علي يوسف

علي يوسف / لا ميديا -
في احتفالية الروشة في ذكرى سنة على استشهاد الشهيد الأسمى السيد حسن نصر الله بدأ الجميع يخرجون إلى الواقع، وهو مسار كان بدأ في جلسة مجلس الوزراء التي يحلو للبعض أن يسميها جلسة التكويعة»، والتي باشرت فيها قيادة الجيش إعادة العقول (العقول استعمال مجازي) إلى الوقائع عبر عرض خطة تنفيذ إملاءات حصر السلاح.
ساد الفترة الماضية الكثير من الجعدنة السياسية المرتبطة برغبات الانهزام والذل والخضوع للغرب كنمط حياة شخصية، وللسعودية «طال عمرها » كمصدر مكرمات والجهة القابلة للتوجه إليها كشحاذين طالبين المساعدات، وعلى حساب كل شيء، من السيادة إلى الكرامة وحتى الكرامة الشخصية .
لقد ظن البعض، بناء على ما بثه العدو الأمريكي - الصهيوني من أن المقاومة انتهت وبناء على الضربات الموجعة التي تلقتها المقاومة، أنه بات يمكنهم نعي الكرامة ، وحان وقت قيامة الارتزاق المتأصل تاريخيا في التكوين اللبناني وفي نفوس وعقول معظم القوى السياسية التي تسلمت السلطات التي توالت على لبنان.
وهكذا بدأت سمفونيات العجز وعدم القدرة على الردع وعدم القدرة على المواجهة، واعتبار الدبلوماسية الخاضعة طريقا وحيدا لاستعادة الارتزاق في السيادة والسياسة والاقتصاد والثروة، حتى وصل الأمر بوزير خارجية لبنان أن يقول: ليس أمامنا إلا البكاء عند الأمريكان.
وهكذا قطعت خطة الانتداب السياسي الأمريكي السعودي على لبنان شوطا طويلا بمواكبة جارية لتحقيق الانتداب الاقتصادي لصندوق النقد الدولي وسياساته المعروفة الموجهة أمريكيا ؟!
ولا بد من الصراحة في القول إن المقاربات التي اتبعتها المقاومة بهدف كسب الوقت للترميم واستعادة الجهوزية تمهيدا للمواجهة الكبرى القادمة كانت كارثية وأعطت انطباعات خاطئة ساهمت في تعزيز إحياء قيم الارتزاق والخضوع بكل وقاحة، وعلى حساب كل التضحيات التي قدمت ، بل وبسياسات شماتة ومحاولات إذلال واستفزاز واستهزاء، وصولا إلى أحاديث عن عزل وتهجير بيئة كاملة أو شعب كبير بالتأكيد يفوق نصف الشعب اللبناني فمنذ وقف إطلاق النار تم تشكيل لجنة الميكانيزم بطريقة مذلة وخاضعة ، ثم لحقها تركيب سلطة موالية بالكامل بكل تركيبتها إلى أمريكا والسعودية، وتم غض النظر عن مضامين خطاب القسم والبيان الوزاري في ما يتعلق بنزع السلاح ، تحت شعار حصر السلاح بيد السلطة ، بغطاء نص عام في القانون الدولي ، ثم رافق ذلك أيضا ممارسات خضوع كامل للإملاءات وبكل وقاحة وفجاجة وعهر، وتحول وزراء الثنائي إلى ما يشبه الشهود الزور الذين يهتمون فقط بشؤون إدارة وزاراتهم وتحت سقف الاملاءات، بل وأحيانا الافتخار بتطور فرض الإملاءات وحسناتها المرتقبة ،
تاركين تحديد السياسات والمواقف الرئيسي الجمهورية والحكومة متناسين صلاحيات مجلس الوزراء مجتمعا ولا بد من القول أيضا وبصراحة إن الاتكال على إمكان الانسحاب من مجلس الوزراء لحجب «الميثاقية» عن قرارات محددة ليس سياسة ناجحة ، بل ليس سياسة على الإطلاق فممارسة السلطة عمل متناسق، من التكوين إلى السياسات إلى الممارسة إلى بناء المؤسسات إلى الأهداف والرؤية وليست خطوات اعتراضية ترفع البطاقة الحمراء وتضطر إلى اللجوء إلى الجراحة
صحيح أن انسحاب الوزراء الشيعة من جلسة مجلس الوزراء حين صدور قرار حصر السلاح بجدول زمني رفع البطاقة الحمراء، إلا أن لون البطاقة كان مغشوشا»؛ كون القرار صدر بناء على إملاءات من قام بتركيب مجلس الوزراء، واستمر القرار قائما ، واستمر الوزراء الشيعة في الحكومة المتابعة تنفيذ الإملاءات الأخرى التي تستكمل قرار حصر السلاح سياسيا واقتصاديا ، بما عزز لدى أطراف الارتزاق والخضوع قناعة هزيمة المقاومة، على اعتبار أن من لا يملك ردع الإملاءات كيف يمكنه ردع العدوان والمواجهة والتحرير ؟!
ومع أن قيادة الجيش حاولت إخراج مجلس الوزراء من أوهام النوايا والتمنيات والإملاءات إلى الواقع الحقيقي، عبر «تكويعة» خطة حصر السلاح، إلا أن أطراف الارتزاق والخضوع اعتبرت الأمر وكأنه أخذ فرصة أطول للتنفيذ، من دون أن تلتفت إلى وقائع أسباب «التكويع»! وهكذا تابع هؤلاء ممارساتهم في الاتجاهات نفسها في إعلان المواقف ،
وصولا إلى الموقف الأخير باستسهال منع احتفالية الروشة لإحياء ذكرى الشهيد الأسمى السيد نصر الله، الذي تقدسه بيئته، مع السيد الهاشمي ، وفي مواجهة مع أكثر من نصف الشعب اللبناني من الصعب فهم كيف يمكن أن يقدم نواف سلام على منع احتفالية تتعلق بقائد وزعيم أممي تحتفل دول كثيرة بذكرى استشهاده، وتحتفل فيها أيضا شعوب لم تسمع باسم نواف سلام أصلا! إلا أن ذلك يشير إلى حجم وعي هذه السلطة الارتزاقية وحجم خضوعها وانصياعها
لقد شكل الإصرار على تنفيذ الاحتفالية في الروشة، وتجاهل قرار سلام، خطوة أساسية من المقاومة، ومباشرة هذه المرة، في إعادة الجميع إلى عالم الواقع، ووضع حد لمقاربات انطباعات الانهزام ولفجور سياسات السلطة الارتزاقية الخاضعة، إلا أن هذه الخطوة يجب أن تشكل حدا فاصلا وانطلاقة لمقاربات مواجهة ردعية للإملاءات الأمريكية ولخدامها في السلطة، على طريق تأكيد استعادة العافية الردعية في مواجهة العدو وعلى طريق التحرير والانخراط في مواجهة الأمن القومي في الحرب الوجودية مع الكيان الصهيوني .
هكذا نكون على العهد، وهكذا نحترم تضحياتنا الكبرى على طريق تحرير لبنان وعلى طريق القدس، وهكذا نكون صادقين مع شعبنا وقيمنا . ونقطة على السطر

أترك تعليقاً

التعليقات