عبر «ستار لينك».. الصهيوأمريكية تطلق جواسيسها في سماء اليمن بعد فشلهم على أرضها
- تم النشر بواسطة مارش الحسام / لا ميديا

تقرير: مارش الحسام / لا ميديا -
في خطوة غير مسبوقة، وبذريعة بث إنترنت فضائي، اليمن كأول دولة في «الشرق الأوسط» يتم غزوها عبر شبكة الإنترنت الفضائي «ستار لينك»، ذات الأهداف التجسيية والتي تعمل على الأقمار الصناعية، في وقت تسعى فيه دول غنية في المنطقة لمواكبة أحدث التقنيات.
ومن المنطقي أن تثير هذه القفزة تساؤلات عدة حول اختيار اليمن بالذات كوجهة لهذه الخدمة المزعومة، والتوقيت الذي تم فيه هذا الغزو لأقمار الملياردير الأمريكي؛ أيلون ماسك المقرب من دوائر الصهيونية العالمية، والتي اضطرت لتجنيد جواسيس من السماء بعد سقوط جواسيسها على الأرض في قبضة الأمن اليمني.
ترسانة تجسسية
لم يدخر العدو الصهيو-أمريكي جهدا أو وسيلة إلا واستخدمها لاستهداف الجبهة اليمنية المناصرة لفسلطين، ورافق كل محاولة فاشلة عشرات التقارير الصهيونية ومثلها الأمريكية تفيد بأنهم يفتقرون إلى المعلومة الاستختباراتية عن ترسانة من يسمونهم بـ»الحوثيين»، وكامل قدراتهم العسكرية، ويؤكد هذا المأزق حاجة أمريكا إلى تأمين قاعدة بيانات تجسسية ضد الجبهة اليمنية، وفي خطوة وصفتها السفارة الأمريكية بالعلامة الفارقة، وقعت حكومة المرتزقة مع شركة «ستار لينك» اتفاقية لانتهاك سيادة واستقلال اليمن لصالح الاستخبارات الأمريكية.
وتؤكد مواقع متخصصة بالتكنولوجيا أن خدمات الإنترنت المقدمة من «ستار لينك» تشرف عليها أمريكا مباشرة بدون قيود أو رقابة حكومية أو أي جهة سيادية باستثناء الاستخبارات الأمريكية.
«سبيس إكس» تتعاون مع «سي آي إيه»
كشفت 5 مصادر مطلعة لرويترز، في 17 مارس 2024م، أن شركة «سبيس إكس» التابعة لأيلون ماسك هي المسؤولة عن تبني شبكة من مئات أقمار التجسس الصناعية في إطار عقد سري مع وكالة الاستخبارات الأمريكية «سي آي إيه».
وبحسب تقارير رويترز يهدف عقد شركة «سبيس إكس» إلى بناء نظام تجسس جديد قوي يضم مئات الأقمار الصناعية التي تستطيع تصوير الأرض ويمكن أن تعمل كمجموعة في مدارات منخفضة.
وذكرت المصادر أنه في حال نجاح البرنامج فإنه سيعزز بشكل كبير قدرة الحكومة الأمريكية والجيش الأمريكي على رصد الأهداف المحتملة بسرعة في أي مكان في العالم تقريبا.
أداة تجسسية بيد واشنطن
في هذا الصدد يؤكد الخبير السيبراني طارق العبسي لصحيفة «لا»، أن أقمار «ستار لينك» ليست مجرد وسيلة لتوفير الإنترنت، وإنما أدوات تجسيية بيد واشنطن. متابعا: «(ستار لينك) بلا منازع أداة هيمنة وتحكم بيد أمريكا، كذلك الإنترنت عبر الكابلات البحرية».
وأشار العبسي الى أن «ستار لينك» تلعب دوراً في النزاعات الجيوسياسية، وقال: «كان لـ(ستار لينك) دور كبير في الاستخدام العسكري في أوكرانيا، وهناك تقارير رسمية تفيد بذلك نتيجة الصراع المحموم بين روسيا وأوكرانيا بعد أن تدمرت العدد من محطات الاتصالات الأوكرانية حلت بدلا عنها (ستار لينك)».
مدارات منخفضة
ولفت العبسي إلى أن أقمار «ستار لينك» تدور في مدارات منخفضة، وأن خدمة الإنترنت التي تقدمها تشرف عليها أمريكا دون قيود أو رقابة أو تدخل من الدول. مضيفا: «صحيح هناك أقمار عديدة تم إطلاقها في مدارات قريبة بغرض الإنترنت الفضائي، ولا يمكن مراقبة البيانات أبداً من أي جهة ذات سيادة، وهناك قانون أمريكي يتيح للحكومة الأمريكية الاطلاع على بيانات وخدمات أية شركة أمريكية بداعي الحماية من الإرهاب».
قيود دولية
وفي معرض رده على كيف تنظر الحكومات المختلفة إلى انتشار «ستار لينك» في أراضيها؟ أكد العبسي أن العديد من الدول متخوفة ولديها تحفظات حول أنشطة وخدمات «ستار لينك».
وأضاف قائلا: «بالفعل خدمات (ستار لينك) ممنوعة في دول عدة، وإذا وجدت وصرحت في دول أخرى فإنها تعمل بشكل جزئي وعلى نطاق محدود وليس كليا».
تقنية مضادة
وبسؤاله هل بالإمكان إيقاف خدمات «ستار لينك» في بلد ما يحظر أنشطة «ستار لينك» كاليمن مثلا؟أجاب العبسي قائلا: «نعم وهذا يعتمد على إمكانية الدولة في توفير تقنيات (التشويش) الخاصة بموجات وترددات الأقمار الصناعية، وهذه إمكانيات لا تقوى عليها أغلب الدول، لأنها تعتبر تقنية متقدمة جداً، إلا إذا كان هناك أطراف دولية سعت لتوفيرها بأسعار مناسبة للدول النامية، كما أن روسيا طورت تقنيات عديدة مضادة لخدمات (ستار لينك)».
محاصرة «ستار لينك»
وعن كيفية معرفة أن هناك مستخدمين في دولة معينة كاليمن محظور فيها أدوات «ستار لينك»؟ أوضح بالقول: «الأمر بسيط للغاية ويعتمد على أجهزة متقدمة ومحمولة باليد تكشف مواطن استقبال الإنترنت الفضائي بدقة عالية».
انتهاك الخصوصية
وفي تعليقه على ما إذا كانت تستخدم «ستار لينك» بيانات المستخدمين لأغراض تجارية أو أمنية؟ يقول السيبراني العبسي: «حتى وإن وصرحت (ستار لينك) عن حمايتها لخصوصية المستخدمين وبياناتهم، لكن وللأسف لاحظنا تنصلا كبيرا من الدول والشركات الرقمية من الوعود في الحفاظ على خصوصية وبيانات المستخدمين، لا نثق تماما بذلك».
حصان طروادة
المحلل السياسي أحمد الزبيري في حديثه لـ»لا» ربط إطلاق خدمات «ستار لينك» في اليمن بالعدوان الصهيوأمريكي على بلادنا، بهدف تتبع تحركات الجيش اليمني وتحديد مواقع إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه الكيان والبوارج الأمريكية في البحر الأحمر، وقال: «أقمار (ستار لينك) تجسسية بامتياز، وسبق أن تم استخدامها في مناطق الصراعات كأوكرانيا ضد الروس».
ولفت إلى أن جبهة اليمن تعد الهاجس الأكبر لـ«تل أبيب» وواشنطن، والتي فشلت كل وسائلها في شل قدراتها المساندة لغزة، و»من المؤكد أن الصهيو-أمريكية باتت تراهن على أقمار «ستار لينك» التجسسية كحصان طروادة ليوفر لهما غطاء استختباراتيا بعد فشل تحالفها (حارس الازدهار)، ومن ثم عدوانهما المباشر على اليمن تزامنا مع سقوط شبكاتهم التجسيية في اليمن».
تهديد للأمن القومي
حكومة «التغيير والبناء» في صنعاء، وردا على إدخال خدمات «ستار لينك» لليمن، استنكرت استهتار المرتزقة بسيادة واستقلال اليمن لصالح قوى خارجية.
ولفتت إلى أن الإنترنت الفضائي المقدم من أقمار «ستار لينك» التجسسية يعد انتهاكا ليسادة اليمن، ويمثل تهديدا مباشرا لأمنها القومي، ويعرض نسيج المجتمع للخطر، ويقوض قدرتها في حماية خصوصية مواطنيها وبياناتهم التي سيتم الحصول عليها من الإنترنت عبر الأقمار الصناعية التجسسية المتخصصة لجمع المعلومات الاستخبتاراتية.
إلى جانب المخاطر القومية، تطرقت أيضا إلى أضرار اقتصادية ستتكبدها شركات الهاتف النقال العاملة في اليمن والتي ستُحرم من الإيرادات التي ستذهب لصالح أمريكا.
إجراءات تحمي الخصوصية لا السيادة
الجهات المختصة ممثلة بوزارة الاتصالات وبعشرات الرسائل الهاتفية الرادعة تحذر وتتوعد المواطنين من التورط في استخدام هذه الخدمة.
هذه الرسائل التحذيرية أثارث تفاعلا على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبر ناشطون أن مفعولها سيقتصر على الحد من استخدام الخدمة في اليمن دون الحد من مخاطرها، باعتبارها متاحة في المناطق المحتلة.
وحسب وصفهم للإجراءات، فإنها كفيلة بحماية خصوصية المواطنين في مناطق السيادة الوطنية إلا أنها غير كافية لحماية السيادة الوطنية من الأهداف الخفية لأقمار «ستار لينك» التجسسية والتي تستبيح الأجواء اليمنية لمراقبة تحركات الجيش اليمني وعملياته العسكرية تحت يافطة «بث إنترنت فضائي».
جهات رسمية بلا صلاحيات للحديث عن «ستار لينك»
في محاولة لتسليط الضوء على هذا الملف وخطورته، واجهنا سلسلة من العراقيل والصعوبات التي حالت دون الحصول على معلومات من الجهات الحكومية المختصة.
بدأت رحلتنا بمحاولة التواصل مع المؤسسة العامة للاتصالات في أمانة العاصمة، وهناك التقينا مدير مكتب المدير العام الذي أفاد بأن مدير المؤسسة غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام، ولا يملك الحق أو الصلاحية في الإدلاء بأي تصريحات صحفية، مؤكداً أن هذا الأمر يقع ضمن اختصاص رأس الهرم مدير الإدارة العامة التي مقرها بمنطقة الجراف.
ورغم إشارتنا له إلى حصولنا على تصريحات سابقة من مدير المؤسسة ومدراء أقسام آخرين، جاء الرد قاطعاً: «كان ذلك في السابق، الآن ممنوع، لم يعد من صلاحيات المدير الحديث لأي وسيلة إعلامية. ما عليك سوى الذهاب إلى الإدارة العامة بالجراف وهناك سيعطونك المعلومات».
وأصر مدير المكتب على موقفه من أن المدير العام ممنوع من الحديث لوسائل الإعلام، وهو ما اعتبرناه محاولة واضحة للتملص، وصرفنا عن مقابلة مدير عام المؤسسة.
الحديث للثقافة وليس للصحافة
في خطوة بديلة، توجهنا إلى مدير عام الشبكات في المؤسسة، والذي أبدى استعداده للحديث عن «ستار لينك»، ولكن حسب وصفة من باب الثقافة العامة وليس بصفته كمسؤول، واشترط عدم التسجيل أو النشر في أي وسيلة إعلامية، مؤكداً أنه بموجب التعميمات وتعليمات الإدارة العامة تم سحب صلاحياته بمعية زملائه من رؤساء الأقسام ومدراء الإدارات، من الإدلاء بأي تصريح صحفي أو الحديث لأي وسيلة إعلامية حول أي موضوع، بما فيها تلك التي تعد ضمن اختصاصهم.. وهو الآخر نصحني بالذهاب إلى الإدارة العامة بالجراف.
«تيليمن» ترفض الحديث خشية الوزير
لم تتوقف محاولاتنا عند هذا الحد، حيث توجهنا إلى «تيليمن»، وهناك تكرر السيناريو ذاته، فبعد أن تم تحويلي إلى المسؤول المختص بالإنترنت الفضائي للحديث عن «ستار لينك»، وإذا به هو الآخر يعتذر عن عدم الحديث لنا باعتبار التصريحات الصحفية هي من اختصاص وزير الاتصالات وحده «لا شريك له»!
وكرر اعتذاره عن عدم الحديث إلينا خشية مخالفة التعليمات وعواقب التعدي على صلاحيات الوزير باعتباره المخول في الحديث لوسائل الإعلام، وهو الآخر طلب مني الذهاب إلى الوزارة بالجراف.
أخيراً، بعد أن توجهنا إلى الجراف حيث الوزارة والمؤسسات التابعة لها، سعياً لمقابلة الوزير أو المدير العام، لكن ذلك كان مستحيلًا. كما لم نتمكن من الحصول على تصريح من أي من مدراء الإدارات أو الأقسام بسبب التعميمات الصادرة. وفي نهاية المطاف، تم تزويدنا برقم مدير العلاقات العامة والإعلام بالإدارة العامة للتنسيق معه بشأن مقابلة المدير، لكن محاولاتنا المتكررة للتواصل معه عبر الاتصال والرسائل باءت بالفشل.
هذه السلسلة من الرفض والتجاهل تثير تساؤلات جدية حول مدى الشفافية التي تتعامل بها المؤسسات الحكومية المعنية بملف خطير يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي ويعرض نسيج المجتمع للخطر، كما تطرح علامات استفهام حول أسباب هذا التكتم والتكميم الإعلامي الملحوظ، والذي يعيق حق الجمهور في الحصول على معلومات واضحة حول الخطر في البلاد.
ويبقى السؤال مطروحاً: ما الذي تحاول هذه الجهات إخفاءه؟ ولماذا يُمنع الصحفيون من أداء دورهم في تنوير الرأي العام حول قضايا تهم الوطن وحياة المواطنين؟!
المصدر مارش الحسام / لا ميديا