
استطلاع/ بشرى عبدالرحمن / لا ميديا -
العدوان الأمريكي على صنعاء وغيرها من المحافظات التي تعرضت للقصف في ليالي الشهر الكريم، يواجهها المواطنون بتحدٍ وشموخ، صحيفة «لا» تجولت مع المواطنين لمشاركتهم الصمود ورفع المعنويات، فالمتجول في شوارع العاصمة صنعاء يجد أن الحياة طبيعية جدا كما تعودوا على مواجهة ذلك منذُ عقدٍ من الزمن، فالأسواق مكتظة بالمتسوقين، والمساجد مليئة بالمصلين، والطرقات ممتلئة بالمارة، فلسان حالهم «ما نبالي.. ما نبالي» ليست مجرد عبارة تتردد بل تعبير عن قوة شعب تعلّم أن يعيش، ويتكيّف.
«ما نبالي» تعني أن الشعب يثق بالقيادة الحكيمة فالشعب لا يخاف من تهديدات ترامب الرعناء، كما وصف عبدالرحمن الأهنومي (ناشط اجتماعي): «لا نخاف من تهديدات ترامب بالإبادة، وكلامه مجرد عنترة فارغة، عليه أن يوفر التهديدات ليستخدمها في محلها ضد الأبقار الحلوب، لأنها مع اليمن غير مجدية».
المعنويات عالية
رغم قداسة الشهر الكريم الذي يتميز بأجواء خاصة لدى اليمنيين والطقوس التي لها خصوصية، والتي لم يحترمها العدوان الأمريكي فإن معنويات أبناء اليمن عالية كما عبّر عن رأيه منصور الشرماني (طبيب) بالقول: «الحرب عندنا شيء طبيعي جدا، ولم نتأثر فالحياة مستمرة، ونتابع أخبار الحرب كأنها مسلسل، والحمد لله المعنويات عالية، وثقتنا بالقيادة كبيرة، ونقوم بالخدمة الطبية ومساعدة الناس».
من هذا الصمود الأسطوري يؤكد أبناء اليمن أن مواقفهم لا تثنيها التهديدات، ولا الطائرات، فنصرة القضية الفلسطينية تجري في عروقهم.
«ما نبالي.. ما نبالي»
لا يقتصر الصمود فقط على فئةٍ معينة من المواطنين بل يمتد إلى جميع شرائح المجتمع دون استثناء من تربويين، وأطباء، ومهندسين، ومثقفين إلخ.. محمد الشرفي (تربوي) واصفا وجهة نظره التي تُعبر عن الغالبية: «ما نبالي.. ولا نخاف، يحاولون ترهيبنا بالموت من أمريكا وإسرائيل والغرب وبعض الداخل، نحن قوم لا نخاف الحرب ولا نخشاها، لأن أقصى ما يمكن أن تأتي به الحرب هو الشهادة».
والمواقف المشرفة للشعب اليمني التي أبهرت العالم رغم أوجاعه والحصار والمعاناة إلا أنه وقف وقفة رجل واحد، وشاركوا غزة أوجاعها ومعاناتها، في هذه الجزئية يضيف الشرفي: «الحمد لله موقفنا مشرف كشعب يمني، لأننا مسلمون وهذه التزاماتنا الإيمانية والإنسانية والأخلاقية لنصرة ومساندة الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، والله لن نتزحزح أو نتراجع عن هذا الموقف مهما كانت التضحيات والتحديات، ونؤيد القيادة».
وأمريكا في عيننا قشّة
في هذا الاستطلاع المواكب من صحيفة «لا» للعدوان الأمريكي على صنعاء وبعض المحافظات كل عبّر عن رأيه بطريقته، إما شعرا، أو نثرا، الشاعر عبدالرحيم قوزع الذي يطلق على نفسه «ذو الفقار قوزع» خص «لا» بهذه الأبيات:
مابه من امريكا ولا شخص خايف
ومن هو مع الرحمن ماهتز شي رمشه
لو با نموت الكل وتبقى المكالف
لا يلعنين أمريك ويسقطين عرشه
واقسم برب الكون فوق المصاحف
إن الغرب وامريكا في عيننا قشة
المرأة عنوان الصمود
وللمرأةِ مساحتها لتعبّر عن رأيها تجاه ما يحدث من عدوانٍ أمريكي غاشم، فهي عنوان الصمود وسر قوة الرجل والمحفز الرئيسي له كما تقول أنيسة الصيادي (تربوية)، وتضيف: «المرأة مستعدة تقدم زوجها وابنها وأخاها في سبيل الدفاع عن اليمن وفداء لفلسطين وغزة، وتمتلك الوعي القرآني الكافي والحصانة التي تؤهلها لمواجهة كافة التحديات والضغوطات، وخلال الفترة الماضية تدربنا وتعلمنا في حروبنا مع دول العدوان واليوم مستعدون نواجه قوى الاستكبار وأدواتها».
وتستطرد الصيادي: «المرأة اليمنية مستعدة وستواصل العطاء برفد المرابطين في الجبهات بقوافل المدد بما تملك من حليّ ومجوهرات، ولن نتخلى عن المساهمة في تشكيل فرق عمل بالحارات والتجمعات السكنية لإعداد وتحضير قوافل الغذاء والكساء وجمع المال وإرسالها للأبطال في الجبهات».
موائد الصمود
رغم الحصار والوضع الاقتصادي الذي يعاني منه المواطن اليمني، إلا أن التكافل بتبادل موائد الإفطار والأطباق يؤكد للعالم أن الموائد اليمنية في الشهر الكريم في ظل العدوان الأمريكي قصة صمود شعب بأكمله، مترابط، متكاتف، يرفض أن يستسلم لليأس، ويد الله مع الجماعة كما يعبر عن هذه الجزئية مصطفى المزيقر (موظف): «البيوت بفضل الله مفتوحة والحمد لله.. فالنساء يتبادلن الأطباق، وموائد الإفطار في المساجد (فل الفل)، ولا يوجد أي قلق من الحرب، وهيئة الزكاة تقوم بواجبها وتوزع السلال الغذائية على المساكين والحمد لله الأمور طيبة».
ليس بغريبٍ على أهل الكرم والجود هذا التكاتف، والإنسانية فيما بينهم البين، فالتاريخ خير شاهدٍ على مواقفهم العظيمة.
ومن الأشياء التي تثلج الصدر أن هناك عادات رمضانية جميلة يقوم بها فاعلو الخير والتجار كخيام الإفطار اليومية للفقراء والمحتاجين.. يتحدث أبو كريم (من أحفاد بلال): «أذهب يوميا لخيمة الإفطار، وكل شيء متوفر من المأكولات، والمشروبات، والحرب لن تخيفنا، مستعدون للذهاب إلى الجبهة أنا وأصدقائي، ورؤوسنا فداء لفلسطين واليمن».
اكتفاء ذاتي من الزراعة
الحرب التي تقترب من إكمال عامها العاشر جعلت من اليمنيين قوة عظمى، بل جعلتهم يفلحون أراضيهم ويزرعونها حتى لا يكونوا تحت رحمةِ المنظمات التي صارت من أدوات الحرب، ولم تعد موجودة، تحدث لـ(لا) محمد الخولاني، موظف في فرع المجلس الأعلى للشؤون الإنسانية بصنعاء: «المنظمات مثلما هو معروف لم تعد عاملة، ولكن المواطنين بفضل الله عائشون، والرزق من الله، قد تعودنا ولدينا إحصائيات من ناحية الأمن الغذائي، والأمور مبشرة بخير، والاكتفاء الذاتي من الزراعة والحمد لله، وهي فرصة أن نرسل رسالة عبر صحيفتكم الموقرة «لا» للمواطنين بأنه لا داعي للقلق على الأمن الغذائي، ولكن علينا الاقتصاد في حاجياتنا، لأننا في حالةِ طوارئ».
لا قلق من الأمن الغذائي
رأي آخر يؤكده التجار الذين يشاركون المواطنين في الصمود ولم يرفعوا الأسعار، فكل شيء مستقر والبضائع متوفرة، الأسعار لازالت على ما هي، وهناك حلول لذلك من القيادة ومستجدات من قبل الحكومة في صنعاء لا نريد أن نفصح عنها، حسبما صرّح لـ»لا» محمد الرجوي (تاجر جملة)، والذي يضيف: «لكننا نطمئن المواطنين أن المخزون بفضل الله كاف، ونحن كتجار وظيفتنا مهمة الحفاظ على الجبهة الداخلية، مادمنا على الحق لا نبالي.. دمنا من دم غزة لنسهم بالقليل معها».
شعب اليمن معروف بأشجع مواقف
في ختام هذا الاستطلاع لخص وضع ومواقف اليمنيين الشجاعة بيتان من الشعر للشاعر أحمد النونو:
ما نحسب أمريكا وكل الطوايف
إلا كما السيد وصفها بــ(قشّة)
شعب اليمن معروف باشجع مواقف
بالنفس يا غزة وباذل لقرشه
المصدر بشرى الغيلي/ لا ميديا