مثلك لا يموت
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
ما أقسى تلك الساعات ساعات ما قبل إعلان الفاجعة ساعات الترقب والانتظار ، ساعات اللهفة الظامئة إلى طلتك ، والاشتياق الذي يفوق الوصف إلى إجلاس الأرواح بين يديك، وتهافت القلوب على محياك .
ولم لا تهيم أرواحنا في هواك ، وأنتَ سدرة منتهى الشجاعة والشرف والنبل والسماحة والرحمة والتواضع والعفو والكرم والنجدة والفداء والتقوى والاستقامة والوعي والبصيرة وحب الناس، والقرب منهم ، وحمل همومهم، وتبني كل ما يرفع عن كواهلهم الظلم والفقر والاستبداد، والانحياز إلى صف المستضعفين مهما كان الثمن؟
كيف لا تتحلق القلوب في رحابك ، وتكاد تنزع من على الأرض مقعدك، لتضعك فيها ، حرصا على ألا ينازعها في شرف احتضانك أحد ؟
يا نصرنا بعد قرون من الهزائم ، ويا عزنا بعد دهور من الذل . يا زماننا الذي لم يكن لنا قبلك زمنا ، ويا ماهية الوجود لإنساننا العربي الذي ظل نهبا لقوى الاستلاب والتبعية، ومحل إباحة للتكفير والظلامية ، ومطايا تمتطيه إمبراطوريات الشر ، وحركات الظلم والضلال، وأنظمة الاستبداد والاستكبار، فلا وطنا يؤويه، ولا جبلا يحتمي به، ولا ظلا يستظل تحت لوائه؛ إذ عقمت الأصلاب مذ قضى (ناصر) وراحت الجماهير تدور بفلك الأشباح ، وتتبع كل ناعق، وتجري مع كل وهم ، فكان العدم مثوانا من المحيط إلى الخليج ، ولم نكن سوى دمى متحركة على متاحف الشمع، فلا يسارية أمطرت فنفعت، ولا يمينية أعطت فشفت، فقد تساوى الدين والعلمنة ، واتحد الملحدون والموحدون ، تحت راية أميركا ، وارتضاها الجميع ربا ، ودانوا بشرعة السامري ، وسيق الجميع إلى فراش الصهيونية ، حتى بدت يد روح الله ، بثورة الشعب الإيراني ، ولكن لم يسمح لنورها باجتياز حجب ضلالات الأعراب، وفتحت الوهابية أبواب التنازع والفرقة، وتعاقب التجار بكل شيء على البيع والشراء فينا وفي كل شيء ، إلى أن جئت ، فكنت الماء والنور والهواء، والحب والحرب ، والدمعة والابتسامة ، والمعنى الذي فقدناه ففقدنا ، إلى أن ابتعثنا من مواتنا بداية الألفية الثالثة، وأعاد لنا الثقة بالنفس معززاً لوجودنا كمنتصرين في حرب تموز، 2006 م كيف لا نبكيك يا ثأر الله ونصره ، وأنت الكل فرداً، والوجود فاعلية وآثارا؟
لم يقتلوك؛ لكنهم قتلونا مذ ارتقيت شهيداً، ولكنك حتماً يا سيد النصر ، يا قائد القلوب: لن تغيب ، وهذا عزاؤنا ، ومقام صبرنا ، وبلسم جرحنا ، يا ذبيح كربلاء الضاحية الزمان أنت شمسه ، والمكان أنت صاحبه ، والفعل ما زال معطيك قياده، فالميدان ميدانك ، والليالي والأيام أوراقك فاكتب على كل واحدة منها ولى زمن الهزائم .
يا أكمل من رأينا فيه علي النهج ، وحسين السيرة والمسيرة: مثلك لا يموت .
ووحدك من لا تزال القلوب والعقول مضاءة بصورته وصوته، يا نصرنا الأزلي:إلى اللقاء في الشهادة ، إلى اللقاء في انتصار الدم على السيف .

أترك تعليقاً

التعليقات