خطاب الثوابت والمقاومة في زمن التحولات
- علي القرشي السبت , 8 نـوفـمـبـر , 2025 الساعة 2:45:49 AM
- 0 تعليقات

علي القرشي / لا ميديا -
في لحظة فارقة من تاريخ الأمة العربية، وفي ظلّ اشتداد العدوان الصهيوني على فلسطين، وتزايد الهيمنة الأمريكية في المنطقة، جاءت كلمة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي (حفظه الله) في المؤتمر القومي العربي، المنعقد في بيروت، لتعيد التأكيد على ثوابت الأمة وهويتها الجامعة، وتقدّم رؤية شاملة لمواجهة التحديات التي تحاصر العالم العربي والإسلامي من كل اتجاه.
افتتح السيد القائد كلمته بتأكيد أهمية انعقاد المؤتمر القومي العربي في توقيت حساس ومليء بالتحولات، مشيراً إلى أنّ الأمة تمرّ بمرحلة غير مسبوقة من التهديدات والمخاطر التي تستهدف وجودها وثقافتها ومقدساتها.
وفي هذا السياق، شدّد على أنّ المؤتمرات الفكرية والسياسية العربية ينبغي ألا تبقى حبيسة الشعارات، بل تتحول إلى منصات فاعلة لإحياء الوعي واستنهاض الشعوب في مواجهة مشاريع الاستسلام والتطبيع والتبعية.
ومن أبرز ما ركز عليه السيد القائد مسؤولية النخب العربية والإسلامية في تحريك الجماهير وتوسيع دائرة الوعي، مشيراً إلى أنّ الحرب على الأمة ليست عسكرية فقط، بل فكرية وثقافية وإعلامية.
وأكد أنّ الأعداء يسعون إلى تزييف وعي الشعوب وتجريدها من عناصر القوة، وأنّ النخب تتحمّل واجب التصدي لهذه الحرب الناعمة، عبر ترسيخ قيم الاستقلال والعزة والكرامة.
وفي تحليله للواقع الإقليمي، قال السيد القائد إنّ العدو «الإسرائيلي» يعلن جهاراً سعيه إلى ما يسمّيه «تغيير الشرق الأوسط» وإقامة «إسرائيل الكبرى»، وهو مشروع يتبناه الغرب وتدعمه الولايات المتحدة بكل أشكال القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية.
وأشار إلى أنّ هذا المخطط لا يستهدف فلسطين وحدها، بل يستهدف كل الشعوب العربية والإسلامية، داعياً إلى وحدة الموقف والمصير في مواجهة هذا العدوان الشامل.
وخصّ السيد القائد بالذكر تجارب المقاومة في لبنان وغزة واليمن باعتبارها أمثلة حية على صمود الأمة، مؤكداً أنّ المعادلة الذهبية في لبنان (الجيش والشعب والمقاومة) كانت وما زالت صمام أمان حقيقي في وجه العدوان «الإسرائيلي».
وأشار إلى أنّ المقاومة في غزة على مدى عامين أرغمت العدو على التراجع، بفضل الصمود الشعبي والدعم من جبهات الإسناد، وفي مقدمتها اليمن الذي قدّم مئات الشهداء والجرحى في سبيل نصرة القضية الفلسطينية.
وفي تفصيل لافت، أعلن السيد القائد أنّ اليمن نفّذ أكثر من 1830 عملية عسكرية بين صواريخ وطائرات مسيّرة وزوارق حربية، استهدفت المصالح «الإسرائيلية» والأمريكية في البحر الأحمر وبحر العرب، وفي عمق العدو «الإسرائيلي» داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما أجبر العدو على إغلاق بعض الموانئ والمطارات وتكبّد خسائر اقتصادية جسيمة.
وأوضح أن إسقاط 22 طائرة تجسسية أمريكية من نوع (MQ-9) شكّل محطة مهمة في مواجهة الغطرسة الأمريكية و»الإسرائيلية»، وأثبت فاعلية القدرات اليمنية الدفاعية.
وأبرز السيد القائد في كلمته أن الشعب اليمني كان حاضراً بزخمه الشعبي والسياسي والإيماني، مشيراً إلى أن اليمن شهد خلال عامين أكثر من نصف مليون فعالية شعبية، من مسيرات مليونية ووقفات طلابية وقبلية ومؤتمرات علمائية.
وبيّن أن أكثر من مليون متدرب عسكرياً شاركوا في برامج التعبئة والإعداد، في مشهد غير مسبوق في التاريخ اليمني الحديث، مؤكداً أن ذلك يعكس وعي الشعب وإيمانه بعدالة قضيته القومية والإسلامية.
وفي ختام كلمته، دعا السيد القائد إلى التمسك بكل عناصر القوة في وجه محاولات فرض معادلة الاستباحة، التي يسعى إليها العدو «الإسرائيلي» والأمريكي، مؤكداً أن الرضوخ للإملاءات يعني التنازل عن الكرامة والحرية والاستقلال.
كما رفض محاولات تصوير الصراع بأنه بين إيران و«إسرائيل» فقط، مؤكداً أن العدوان يستهدف العرب أولاً، وأنّ إيران تؤدي دوراً داعماً لقضايا الأمة العربية والإسلامية لا العكس.
وجاء خطاب السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بصيغة جامعة بين التحليل السياسي والخطاب التعبوي؛ إذ جمع بين الدعوة إلى الوعي والتعبئة من جهة، وتأكيد القوة والمقاومة العملية من جهة أخرى.
وفي الوقت الذي يراهن فيه البعض على التسويات والمبادرات، أعاد السيد القائد تأكيد أنّ العزة لا تُستجدى من الأعداء، بل تُنتزع بالموقف والثبات.
لقد نجحت الكلمة في أن تكون صوتاً عروبياً حراً داخل محفل قومي عربي طالما افتقد العلاقة بين صدق الخطاب والعمق الميداني، وجسدت أوضح تجسيد علاقة الفكر القومي بالموقف المقاوم، لتذكّر الأمة بأنّ الطريق إلى الكرامة يبدأ من الوعي، ويمرّ عبر المقاومة، وينتهي بالنصر.
خلاصة القول: كلمة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي لم تكن مجرد خطاب سياسي؛ بل كانت وثيقة فكرية تعبّر عن مشروع تحرّري متكامل أعاد تعريف القومية العربية بوصفها نهجاً للمقاومة لا شعاراً سياسياً، وأعاد للبوصلة وجهتها نحو فلسطين، حيث تختبر الأمة صدق مواقفها ووعي شعوبها.
أترك تعليقاً
التعليقات
- الثلاثاء , 9 أغـسـطـس , 2022 الساعة 10:37:46 AM
أتفق معك فى معظم ماتم زكره يأخى العزيز ولكننى أريد أن أنوه إلى أن إيران حققت تقدما علميا بالغ الأهمية لم تحققه دولة على مستوى العالم الإسلامى على الإطلاق ويضع إيران ضمن النادى التكنولوجى العالمى للخمسة الكبار وهذا الإنجاز العلمى هو توصل إيران إلى تقنيات الذكاء الصناعى و بهذه التقنيات تستطيع إيران صناعة أسلحة ذكية بالغة التطور










المصدر علي القرشي
زيارة جميع مقالات: علي القرشي