مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
خلال ما عُرفت بثورات 2011، وكان عنوانها «الربيع العربي»، المجدد لما عُرف بـ«الثورة العربية الكبرى»، اختلفت مع طرح الإعلام الإيراني الذي كان يقول أن هذه الثورات هي امتداد للثورة الإسلامية الإيرانية.
فقناعتي أن «الثورة العربية الكبرى» كانت محطة بريطانية، و»الربيع العربي» محطة أمريكية، وكل النتائج والمعطيات والواقع والوقائع تؤكد أن «الثورة العربية الكبرى» محطة بريطانية و«الربيع العربي» محطة أمريكية، وأي استثناء هو النادر والذي لا حكم له.
ومع ذلك فإن اسم إيران تلألأ وتلعلع في المنطقة ربطاً بقضية فلسطين ومحور المقاومة؛ ولكنه تلألأ وتلعلع في اليمن أكثر ربطاً بأنصار الله وثورة 21 أيلول/ سبتمبر 2014.
فالاستهداف الداخلي لأنصار الله أو «الحوثيين» ارتبط بمحورين: الأول هو «العودة إلى الإمامة والكهنوت»، وهو محور يمني خالص في التفسير والتأصيل، أما المحور الثاني فهو محور «المشروع الإيراني وولاية الفقيه»، وهذا المحور أخذ اهتماماً أوسع وتركيزاً أكبر؛ لأنه يستجيب لما يراد ليس فقط في اليمن، بل في المنطقة عموماً، أمريكياً و«إسرائيلياً».
هذا يطرح سؤالاً على أساس فرضية أن الكل أو الجميع في المنطقة وضعوا أمام خيارين لا ثالث لهما، وهما: المشروع الصهيوني، والمشروع الإيراني.
وهكذا فالمشهد القائم كأنما يقدم من ساروا في خيار المشروع الصهيوني ومن ساروا في خيار المشروع الإيراني. ولنا افتراض أن من سار مع المشروع الصهيوني ومن سار مع المشروع الإيراني له تعاملات ومعالجات شكلية لما يظل يحرج أو يزعج في احتمالات رد فعل الرأي العام.
فالذين باتوا مع «إسرائيل» وضد فلسطين ما زالوا في حرج المجاهرة بذلك، حتى وقد باتوا في الأفعال أكثر صهينة من الصهيونية. والذين هم مع المشروع الإيراني يقولون إنهم مع فلسطين القضية المركزية، وهم ضد العدو المركزي المحتل لفلسطين، وبالتالي فهم مع فلسطين من قبل مجيء الثورة الإسلامية في إيران وبأي مشاريع جاءت منها أو بعدها.
أليس الأفضل من كل طرف ومن كل اصطفاف مواجهة ذاته بحقيقة ذاته، فيقول إنه أقرب أو ميال للمشروع الصهيوني، ويقول الآخر أنه يتلاقى أو يتوافق أكثر مع المشروع الإيراني؟!
الولوج إلى التفاصيل على هذا الأساس ليس لصالح من موقفهم مع المشروع الأمريكي - «الإسرائيلي»؛ لأن الوقوف مع المشروع الإيراني له أرضية ومقاربات قوية الإقناع، كالموقف مع فلسطين أو كون إيران دولة إسلامية، وغير ذلك.
لنرجع إلى كشف المحطة الأمريكية في 2011 لنجد أن أنصار الله كأنما انسلوا أو تسللوا إلى ساحة الثورة -كما عرفت- باليمن. وهذا يؤكد بالنسبة لي أن المحطة أمريكية، ولم تكن امتداداً للثورة الإيرانية إلا في مشهد مثل هذا الاستثناء الذي جاؤوا به بمظاهرة «ثورتنا ثورة إخوان لا حوثية ولا إيران».
كل ثورات ما عُرف بـ»الربيع العربي» كمحطة أمريكية لم تحقق مجتمعة أي إنجاز يحسب لها، ولم يأتِ منها غير اقتتال ودمار لا هدف منه، ولا هدف له غير الاقتتال والدمار، فهل من يقول لي أو يدلني على شيء غير ذلك؟!
الاستثناء كان فقط في ثورة 21 أيلول/ سبتمبر والأنصار «الحوثيين» الذين بدؤوا من مواجهة العدوان السعودي-الأمريكي-الصهيوني إلى المواجهة المباشرة مع أمريكا و«إسرائيل»، وهم فعلاً حيّروا وهَزموا أمريكا و«إسرائيل»، وبما لم يكن أحد يتوقعه.
إذن، هذا هو معطى لما يسمى المشروع الإيراني في اليمن. فما هو المعطى بالمقابل للمشروع الأمريكي - «الإسرائيلي» في اليمن والمنطقة؟!
هل تتذكرون «كافي علي كافي، لا تقعش قذافي». ثوار ليبيا -كما سموا- التزموا لفرنسا بنسبة من نفط ليبيا إذا هي ناصرت وانتصرت لهؤلاء الثوار، وبوساطة وشراكة دولة خليجية، وهذا بكل الثبوتيات، وهكذا فإن ما جرى بعد الرئيس «صالح» هو أشرف مما جرى في ليبيا.
وهكذا ظل يُستعمل في اليمن أي رحيل، من القذافي إلى بشار الأسد، على أنه انتصار لثوراتهم وتثويرهم! فأي ثورة ما يجري الآن في سورية غير ثورة المشروع «الإسرائيلي» - الأمريكي، أليس هذا يقدم أفضلية المشروع المقابل، أكان باكستانياً أو إيرانياً أو يمنياً؟!
إذا نحن لم نستطع صد هجوم الإريتريين على جزيرة حنيش واحتجنا إلى وقت طويل ولجوء لمحكمة دولية، فكيف لأي عاقل مواجهة عدوان عالمي «معورب» أولاً، ومنكشف في الآخر، وتندحر أمريكا -بجلالة قدرها- في البحر الأحمر لتحافظ على ماء وجهها باتفاق وهي في ذعر ما زال؟! فهل من ثورة؟! وهل من مشروع وصل إلى مناطحة قوى عظمى، بل هي الأعظم كما أمريكا أو روسيا أو غيرها؟!
إذن، كل هذا هو معطى المشروع الإيراني، فالأولى بإيران إغلاق مضيق هرمز في ظل العدوان الأمريكي - «الإسرائيلي»، وهذا وحده يؤكد أن اغلاق باب المندب ومنع الملاحة إلى الكيان الصهيوني هو موضوع ومشروع يمني خالص. ومع ذلك فإننا لا نتضرر من استعمال هكذا كما المشروع الإيراني مقابل المرتبطين فعلياً بالمشروع الصهيوني!

أترك تعليقاً

التعليقات