اليمن أكاديمية للأبطال في القرن الحادي والعشرين
- شوقي عواضة الثلاثاء , 15 مـارس , 2022 الساعة 7:57:32 PM
- 0 تعليقات
شوقي عواضة / لا ميديا -
بالرغم من ضراوة وشراسة الحروب التي كانت تُدار أمريكياً في المنطقة، وبتمويلٍ خليجيٍ، وبالتحديد سعودي ـ إماراتي، وأهدافها وتوفير كل الإمكانيات العسكرية والإعلامية لها، إلا أنها هُزمت بعد مواجهتها بشراسةٍ من قبل قوى محور المقاومة، التي باتت تشكل قوةً إقليميةً تغير في المعادلات والتوازنات. لكن أشرس تلك الحروب العدوانية في القرن الحادي والعشرين على الإطلاق هو ذلك العدوان الكوني على اليمن، الذي دخل عامه الثامن دون أن يحقق أي هدفٍ من أهدافه المعلنة، بل كان الأكثر إجراماً وقتلاً وارتكاباً للمجازر بحق اليمنيين.
شهد القرن الحادي والعشرون حروباً وصراعاتٍ دمويةً متعددةً، منها: حرب الكونغو الثانية التي استمرت خمس سنوات (1998 ـ 2003)، والغزو الأمريكي للعراق عام 2003، إضافةً إلى نزاع دارفور والحرب في أفغانستان وحروب ما يسمى "الربيع العربي" التي استهدفت معظم الدول العربية في سورية والعراق وليبيا ومصر وغيرها من الدول، وصولاً إلى العدوان على اليمن والعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
كل تلك الحروب كانت تُدار أمريكياً وبتمويلٍ خليجي، وبالتحديد سعودي ـ إماراتي. لم تنتج تلك الحروب العدوانية سوى تحقيق الأهداف والمصالح الأمريكية ـ "الإسرائيلية" في المنطقة، ضمن عملية تدمير عناصر القوة في الأمة، في ظل انكشاف تلك الأنظمة أمام الشعوب بعد انتصارات المقاومة في لبنان عامي 2000 و2006 وفي فلسطين عام 2008 ولاحقاً في معركة "سيف القدس".
لم يكن أمام أنظمة الإرهاب في ظل تلك الإنجازات إلا إطلاق وحش الإرهاب الداعشي بدعم أمريكي وأوروبي ضمن مشروع تفتيتي يهدف إلى ما يلي:
1ـ ضرب عناصر القوة في الأمة من خلال استهداف الدول المتبنية للقضية الفلسطينية والعمل على تشتيت قدراتها وإشغالها بمعاركَ داخليةٍ.
2ـ استهداف الجيوش وتدمير قوتها وخلق شرخٍ بينها وبين شعوبها.
3ـ تجميل صورة العدو "الإسرائيلي" وترسيخ ثقافة السلام وطرح العدو الإيراني كعدو بديل يهدد الأنظمة العربية، لاسيما أنظمة بني سعود والبحرين والإمارات.
4ـ تحويل مسار المعركة من فلسطين إلى الداخل وتأجيج الصراعات والنزاعات الداخلية لإبقاء الأمريكي في المنطقة.
بالرغم من ضراوة وشراسة تلك الحروب وأهدافها وتوفير كل الإمكانيات العسكرية والإعلامية والدعم المالي لها، إلا أنها هُزمت بعد مواجهتها بشراسةٍ من قبل قوى محور المقاومة، التي باتت تشكل قوةً إقليميةً تغيّر في المعادلات والتوازنات. لكن أشرس تلك الحروب العدوانية في القرن الحادي والعشرين على الإطلاق هو ذلك العدوان الكوني على اليمن، الذي دخل عامه الثامن دون أن يحقق أي هدفٍ من أهدافه المعلنة، بل كان الأكثر إجراماً وقتلاً وارتكاباً للمجازر بحق اليمنيين.
وبالرغم من عدم تكافؤ القوى في الحروب التي شهدها هذا القرن، ومنها الحرب الروسية على أوكرانيا، لا بد أن نرى ذلك من خلال ما يلي:
1ـ عدم التوازن العسكري في اليمن بين قوى تحالف العدوان التي تضم قرابة ثلاثين دولة، وفي مقدمتها دولٌ كبرى كالولايات المتحدة الأمريكية، وبين الحرب الروسية على أوكرانيا التي يمتلك فيها طرفا النزاع كل مقومات القوة والتوازن.
2ـ توفير الغطاء السياسي الدولي للعدوان على اليمن بالتواطؤ الدولي معه، ورفض الحرب على أوكرانيا، ووقوف التحالف العدواني في اليمن إلى جانبها.
3ـ دفاع اليمنيين عن أنفسهم في ظل حصار بدأ مع بدايات العدوان، في حين أن أوكرانيا تواجه العملية وأجواؤها مفتوحة دون التعرض لأي حصار.
4ـ مواجهة اليمنيين لتحالفٍ دولي عدواني متعدد الأقطاب تفوق ترسانته العسكرية الترسانة الروسية الوحيدة في مواجهة أوكرانيا.
بغض النظر عن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وأحقية روسيا في ذلك أو عدمه، كان لا بد من إجراء تقييمٍ لبطولة الشعب اليمني الأعزل وتضحياته وثباته على مدى ثماني سنوات في مواجهة العدوان في ظل حصارٍ مطبقٍ لم يمنع أبطال الجيش واللجان الشعبية من تطوير منظوماتهم القتالية والصاروخية والتصنيع العسكري، لاسيما الطائرات المسيرة التي غيرت الكثير من قواعد الاشتباك.
تطويرٌ سريعٌ ومدهشٌ أذهل العدو قبل الصديق، وأرسى قواعدَ قويةً ومتينةً في المواجهة تقول: إن ما أنجزه اليمنيون من تحرير لأغلب المحافظات والمديريات التي كانت تسيطر عليها قوى العدوان السعودي ـ الأمريكي ـ الإماراتي ـ "الإسرائيلي" هو إنجازٌ كبيرٌ رغم عدم التوازن العددي والتقني والعسكري، وإن تطوير صناعاتهم العسكرية الذي أرعب قوى العدوان حفزه لأن يكون قوةً كبيرةً وأساسيةً في محور المقاومة باتت تهدد المصالح الأمريكية و"الإسرائيلية"، وإن نقل المعركة من داخل اليمن إلى خارجه من خلال استهداف مصافي النفط والمطارات في أبوظبي والرياض وغيرهما من دول العدوان لهو إنجازٌ نوعي بامتيازٍ.
أما على مستوى العدوان الذي ما زال يجني المزيد من الفشل والتخبط على مدى سنوات العدوان فلا يتوقع إلا أن تتراكم هزائمه ويتعاظم فشله مع استمراره بالعدوان على اليمن، ذلك العدوان الذي لم يجنِ من سنوات عدوانه السبع إلا المزيد من الإجرام الذي سبق به أسلافه من النازيين، فاستحق أن ينال جائزة أسياده من نوبل للإجرام.
أما اليمنيون فهم الثابتون في ثغورهم، لن يتهاونوا في الدفاع عن وطنهم وأرضهم، ولن يثنيهم عن الاستبسال في المعركة حصارٌ ولا عقوباتٌ أمريكيةٌ ولا تهديداتٌ "إسرائيليةٌ" ولا الدعم الأوروبي للعدوان.
ولن يلقى العدوان في اليمن إلا البأس اليمني الذي يشهد له التاريخ.
المصدر شوقي عواضة
زيارة جميع مقالات: شوقي عواضة