صواريخ آية الله وحرب الجبهتين
 

شوقي عواضة

شوقي عواضة / لا ميديا -
لم يكن قرار شن العدوان على الجمهورية الإسلامية الإيرانية من قبل العدو الصهيوني والولايات المتحدة و«الناتو» وليد اللحظة، بل كان نتيجة عملٍ أمني واستخباري صهيوني - أمريكي استغرق ثلاثين سنةً، لتعطيل برنامج إيران النووي وإضعافها. وعليه فقد شكلت لحظة الهجوم، وفقاً لتقييم العدو «الإسرائيلي»، تتويجاً لعملٍ أمني استخباري مشتركٍ بين الولايات المتحدة وكيان العدو ودول التطبيع والمعارضة الإيرانية، جند فيها أجهزة استخبارات ومنظمات دولية تحت أسماء مختلفة وأنظمة التطبيع في الخليج، وسخرت لها أحدث التقنيات من أقمار اصطناعية ووسائل تجسس وتجنيد عملاء في الداخل الإيراني، وخصصت لها ملايين الدولارات بانتظار لحظة الصفر لتنفيذ العدوان وفقاً لما يلي:
1ـ استهداف مركز القرار ورأس الثورة الإسلامية باغتيال قائد الثورة ومرشدها آية الله السيد علي الخامنئي.
2ـ اغتيال كبار القادة في الحرس الثوري وكبار الضباط في الجيش الإيراني، وإحداث صدمة ثانية باستهداف بدائل قيادات الصف الأول ومنعها من التعافي بعد الضربة الأولى.
3ـ تدمير المفاعلات النووية وإحداث حالة إرباك لإرضاخ إيران للأمر الواقع.
4ـ تدمير القدرات الصاروخية، لاسيما الصواريخ الثقيلة، وتجريد إيران من عناصر القوة في المواجهة، وشل عملية الرد على أي عدوان.
5ـ انطلاق مجموعات من العملاء والمعارضة الإيرانية، وفي مقدمتها جماعة منظمة «خلق» الإرهابية، لشن عمليات في الداخل بالتزامن مع العدوان الصهيوني.
أُسقطت أهداف العدوان منذ الضربة الأولى، وأثبتت القيادة الإيرانية قدرتها على امتصاصها وسيطرتها وإدارتها للعمليات دون خلل أو إرباك، فانتشار ما يقارب المليون عنصر من «الباسيج»، ومداهمة أوكار العملاء واعتقال شبكاتهم ومصادرة آلاف المُسيّرات، شكل ضربة للعدو وإحباطاً كبيراً، لتكمل القيادة الإيرانية عملياتها باستهداف قلب الكيان الصهيوني في «تل أبيب» بصواريخ باليستية وفرط صوتية، إضافة إلى المُسيّرات التي تجاوزت تصدي البوارج والقواعد الأمريكية في الخليج، الذي شاركت بعض دوله التي تحولت إلى أكياس رمل لحماية الكيان من خلال التصدي للهجمات الصاروخية الإيرانية.
وهو ما أكده مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، في تقرير شارك فيه ونشره «معهد واشنطن»، والذي أعلن فيه عن مشاركة الأردن بقواته الجوية في إسقاط الطائرات الإيرانية بدون طيار التي حاولت التحليق في أجواء المملكة، إضافة إلى مشاركة عدة دول عربية في التصدي للصواريخ والمُسيّرات التي أطلقتها إيران على «إسرائيل» انتقاماً لهجوم الليلة الماضية، وشاركت معلومات الرادار للمساعدة في هزيمة تلك التهديدات، إضافة إلى إطلاق منظومات «ثاد» و«حيتس» و«مقلاع داوود» و«الباتريوت»، وغيرها من المنظومات الصاروخية الدفاعية للعدو الصهيوني، التي فشلت في منع وصول الصواريخ الإيرانية إلى عمق الكيان.
وعلى مدى 12 يوماً من المواجهات انكشف الكيان أمام الضربات الإيرانية التي لم يكن يتوقعها. فبعد فشله في تحقيق أهداف عدوانه على إيران سارع للمطالبة بوقف إطلاق النار، عن طريق حليفه الأمريكي، بعد الخسائر التي تلقاها طيلة أيام المواجهة. فخرجت إيران منتصرة بكل ما للكلمة من معنى، وباعتراف إحدى الدوائر الرسمية في الكيان الصهيوني، التي اعترفت بالهزيمة وأقرت بانتصار إيران، رغم الرقابة العسكرية المشددة على الإعلام.
ففي تقرير لمسؤولة ضرائب الأملاك ومساعدة مدير سلطة الضرائب في الكيان الصهيوني، ميري أسافيون، نشرته صحيفة «معاريف» العبرية تحت عنوان «الصواريخ الإيرانية التي لم تكن إسرائيل مستعدة لها»، تقول: «صحيح أن الحرب مع إيران استمرت 12 يوماً فقط، لكن الدمار الذي تسببت به داخل إسرائيل هائل. فإلى جانب مقتل 28 مدنياً، تسبب وابل الصواريخ الباليستية في انهيار مبانٍ سكنية ومؤسسات ومبانٍ عامة، وتركت عشرات الآلاف من المواطنين بلا مأوى. ستتطلب إعادة تأهيل المناطق المتضررة سنوات، لإعادة بناء ما تم محوه، واستعادة الشعور بالبيت، إذا أمكن فعل ذلك أصلاً».
وتضيف أسافيون: «حتى الآن، تلقى مركز صندوق التعويضات التابع لضريبة الدخل نحو 43 ألف مطالبة بتعويض عن أضرار. ووفقاً لتقسيم المعطيات الذي نشرته ضريبة الدخل يوم الأربعاء الماضي، قُدمت 26,084 مطالبة بتعويض عن أضرار في منطقة الوسط، و12,364 مطالبة في منطقة الجنوب، و2,750 مطالبة في منطقة عكا والجليل الغربي وحيفا، و226 مطالبة في طبريا وبيسان، و104 مطالبات في منطقة القدس، وتسع مطالبات في كريات شمونا، وتُقدم مطالبات إضافية يومياً، 80% منها تتعلق بأضرار في المنازل السكنية، و20% بأضرار في المؤسسات العامة والمتاجر والمكاتب والروضات والمركبات. وحسب المعطيات لدى لجنة الداخلية في الكنيست، جرى إخلاء نحو 18 ألف مواطن من منازلهم».
أما رئيسة نقابة مثمني العقارات، نحاما بوغين، فتحدثت عن ضرر غير مسبوق. «لم يكن هناك حتى الآن أي حدث يقترب من هذا، ولا حتى في حرب «سيوف من حديد». حالياً، هناك نحو 25 مبنى معد للهدم، وقد تزداد الأعداد». وأضافت أن بعضهم سيواجه صعوبة في إيجاد شقة بديلة، بسبب الطلب المرتفع على الشقق في المناطق المتضررة وارتفاع الإيجارات تبعاً لذلك.
هذا على مستوى الخسائر في المؤسسات والمباني في الكيان، ماذا عن خسائر العدو العسكرية، التي لا يزال يفرض عليها تكتماً شديداً رغم إعلانه قبيل وقف إطلاق النار عن نقص في منظومات الصواريخ المضادة، وذلك ما ستكشفه الأيام المقبلة من حقائق تؤكد ضعف ووهن هذا العدو وحلفائه وفشلهم في مواجهة إيران التي خرجت منتصرة لغزة وللشعوب العربية والإسلامية نصراً لا لبس فيه.

أترك تعليقاً

التعليقات