صناعة الولاءات على المكشوف
- فؤاد أبو راس الأربعاء , 17 ديـسـمـبـر , 2025 الساعة 12:13:01 AM
- 0 تعليقات

فؤاد عبدالله أبو راس / لا ميديا -
نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الصهيونية تقريراً تحليلياً تناولت فيه فهد بن جعموم بوصفه شخصية يمنية بارزة في المعسكر المناهض لحكومة صنعاء، وربطت حضوره السياسي بدور «المجلس الانتقالي الجنوبي» والتحولات الجارية في المحافظات الجنوبية الشرقية اليمنية. وطرحت، في إطار قراءة استشرافية لا خبرية، سيناريوهات عن أدوار مستقبلية محتملة في مناطق حساسة كحضرموت، ضمن سياق أوسع لتحليل صراع النفوذ الإقليمي والدولي حول اليمن، دون الاستناد إلى أي قرار رسمي.
هذا الطرح لا يُقرأ كخبر عابر أو اجتهاد صحفي محايد، بل كمؤشر سياسي له دلالاته، يُفهم من زاوية الاصطفاف والوظيفة أكثر من زاوية الأشخاص؛ إذ إن صدوره عن صحيفة صهيونية يُنظر إليه باعتباره إدراجاً لأسماء يمنية ضمن خرائط اهتمام خارجي يسعى لإعادة تشكيل المشهد اليمني بما يخدم أجندات معادية، إذ لا يأتي الترويج الإعلامي من فراغ، بل غالباً ما يسبق محاولات تدوير نخب محلية وتهيئتها لأدوار مستقبلية في لحظات مفصلية.
ومن هنا، يُفهم التقرير كجزء من حرب ناعمة تُستخدم فيها الصحافة والإعلام لصناعة بدائل سياسية، وبث رسائل مبطنة، واختبار ردود الفعل، لاسيما في الجنوب.
اللافت أن هذا المسار لم يعد يُدار في الظل كما كان، بل انتقل إلى مرحلة المكاشفة، إذ بات الكيان الصهيوني يتحدث عن أدواته ووكلائه المحتملين بلا مواربة، ويُدرج أسماءً في تحليلاته باعتبارها أوراقاً ضمن حساباته، وهو ما يكشف حجم الوقاحة التي بلغها هذا المشروع، ويؤكد أن معركة الوعي لا تقل خطورة عن معركة السلاح.
وما يحدث هنا لا يمكن فصله عن الفكرة التي سبق أن تحدثت عنها، وهي أن «النجم» -سياسياً كان أو إعلامياً- لم يعد نتاج موهبة أو أثر حقيقي، بل صار مشروعاً يُصنع كما تُصنع السلع؛ تصميماً وتغليفاً وتضخيماً وتسويقاً، خلفه غرف مغلقة تقرر مَن يلمع؟ ومتى؟ ولماذا؟ مستخدمة الإعلام والمنصات والخوارزميات الإلكترونية لهندسة وعي جمعي هادئ، يشغل الناس بالضجيج ويصرفهم عن الأسئلة الكبرى. وحين يصبح هذا التصنيع مكشوفاً إلى حد أن يتحدث عنه صانعوه علناً، فإن ذلك لا يفضح أدواتهم فحسب، بل يكشف عمق أزمة الوعي في مجتمعات يُراد لها أن تستهلك الرموز بدل أن تصنع القيم.










المصدر فؤاد أبو راس
زيارة جميع مقالات: فؤاد أبو راس