التدخل في الشؤون الداخلية
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -
يحق لحكومات وأنظمة العرب والأعراب رفض أي تدخل في شؤونهم الداخلية، سواء بالدعم والإسناد لها ولشعوبها أم على مستوى التضامن معها وشعوبها وإقامة علاقات إيجابية بين أقطار وشعوب الأمة. والمشكلة أكبر إذا كان هذا التدخل من قبل إخوة أشقاء؛ فطالما يضر أو يؤذي الصهيوأمريكي الغربي عموماً، عدو الأمة وشعوبها، فهو مرفوض؛ لأن هذه الأنظمة وحكوماتها وُجدت لإخضاع الشعوب لأعدائها، وهي مؤمنة بأن من حق الصهيوأمريكي الغربي وحده أن يعتدي على أقطار الأمة ويقتل شعوبها وينهب ثرواتها ويحتل الأراضي ويقرر وحده ما يشاء بحق الشعوب وأنظمتها.
هذه الأنظمة الخاضعة المستسلمة لأعداء شعوبها بقياداتها، المطبعة منها والتابعة لها، من لبنان إلى العراق ومؤخراً سورية، والمسندة لها وظيفة حصر السلاح ليكون بيد عدوها لا بيدها، هذه الأنظمة لا نقول إنها خائنة أو عميلة، وإنما ليس لها قرار ولا حتى مجرد رأي، وهي شريكة لأعدائها في استهداف شعوبها، وليس مستغرباً أن تتحدث وبصوت مرتفع عن الحرية والسيادة والاستقلال وهي التي تُؤمر من سيدها الصهيوأمريكي فتطيع، وتعتبر أن استباحة بلدانها هي السيادة والاستقلال ليس عن المحتل، وإنما عن القيم والأخلاق والإنسانية وعن السوية أيضاً.
فإذا أخذنا على سبيل المثال حكومة لبنان، التي تعتبر زيارة رسمية لمسؤول إيراني تدخلاً في الشؤون الداخلية، بينما قيام أمريكا بفرض ما تريد عليها من قرارات وإملاءات واتفاقيات ضد لبنان وشعبه ليس تدخلاً في شؤون لبنان الداخلية، وإنما حفاظاً على السيادة، وعدوان كيان العدو الصهيوني على لبنان وقتل أبنائه بشكل يومي واحتلال أراضيه ليس تدخلاً في الشؤون الداخلية، وقيام السعودية بتغيير انتخابات وفرض وزراء وحكومات ودفع مئات ملايين الدولارات شهرياً لشخصيات ومكونات ومليشيات لبنانية هو سيادة واستقلال...
أما استباحة الصهيوأمريكي للبنان براً وبحراً وجواً، واغتيال من يشاء على أرضه، فليس تدخلاً، وعدوان كيان العدو الصهيوني ومعه الأمريكي منذ العام 1980 مروراً بـ1982 وما قبله وما بعده كان إرساء لقواعد الشراكة والتعاون مع السلطات اللبنانية المتعاقبة! وقد كان إخراج المقاومة لقوات المارينز من بيروت محاولة لقطع العلاقة مع أمريكا وتحرير لبنان 2000 قد أسقط ضحايا من «قوات حداد-لحد»، وهي لبنانية.
وأخيراً فإن سلطة وحكومة لبنان تتناسى حقائق لا تزال ماثلة بفعلها وآثارها، ومنها أن من واجه عدوان كيان العدو الصهيوني ومعه أمريكا وأدواتها لم تكن الحكومات وجيوشها، وإنما المقاومة من كل المكونات وشعب المقاومة وهم يواجهون ويقدمون التضحيات دفاعاً عن لبنان، كل لبنان، وعن الأمة كلها، ومن قدم وضحى بالمال والنفس إيماناً بالله وبالحق وعدالة القضية وحرر وحقق السيادة هو جدير بالنصر؛ لأن الله معه، والأرض والحق وقوة السلاح معه، وكل الأحرار الشرفاء من شعبه وأمته معه، والباطل زاهق، والله مع الصابرين.

أترك تعليقاً

التعليقات