أحمد العماد

أحمد العماد/ لا ميديا -
الملاحظات:
هناك كثيرٌ من تجارب المقاطعة الاجتماعية في العالم لما يرفضه مجتمع ما من التعامل مع خدمة أو سلعة تجارية، وتتضح فاعليتها وجدواها في تحقيق المجتمع أهدافه من خلال تنفيذ المقاطعة، في تعبير مدهش وفعال عن الوعي الاجتماعي ورفضه لأي محاولات لاستغلاله سواءً من قبل الشركات التجارية محلية كانت أم دولية، أو حتى مقاطعة سلع دول الاستكبار العالمي، فيعطي المجتمع دفعة قوية لقيادته السياسية أو الثورية في مسيرتهم الوطنية الصادقة.
وكأقوى تجربة لتنفيذ المقاطعة المجتمعية ما قامت به حركة "سواديشي"، وهي جزء من حركة الاستقلال الهندية وتطور القومية الهندية، وكانت سياسة اقتصادية تهدف إلى إزالة الإمبراطورية البريطانية من السلطة وتحسين الشروط الاقتصادية في الهند من خلال اتباع مبادئ "سواديشي"، التي آتت بعض النجاح.
تضمنت استراتيجيات حركة "سواديشي" مقاطعة المنتجات البريطانية وإعادة إحياء المنتجات المحلية وعمليات الصناعة والإنتاج. يرى "إل. إم. بول" أن هناك 5 مراحل رئيسية لحركة "سواديشي":
- من 1850 حتى 1904: التي قادها أشخاص مثل دادابهاي ناوروجي وجوكالي ورانادي وتيلاك وجي في جوشي وباسوات كي نيجوني، وتعرف هذه المرحلة باسم حركة سواديشي الأولى.
- من1905  حتى 1917: بسبب قرار تجزئة البنغال الصادر عن اللورد كورزون.
- من 1918 حتى 1947: تمت إعادة صياغة فكر حركة سواديشي من قبل غاندي، بالترافق مع صعود الصناعيين الهنود.
- من 1948 حتى 1991: قيود منتشرة على التجارة الدولية والداخلية، أصبحت الهند معقل التكنولوجيا منتهية الصلاحية في عهد قوانين الترخيص البيروقراطية.
- من 1991 فصاعداً: التحرير والخصخصة والعولمة، رأس المال الأجنبي والتقنيات الأجنبية والكثير من البضائع الخارجية لم تعد محظورة، كما أن نهج النمو المعتمد على الصادرات أنتج الثورة الصناعية الحديثة.
كما لا ننسى في الوقت الراهن ما تقوم به أمريكا وأوروبا من حملة مقاطعة متنوعة لروسيا ومنتجاتها وخدماتها، مساندة لأوكرانيا في حرب روسيا لها.
ورغم جوهرية هذا الموضوع بالنسبة لنا كمجتمع يمني ونحن تحت نير عدوان وحصار جائر منذ ثماني سنوات، إلا أن وعينا اجتماعياً بأهمية المقاطعة لمنتجات دول الاستكبار العالمي والعدوان والاتجاه نحو، لا أقول بديل وإنما البدائل المتوفرة لها في السوق المحلية، المنتجات المحلية أولاً ثم منتجات الدول العربية غير مطايا العدوان ثم الدول التي لا يد لها في هذا العدوان، وهي كثيرة وتشكيلة واسعة أكبر من أن نحصيها هنا، هذا ناهيك عن منتجات دول الاستكبار العالمي ودول العدوان الضارة بصحة الإنسان والبيئة، وتلك التي لا حاجة إليها ماسة في الواقع.
يقول السيد العلم في كلمته بمناسبة ذكرى جمعة رجب بتاريخ 5/ 7/ 1444هـ: "لو عرفت تلك البلدان أن هناك توجهاً شاملاً وجامعاً للمسلمين جميعاً، للبلدان الإسلامية والعربية، في مقاطعة منتجاتهم، لتراجعوا فوراً؛ لأنهم يعرفون هذه اللغة (لغة المواقف)، وفي المقدمة ما يؤثر على وضعهم الاقتصادي، والسوق الكبيرة لمنتجاتهم هي العالم الإسلامي؛ لأنه غير منتج، الإنتاج فيه ضعيف، يعتمد بالدرجة الأولى على الاستيراد والاستهلاك لبضائعهم ومنتجاتهم، ويستفيدون منه الاستفادة الكبيرة؛ ولكن أن يصل الحال في العالم الإسلامي أن بعض الدول ليس لها موقف حتى في أبسط المواقف، على مستوى إجراءات دبلوماسية، إجراءات اقتصادية، نشاط إعلامي قوي، تحرك شعبي واسع، بل لا يسمحون في بعض البلدان حتى للتحرك الشعبي أن يكون بالمستوى المطلوب، وأن يعبِّر عن موقف جاد، وموقف قوي، وموقف يرقى إلى الحد الأدنى، إلى المستوى المطلوب، وهذه مأساة في واقعنا الإسلامي".

التوصيات:
حالة اللامبالاة والضعف في التفاعل مع هذا الموضوع يجب أن تتناوله الوزارة المختصة، ببرنامج مفتوح متنوع يستخدم كل وسائل الاتصال والتواصل الإعلامي والاجتماعي، حتى تؤتي أكلها وأثرها في الوعي الاجتماعي.
وبالله التوفيق.

أترك تعليقاً

التعليقات