عن رعونة أردوغان
 

هيثم خزعل

هيثم خزعل / لا ميديا -
استفادت تركيا من التوازن الاستراتيجي الذي أحدثه تدخل روسيا في سورية. رغم لجم الطموحات التوسعية لتركيا، استطاع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تحصيل مكاسب ضخمة من روسيا، تبدأ ببطاريات الـ«إس 400» ولا تنتهي بخط الغاز الروسي التركي الذي يعطي تركيا الغاز بدفعات مؤجلة وبأسعار تفضيلية.
لقد حاولت روسيا جاهدة بناء تفاهمات جدية مع تركيا تطال روسيا، فأحرجتها تركيا في القوقاز بمساعدة الغبي نيكول باشينيان لتحسم الصراع الأرمني - الأذري، وأكملت باستفادتها من التناقضات الغربية - الروسية إلى الحدود القصوى، إلى أن كسرت تركيا الجرة بانقلابها على التفاهمات المنجزة مع روسيا وإيران في ما خص سورية، مستغلة لحظة الضعف الشديدة للدولتين اللتين كانتا تخوضان حربيهما مع القوى الغربية.
عشية سقوط سورية كتب دوغين أن أردوغان وقع في فخ بايدن والعولميين، وأن سورية سوف تتمزق وتجتاحها الفوضى.
البارحة اتصل أردوغان ببوتين. طبعاً هذا الاتصال ليس ذا أهمية؛ فلا الولايات المتحدة ولا القوى الغربية باتت تخشى أردوغان، رغم أهمية تركيا في الصراع مع روسيا والصين وإيران. لقد باتت الولايات المتحدة تهيمن على المنطقة بشكل منفرد. وإذا كان هناك مصلحة استراتيجية لتركيا وإيران ببقاء سورية موحدة فإن مصلحة «إسرائيل» تقتضي العكس: تفتيت وتمزيق المنطقة.
بغض النظر عن خسائر تركيا المباشرة الناتجة عن إفلاتها الورقة السورية كمادة تساوم بها روسيا والغرب والأطراف العربية، فإن الاختلال الذي نجم عن انكفاء روسيا وإيران عن المنطقة وضع تركيا تحت مقصلة الهيمنة الأمريكية المطلقة على المنطقة، وبمواجهة «إسرائيل» المتحفزة لتحقيق رؤيتها لـ«الشرق الأوسط» بما يضمن استمراريتها وأمنها القومي عبر تمزيق وتفتيت المنطقة، وجحافل التكفير والبدو والعشائر لن تعيق الولايات المتحدة و«إسرائيل» عن تحقيق ما تصبوان إليه.
تريد تركيا اليوم منع تقسيم سورية ولو كلف ذلك إغراق الجغرافيا السورية ببحر من الدماء، وهذا يساعد بشكل أو بآخر «إسرائيل» في تحقيق مسعاها. لقد وقع أردوغان برعونة شديدة في فخ بايدن.

أترك تعليقاً

التعليقات