ولأول وهلةٍ تكتشفُ أنك أمام إنسانةٍ من طرازٍ فريد، إنسانة بكل ما تحملُ الكلمة من معانٍ إنسانية تميزت بها.. يخجلك تواضعها الجم وهي تستقبلكَ بحفاوةٍ وترحاب في منزلها الأنيق... برنامجها اليومي حافل بمتابعةِ القضايا الإنسانية والأحداث اليومية، وهي ضمن وزراء حكومة الإنقاذ الوطني التي أعلنت بعد إعلان المجلس السياسي الأعلى. تتمتع برجاحةِ عقلٍ وحس وطني كبير، هي ابنة المناضل فيصل عبداللطيف الشعبي، رئيس وزراء دولة اليمن الديمقراطية في السبعينيات.. التقتها (لا) ودردشت معها في قضايا الوطن وما يعانيه في ظل حصارٍ وعدوانٍ لا مبرر لهما، كما تحدثت في سياق حوارنا معها. تراهنُ على أن الحزب الاشتراكي سيعلو صوته وإن كان خافتاً، وأنها وإن كانت تقف على الحياد في كل ما يحصل بالداخل، إلا أن لها موقفاً واضحاً وصريحاً من العدوان... تفاصيل أكثر في هذا الحوار الخاص مع معالي وزيرة حقوق الإنسان، علياء عبداللطيف الشعبي..
اطلاع الأمم المتحدة بما يحدث
أثمرت جهودكم بشكلٍ واضح في تقارير وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين، ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن ماكغولدريك، إلى أين وصلت هذه الجهود؟
بداية أشكر صحيفة (لا)، على استضافتي... بالنسبةِ لملخص التقرير الذي سُلم للسيد ستيفن أوبراين عندما كان موجوداً أثناء زيارته الأخيرة لليمن، كان فقط لإعلامهم من جهةٍ رسمية، أو جهةٍ حكومية، بما هو حاصل في اليمن من إحصائيات، بخصوص الأضرار الإنسانية التي تعرّضت لها اليمن خلال عامين من العدوان، حتى نضع عليهم الحجة، من أجل أن يكونوا على اطلاعٍ بما يحصل في اليمن.

 ماذا عن حصار مطار صنعاء، وميناء الحديدة؟
بالنسبة لموضوع إغلاق مطار صنعاء، وإغلاق ميناء الحديدة، فنحن منذ عامين نعاني من حصار مطبق، المطارات مغلقة والموانئ مغلقة، كل المنافذ البرية والبحرية والجوية مغلقة من قبل تحالف العدوان بقيادة السعودية، الذين أعلنوا أنه حصار شامل على اليمن.

المسؤول عن تجويع اليمن
 يدعي التحالف أن من يسميهم الانقلابيين يحولون دون وصول المساعداتِ الإنسانية، ويطالب بوضع ميناء الحديدة.. برأيك من المسؤول عن تجويع الشعب اليمني؟
عندما نتحدث عن الحصار، نتحدث عن المنافذ كاملة، وعندما نطالب برفع الحصار عن اليمن، فإننا نتحدث عن جميع المحافظات، سواء كانت الشمالية، أو الجنوبية، أو الغربية، أو الشرقية. والمسؤول عن تجويع الشعب اليمني هو تحالف العدوان بقيادة السعودية، فهي من تشن الحرب على اليمن منذ عامين.

الملف لم يعد بيد الوزارة
 كنت وسيطاً في صفقات تبادل أسرى، هل لا يزال هذا النشاط قائماً؟ وما آخر المستجدات؟
حينما كنتُ عضوة في اللجنةِ الثورية العليا، كنا نقوم بعمليةِ تبادل أسرى، وكنت أشرف مباشرة على الإفراج عن بعض الأسرى، أيضاً أتواصل مع بعض المشرفين، أو بعض المختصين في الجانب الأمني، للإفراج عن بعض الشباب الذين يتم اعتقالهم بتهم كيدية، وكنّا نجد التجاوب، لكن بعد أن توليت منصب وزيرة حقوق الإنسان، لم يعد الملف بيد الوزارة، وإنّما تحول إلى طاولةِ المفاوضات.

أقفُ على الحياد
هل لديكِ تواصل واتصالات مع شخصياتٍ في الحراكِ الجنوبي؟
نعم لدي تواصل مع جميع الأطراف، وجميع الشخصيات، فأنا أقفُ على حياد من كل ما يحصل في اليمن بالداخل، ولكن لي موقفاً محدداً من العدوان.  

علينا أن نجد أولاً إجابة
من أطلق الرصاص عليه
 18 مارس مرت الذكرى الثانية لاغتيال الشهيد عبدالكريم الخيواني، وقد كانت علاقتك مميزة بالراحل، ماذا تقولين بهذه الذكرى؟ وأين انتهى قتلة الخيواني؟
علينا أولاً قبل أن نتحدث عن الشهيد عبدالكريم الخيواني، أن نسأل: من أطلق الرصاص على عبدالكريم، وحتى نجد الإجابة، علينا أن نفتح ملف قضية الشهيد عبدالكريم الخيواني.

الحل بيد اليمنيين أولاً وأخيراً
 ما هو تصورك للحل السياسي الذي يمكن أن يرضي جميع الأطراف؟
بالنسبة لموضوع الحل السياسي، يجب أن تتفق عليه جميع الأطراف السياسية للخروج بحل للأزمة التي تمرُّ بها اليمن، حل سلمي، وضع أسس سلمية لإيقاف كل ما هو حاصل، الحل بيد اليمنيين أولاً وأخيراً، وهو حل سياسي، وليس الحل العسكري، ونحن مع أي حل يرتضيه الشعب اليمني.

لم نقدم لها شيئاً
المرأة هي الضحية الأولى في العدوان، فهي إما شهيدة، أو أخت شهيد، كيف تقيمين صمود المرأة في هذا الجانب؟ وأنتم كوزارة ماذا قدمتم لها؟
نحن لم نقدم شيئاً للمرأة، لأننا أتينا في وضع استثنائي، لكننا نشكر المرأة على ما قدمته لليمن، سواء كانت أم الشهيد، أو أم الجريح، أو كانت في مرافق العمل. المرأة هي دائماً من تدفع الثمن في الحروب، وهي تدفع ثمن باهظاً. نتمنى أن يستمع أصحاب القرار لصوتِ المرأة، واحتياجات المرأة، وحقها وحقوقها، ومطالبها بإيقاف العدوان، والعودة إلى طاولةِ الحوار.
 
الوضع القائم سيزيدها انتشاراً
 عطفاً على ما سبق، ظهرت في الآونةِ الأخيرة بمحافظةِ تعز موجة عنف استهدفت المرأة، حيث اغتصبت فتاة، وتم اختطاف 6 أخريات على أيدي العصابات، ما تفسيركِ لذلك؟
هذه الظاهرة إذا بدأت في تعز، فإنها لن تتوقف فقط في تعز، بل ستنتقل إلى جميع المحافظات، إذا استمر الوضع على ما هو عليه في اليمن، دون النظر إلى حاجاتِ الشعب في حق العيش، من قبل الأطراف السياسية التي تحتكر حق الحرب والسلام.

المملكة لم تحفظ حق الجوار
مع مرور عامين من العدوان، ماذا تقولين؟
(تتنهد بحرقة) آاااه.. طبعاً كان هذان العامان من أصعب الأعوام التي مرت على تاريخ اليمن، فأصعب شيء أن تنامي وتصحي وتجدي جاركِ يقصف اليمن... أنا لا أعتقد أن للسعودية أو دول التحالف أي مبرر لقصف اليمن، فنحن جيران، وحافظنا على حق (الجورة)، في الوقت الذي لم تحافظ السعودية على حق (الجورة)، (تتوقف برهةً) محزن، ومحزن جداً ما حصل ويحصل.

أكثر قوة وأكثر تماسكاً
كيف تقرئين عامين من الصمود للشعب اليمني في ظل حصار، وقصف، وتجويع..؟
الشعب اليمني سيخرج أكثر قوة، وأكثر تماسكاً، بالرغم من محاولات العدوان تمزيق النسيج الاجتماعي في اليمن، ولكن حتماً سيتجاوز الشعب اليمني كل ما حصل.

أوضاع النازحين ومعاناتهم ما هي معالجاتكم لها؟ وهل توجد مبادرات دولية بشأنهم؟ وهل تتواصلون مع جهات دولية بشأنهم؟ وما المناطق الأكثـر نزوحاً منها؟
موضوع من أصعب المواضيع التي تواجه أية دولة في فترة حرب، ما بالك بدولة مثل اليمن، عامان من القصف الجوي، والبحري، البارجات وصلت قذائفها إلى وسط المدن اليمنية، إلى جانب الطائراتِ التي لا تتوقف على مدارِ الساعة، فشيء طبيعي أن نجد النازحين ينتقلون من محافظةٍ إلى أخرى..
وبخصوص المبادراتِ الدولية بشأن النازحين، هناك تقصير من قبل المنظماتِ الدولية، تحديداً الملف الإنساني والإغاثي، ونحن نطالبهم بالاهتمام بهذا الملف، لأنهم أصبحوا كما يصفون أنفسهم جزءاً من حل المشاكل الإنسانية في اليمن. أكثر المناطق نزوحاً هي المناطق الشمالية، كصعدة التي تعتبر أكثر نزوحاً، وتعز، والمحافظات الجنوبية كان هناك في بداية العدوان نزوح لأعدادٍ من السكان، وقبل شهر ونصف تقريباً قمنا بزيارة مخيمات النازحين في محافظة إب، وجدناهم من جميع المحافظات، بحكم أن محافظة إب موقعها في الوسط لمعظم مناطق النزوح... وكان بالمخيم الكثير ممن نزحوا من صعدة، ومن عدن، ومن تعز، والحديدة، خاصة المناطق التي كانت تتعرض للقصف بصورة مكثفة.

 رغم كل المواقف المخيبة للظن ولقواعده وجماهيره التي اتخذها الحزب الاشتراكي وأمينه العام السابق مع بدء العدوان، إلا أن معاليك لا تزالين تراهنين على الحزب، ولم تقطعي الرجاء، متى ستقررين أنه لا جدوى من رهانك عليه؟
الحزب الاشتراكي فعلاً ما زلت أراهن عليه، وأراهن أن يرتفع صوته، صحيح أن الحزب صوته حالياً خافت، أو هامس، لكن أراهن أن صوته سيعلو، وفي القريب العاجل، وسيكون له موقف أكثر إيجابية مما هو عليه الآن.
 
فيما إذا انفصل الجنوب (لا سمح الله) فأين ستكون علياء في هذه الحالة؟ وإلى أية ضفة ستنحاز؟
علياء أولاً وأخيراً مواطنة يمنية، لي الحق أن أعيش في الجنوب أو في الشمال، هذا إذا حصل انفصال، وأنا لا أعتقد أنه سيحصل انفصال، ففي الوقت الحالي الوضع معقد أكثر مما كان عليه في السابق، فالقضية الجنوبية، كانت هي القضية الرئيسية والمحورية في القضايا الوطنية اليمنية، لكن في ظل العدوان أصبحت لدينا القضية اليمنية فقط، التي علينا أولاً أن نحلها، ثم العودة إلى القضايا الجزئية أو الفرعية في داخل اليمن، ومن ضمنها القضية الجنوبية، وكل هذه القضايا يجب أن تُحل بالطريقة التي ترضي الشعب اليمني.