أحمد العماد

أحمد العماد / لا ميديا -
الملاحظات:
الاندماج النووي هو العمليةُ التي تندمج بها نواتان ذريتان خفيفتان لتكوِّنا نواة ذرية واحدة أثقل وزناً، ويصاحب هذه العملية انبعاث كميات هائلة من الطاقة، كلما زادت الكتلة نتج عنها طاقة هائلة.
أما الانشطار النووي فهو العملية التي تنقسم بها نواة ذرة ثقيلة إلى قسمين أو أكثر، ويؤدي انشطار العناصر الثقيلة إلى تولد كميات ضخمة من الطاقة الحرارية والإشعاعية.
الاندماج النووي ما يحصل للشمس والنجوم، والانشطار النووي ما يقوم به الإنسان في المفاعلات والقنابل النووية. ومن ستينيات القرن الماضي إلى اليوم والأبحاث تجري لتوليد الطاقة بالاندماج النووي، لنظافتها وشبه استدامتها؛ لكن مازالت أبحاثا.
الاندماج والانشطار النووي يولدان طاقة؛ لكنها تختلف قوة ونظافة واستدامة. وهذا هو الفرق، نتيجة الكتلة في الطاقة والأثر الناتج. نواميس إلهية في الطبيعة.
الانشطار، التجزؤ، الاندماج، الجمع، العام... خُذ الخواص الإيجابية وعالج السلبيات بخضوعها لأقواها. الاندماج، العام. طاقة أعلى وأنظف وشبه مستدامة. الثقافة القرآنية تجعلها مستدامة كاملة نواميس إلهية وتدخل بشري إيجابي، عكس التدخل البشري السلبي في الانشطار النووي!
حسناً، لا تغضبوا، التخصص والتخصص الدقيق؛ لكن في إطار الاندماج العام نواتان خفيفتان تندمجان لتكونا نواة واحدة أثقل.
نريد أن نستعير هذا في تنظيمنا الإداري، فنصنع اندماجاً للجزيئات الإدارية التي شطرناها فنتج عنها طاقة لم تبلغ طاقة الاندماج، علاوة على عدم نظافتها وعدم استدامتها! ولو اقتصرنا على النفايات المشعة الناتجة التي تضر بالإنسان والبيئة لكفى.
والانشطار والتشظي والتجزئة في الإدارة والاقتصاد والسياسة كما الانشطار النووي سلبياته أكثر بكثير من إيجابياته، ولهذا سعت الأمم الناجحة نحو الاندماج إدارياً واقتصادياً وسياسياً فصنعوا التكتلات في كل تلك المجالات!
نحن فعلت بنا ما فعلت ثقافة الانشطار والتشظي والتجزئة. نحن العرب والمسلمين كل مشاكلنا نتيجة هذه الثقافة، أضف بعدنا عن الثقافة القرآنية التي تحثنا على ما تحثنا عليه: الاندماج!
وهذا ما ندعو ونُلح عليه في تنظيمنا للدولة والحكومة اليمنية، دمج شطر وجزء وحتى «شُظي» أجهزة ووزارات ووحداتها خلال ستة عقود ويزيد. ثقافة عامة تلبي رغبات ونزوات فردية، وتقاسم مصالح بين الخاصّة، فضاعت المصلحة العامة الموصي بها الله عز وجل وأنبياؤه وأعلام الهدى الأطهار، عبر تاريخ البشرية.
فتشظت الطاقات والموارد، تكرارا وتداخلا، وخاصّة محدودة، صاحبها صراع على الموارد وضياع مصالح عامة أكبر وأشمل، لحساب مصالح خاصّة محدودة، والتي حتى لو توفرت النوايا الحسنة فهي عاجزة عن تحقيق مصلحة عامة، لمحدوديتها وأنانيتها.
دمج أجهزة الدولة ووزارات الحكومة ووحداتها يحقق الكتلة التي تحشد الطاقات لنتائج أكبر وأعظم، وتوفر الموارد لتوظيفها في مشاريع وأصول استثمارية، لاسيما في دولة ذات موارد محدودة!
الأعجب أن تجد الدول التي استقينا منها نظرية التنظيم لا تطبقها كما نطبقها. تأمل في الدول الناجحة، لن تجد من يمتلك عدداً مهولاً من الأجهزة والوزارات والوحدات التابعة كما الدول الفاشلة، ونحن العرب على رأسها، ولا عدد قوى عاملة عامة كما نمتلك! فتحوا لشعوبهم المجالات والتسهيلات ليصبحوا منتجين لرفد الدولة بالإيرادات، ليس عالة باستحقاقات هزيلة تفسد ولا تُغني!
تبحث عن نظرية التنظيم الإداري في هدى الله عز وجل والثقافة القرآنية؟ لاحظ تقسيم الإمام علي في عهده لمالك الأشتر المجتمع وفئاته وعلاقاتها البينية، ستجده يدمج ولا يشظي، سبع وزارات فقط! أرجع إلى العهد وتأمله جيداً.

التوصيات:
لا بُد من إعادة النظر في هذا الانشطار والتشظي لأجهزة الدولة ووزارات الحكومة ووحداتها التابعة، والعدد المهول للقوى العاملة العامة، فهذا وذاك يُمثل عبئاً ثقيلاً على كاهل موازنة الدولة ذات الموارد المحدودة.
وتوظيف الوفر الناتج عن دمج أجهزة الدولة ووزارات الحكومة ووحداتها في مشاريع وأصول استثمارية توظف القوى العاملة الفائضة عن الحاجة فيها لتصبح موارد بشرية منتجة تعود على الدولة بالموارد المالية، بدلاً من بقائها وتوسعها عالة على موازنة الحكومة في وضع لا يُعبر عنها إلا بأنها بطالة مقنعة.
وبالله التوفيق.

أترك تعليقاً

التعليقات