البديل المحاصر
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
مازالت القوى المعادية لكل تغيير وتحول ثوري، متحمسة للهدنة الوهمية، والتي مازالت حبراً على ورق لكيانات هزيلة وأممية، من ورق هدنة ضاعفت عدد السماسرة والجلادين والمخادعين والجواسيس والعملاء والمقهورين والمكدوحين والمفقرين والشتات والتآكل الداخلي والموت جوعاً... وحرماننا من الشهادة وشرف الموت في جبهات العز والكرامة، جبهات تحرير الوطن من الوصاية السعودية والإماراتية.
استشهادنا لم يكن مجاناً، وحقنا لم يكن رخيصاً إلى حد التبذير بهدنة مائعة رخوة، ولم نرغب بالموت للموت، ولم نكن لنرضى الحياة في المكان الذي يحدده لنا العدو. هدنة ضاعفت شهقات اليأس في نفوسنا ودعمت سياسات التحالف الكوني     
 والاستكانة لوضع فاسد بائس لا ينشأ عن أي حتمية، ويفرض علينا عدم المواجهة وجبروت الرفض لقوى العدوان ولتلك الانتهازية التي مازالت حتى الآن تجاهد في الداخل بصبر دؤوب لتدمير منجزات الثورة وتضييق الخناق على الثوار الشرفاء وتشويه سمعتهم واتهامهم مرة بأنهم قوى “متطرفة” في ثوريتها، ومرات بأنهم شكل من أشكال “العمل الحزبي” ونوع من أنواع “مراكز القوى”...
كل تلك الاتهامات، لأنهم بقوة -تجردهم الذاتي إزاء القوى الشعبية المستضعفة ومصالحها- يشكلون قوة ارتكاز ومركز استقطاب لبناء عالم تنتفي فيه كل مظاهر الاستلاب والاستغلال والمحسوبية والفساد والنفاق السياسي وأيديولوجيات الأحزاب والقوى المساندة للعدوان.
هناك قوى محسوبة على النظام واقترنت شعاراتها بمفاهيم العدالة والحرية، وهي قوى انتهازية انضمت بغفلة من قيادتها إلى جهود القوى الرجعية في سبيل تخريب دور الثوار الشرفاء والداعمين للتحولات الجذرية، والذين يشكلون القوى الصامدة المدافعة عن المرتكزات الأساسية للثورة، وعن كل تحول نحو الأفضل للأمة، بعيداً عن سياسة الإذلال ومفاهيم التجويع وربط الأحزمة على البطون والاستهتار بالمال العام ودعم الفساد ومفاهيم الأزمنة الماضية والمحاولات الخبيثة التي تهدف إلى تحريض الجماهير.
وهكذا بدأت الغارات الداخلية بكل أنواع الأسلحة الثقيلة على الثوار الشرفاء، وعلى كل دلالة ثورية، وعلى كل مفردة تتصل بمعنى ثوري، وعلى كل من التزم بالفكر الثوري وانخرط بالمشروع الإنساني ودعم سياسات محاور المقاومة العربية والإسلامية، وتدفقت الغارات من كل صوب على رؤوس الثوار وبأرخص الأثمان والفوائد على صعيد المكاسب الآنية وباهظة الثمن على صعيد المصائر والمستقبل.
لقد عادت تلك الغارات بأرباح سياسية لبضعة أفراد من نوع سياسي “ثوري” خاص؛ ولكنها أحدثت تدميراً قاتلاً في أحلام أمة بكاملها، وسمحت باسم حصار مشكوك في نواياه وللتعتيم بأن يحل محل الأذهان المتفتحة وتستمر الغارات على البديل الثوري المحاصر ومشروعه في التحول الثوري، بما ينطوي عليه مغزى الشمول في بعده الديمقراطي والاقتصادي والاجتماعي لم يكن ليتم ويستمر من دون حركة ثورية قوية وقادرة وتعبئة ثقافية وإعلامية مستمرة تتولى بلورة التحول الثوري وتحرض عليه وترفض أن تنتهك قيمة الإنسان وحقوقه بذرائع واهية وتسميات خبيثة وبقدر كبير من الدهاء والدجل السياسي. فلا خيار لنا إذا أردنا أن نكون أحراراً سوى أن تلعب القوى الثورية دوراً ومباشرة في صنع القرار، بدءاً من حيثياته وانتهاء بتطبيقه، وتفعيل دور الرقابة والمحاسبة ومكافحة الفساد وتحرير البديل الثوري المحاصر.
إن التاريخ الثوري هو تاريخ حضاري، فمن ذا الذي يقبل محاصرة التاريخ والحضارة؟!

أترك تعليقاً

التعليقات