سيوفٌ بلا أغماد
- تم النشر بواسطة كمل البرتاني / لا ميديا

كمل البرتاني / لا ميديا -
أُقاوِمُ، أم أُسرُّ بما أعاني؟!
وأَمنحُ قاتلي صَكَّ الأمانِ؟!
أُسَامحُ مُكْرَهاً من خَذَّلُوني؟!
وأُبدِي للعِدَا وجهَ امتناني؟!
أُهادِنُ شرَّ واشنطنْ، وأحكي
لقومي عن بطولاتِ اتّزاني؟!
أنا اليمنيُّ، حاشا أن أُدَارَىٰ
وأَرْضى الصّمتَ، أو خِزيَ التَّواني
وحاشا الخوف يُغرِقني بِهَمِّي
ويُبلِيني بوَسْوَاسِي الأناني
لكلّ كريهةٍ -إن أشعلوها
وأذْكَوا نارَها- سيفٌ يَمَاني
وعزْمٌ ليس تُوهِنهُ المنايا
ونفسٌ ليس تُغويها الأماني
*
عِجافاً كانتِ السنواتُ، لكن
أتى (الطوفانُ) كالسّبعِ السِّمَانِ
كما يَتَأَوّهُ الطّودُ اخضراراً
كما يفتَرُّ زهرُ البَيْلسانِ
به احتفلتْ صفاقسُ، والمُكلّا
شدتْ: "وا ليلَ دانَ، النصرُ دانِ"
وفي (آزالَ) أعراسٌ توالتْ
صَداها في الرُّهَا والقَيْروانِ
دمشقُ تبسّمتْ رغم الرزايا
وشعّتْ في سَماها نَجمتَانِ
ولبنانُ الذي لَبّى سيغدو
بوجهِ الرِّيحِ غابةَ سنديانِ
ومن بغدادَ موّالٌ تَهادَى
يُراقصُ نغمةَ الفرحِ العُمَاني
*
عجِبنا كيف صار السبتُ عيداً
يُبادِلُنا البشارةَ والتّهاني!
فلسطينُ الجريحةُ باركتْهُ
وهزَّ الرعبُ أركانَ الكيانِ
نتنياهو أفاقَ على عويلٍ
مَهيضَ الروحِ، معقودَ اللسانِ
وفي فمهِ رمادٌ، واختلاجٌ
يُعذّبهُ كتَرجيعِ الأذانِ
رأى شبحاً لليثٍ عامليٍّ(1)
ومسبَحةً لشيخٍ أصفهاني
فصاحَ جُنونُه: كيف استفَاقوا؟
وقال غُرورُهُ: ماذا اعْتَراني؟!
وللسّنوارِ قهقهةٌ تُدوِّي..
عليكم يا بني وطني رِهاني(2)
فلسطينيةٌ هذي الهدايا
وزيتونيةٌ تلك المجاني
لماذا استوطنَ الغازي دياري
وفي أنفاقِ غفلتِهِ نفَاني؟
صباحاتُ اليهودِ إذا اكفهرَّتْ
أُجَمِّلها بليلٍ أُرجُواني
وإن رَكنُوا لخارطةِ احتلالٍ
ستُطوى كالنسيجِ التُّركماني
*
تَناوَحتِ المتارسُ والملاهي
تَعمَّمتِ المَآوي بالدّخانِ
نتنياهو احْتمَىٰ في جُحرِ ضَبٍّ
وغالانت استظلَّ بغُصْنِ بانِ
تُباغِتُ رجفةُ الملدوغِ هذا
وتَفضَحُ ذاكَ لعثمةُ المُدانِ
فيوماً يَنفثَان لهيبَ غيظٍ
ويوماً بالمُنى يتقاذفانِ
وينجرفان في حربِ المشافي
وقبل خُمودِها يتلاومانِ
غرِقتُمْ في الدماءِ، ولم تُبالوا
أأحلاماً نسفتمْ أم مباني
فهل توراةُ بن غوريون أحَلَّتْ
لكم بفظائعِ القتلِ امتحاني؟!(3)
وهل هذا المخيّمُ داعشيٌّ؟
وهل ذاكَ المُهَدَّمُ طَالِباني؟
هو الهولوكست، في الأحياءِ حيناً
وآناً في (الشِّفا) و(المَعمَداني)
*
أنا اليمنيُّ صخرةُ كلّ حرٍّ،
أنا اليمنيُّ فيضٌ من حنانِ
ولو أنّي خلعتُ المجدَ سهواً
لغافَلني بشوقٍ وارتَداني
زغاريدُ البنادقِ أيقظتْني
هتافُ كتائبِ البشرىٰ شَجَاني
لنا في القدسِ أقداسٌ وأهلٌ
لنا في أرضِ غزةَ قِبلتانِ
ألُمُّ شتاتَ روحي بانبعاثي
لأنَّ اللهَ للفتحِ اجتباني
*
أرى حولي جيوشاً من غبارٍ
جنوداً لم تُحَشّدْ للطّعانِ
وحكاماً لهم سحنَاتُ قومي
وأسلحةٌ تُكدَّسُ لامتِهَاني
لهم في نجدةِ الأقصى بيانٌ
يكشِّرُ عن وعيدٍ بهلواني
قليلٌ كلما سمعوا نفيراً
كثيرٌ حين تَغْتنِجُ الغواني
إذا يشكو العدوُّ الجوعَ، هبّوا
سراعاً بالملاعقِ والجِفانِ(4)
*
أخٌ يبدو كجارٍ لم يُجِرْنا
يُقاومُ بالوساطةِ واللجانِ
عُروبيٌّ، هلاميُّ النوايا
هُروبيٌّ، ضبابيُّ المعاني
تُلاحِقهُ استغاثاتُ الضحايا
فيركن للسّلامِ الأفعواني
يُراجعني أخٌ في صدقِ عهدي
ويسألُني أخٌ ماذا دَهَاني
وغِيرتُه كمرآةٍ كَذُوبٍ
وغَضْبتُه كحشرجةِ الكمانِ
يُحَوْقِلُ إن رأى أشلاءَ طفلٍ
ويستبكي الأباعِدَ والأدَاني
يُجادلُ ظِلَّه، ويذودُ يأساً
بسطرٍ من خِطابٍ أرْدُغاني(5)
وينصُبُ لي كميناً في البخاري
يُقطِّرُ لي سُموماً في الأغاني
*
تَصَهْينَتِ الممالكُ والرعايا!
تأمركتِ المسارحُ والمغاني
وقالوا نفطُهم أجلى كروباً
وفَرْدَسنا به بؤسَ الزمانِ
أبوظبيٍ تزوّجَ أمَّ حربٍ
وصار نديمَها بعد الِّلعانِ
يُعايِرُها بيومِ (خريْصَ)، لكن
تُسَايرهُ بمنهجِهِ الخِيَاني(6)
مَواعظُها دروعٌ من زجاجٍ
وحِكمتُهُ تُعبَّأُ في قَناني
تُنافِسهُ بأصنافِ المخازي
يُفاخِرها بآهاتِ القِيانِ
دَعائِمُها سَرابٌ وانتظارٌ
وثروتُه خيالٌ طَيرماني
وأسواقٌ تروِّجُ كلَّ قبحٍ
وأبواقٌ تؤلِّهُ كلَّ فانِ
*
إذا ما العمّ سام أتى غَضُوباً
أقابلُهُ بصيْحاتِ افتِتاني(7)
أُحاورهُ؟ نعم، بشواظ نارٍ
فهل بالمنِّ والسلوى أتاني؟!
فلا هي عيشةٌ في أرضِ ذلٍّ
ولا هي مِيتةٌ قبل الأوانِ
ينامُ على ركامٍ من خطايا
وفوقَ حطامِ هيبتِهِ يراني
يُهدِّدنا، ويسألُ: هل فهمتم؟
فأُرسلُ نحو يافا تُرجُماني(8)
فلا لرعودهِ طَأطأتُ رأساً
ولا بوعودِ عُصْبتِهِ احتواني
أُصَاوِلُهُ، وأجمعُ بأسَ شعبي
ليغتبقَ الهزيمةَ من دِناني
يَميني لم تُعارِضْها شِمالي
وشَيْبي لم يُخاصِمْ عنفواني
جَحَافلهُ تُزفُّ إلى جحيمٍ
له لهبٌ وسحرٌ أقحواني
أُهشِّمُ أنفَهُ بمُسدّداتٍ
تُسابقُ نحو مَقتلهِ الثواني
مُسيَّرةٍ تطيرُ بعين صقرٍ
وصاروخٍ أُحمّله بياني
أُثقِّفه كرُمحٍ سمهريٍّ
وأمنحهُ القوامَ الخيزراني
له ذيلٌ كطاووسٍ، ورأسٌ
عليه رسالتي، ولكم ضماني
يمانيُّ الهويةِ، ملحميٌّ
سُقطريٌّ، تهاميٌّ، خُباني
هديةَ مولدٍ سيكونُ، ضيفاً
بـ حَانُوكا، وفي فَسخِ القِرانِ(9)
ويأتيكم بـ(رُوشْهَشَنا) وفُصحٍ
وفي الكيبور، في حفل الختانِ(10)
*
فتكتُ بحاملاتِ الموت وحدي
وعَطّلتُ البوارجَ والمواني
وناقلة.. أُماثِلُها بقبرٍ
وقد كانت كقصرٍ تلمساني
أصيدُ سفينةً، وتفرُّ أخرى
على إيقاعِ لحنٍ كوكباني
أبارزُها بصبري وانتباهي
أطاردُها ولم أبرحْ مكاني
بباب المندبِ انكسرتْ وصارتْ
مُقطَّعةَ السوالفِ والبنانِ
محيطٌ قد أحاطَ به يقيني
وبحرٌ مَوجُهُ أضحى حصاني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* جزء من قصيدة طويلة بمناسبة الذكرى الأولى لـ"طوفان الأقصى"
(1) الليث العاملي إشارة إلى السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني.
(2) الأبيات في المقطع الثالث على لسان رئيس حركة حماس المجاهد يحيى السنوار -مهندس طوفان الأقصى، وهو من أسرة هُجِّرت من عسقلان إلى غزة.
(3) ديفيد بن غوريون: رئيس أول حكومة صهيونية بعد إعلان دولة الاحتلال في مايو 1948.
(4) إشارة إلى الجسر البري الذي كان محاولة لكسر الحصار اليمني، ويربط دبي بحيفا مرورا بالأراضي السعودية والأردنية.
(5) الخطابات الرنانة للرئيس التركي رجب أردوغان الذي حقق أكبر المكاسب المالية خلال المعركة بالتبادل التجاري المتصاعد مع الكيان الصهيوني.
(6) الهجمات اليمنية الصاروخية والمسيرة على منشأتي خريص وبقيق في السعودية يوم 14 سبتمبر 2019.
(7) العم سام: الولايات المتحدة الأميركية، وفي البيت إشارة إلى تحالف حارس الرخاء الذي أنشئ لحماية الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر.
(8) عملية يافا التي نفذتها القوات المسلحة في قلب الكيان يوم 19 يوليو 2024.
(9) هدية المولد النبوي في 12 ربيع الأول 1446ھـ الموافق 15 سبتمبر 2024 كانت إطلاق القوات المسلحة الصاروخ فلسطين 2 على العمق الصهيوني.
(10) حانوكا، روش هشناه، الفصح وكيبور: أعياد يهودية.
المصدر كمل البرتاني / لا ميديا