يفزع ولا يبالي
 

عمر القاضي

يفزع المقاتل اليمني لفوق هلفوت سعودي ولا يبالي، لقد قدم الهلفوت من بلاد يثرب ليفصع على حدودنا كمحتل مستفز. فزعة موفقة أجراها مقاتل يمني ثم يعود بعدها يطعم بقية (قطل القات) حقه بكيف ليس له مثيل. هنا المقاتل يدافع عن المزاج والأرض والعرض، من دون مقابل ولا راتب شهري. لا يحلم بحوافز وأوسمة ورتب إطلاقاً. يذهب من دون شروط ونقوة حتى يختار الجبهة المناسبة.
لا يعير السلامة المهنية شيئاً، ينزعج كثيراً من فترة التدريب التي سيجريها في مكان ما. يمل من احتجازه لأيام داخل دشمة منتظراً مخططاً وأوامر روتينية، يعتقد كثيراً أنه لا حاجة لذلك، ويراها أنها ستخمد غليان حماسه الذي يحرص على إفراغه حال وصوله للجبهة بملاحقة وقنص خصمه المعتدي القذر.
لقد خلق اليمني بفطرته مقاتلاً ماكراً ولا يبالي. يجيد استخدام جميع أنواع الأسلحة. يحمل عشرات الشهادات في براعته بالقنص والتكتيك والشجاعة. حصل عليها من 20 قبيلة أكاديمية هنا. فمقاتلنا أمضى طفولته وهو يتناصع من أعلى سطح منزلهم قنينة مبيد صغيرة فارغة مرمية على رأس جبل يبعد كيلو ونصف عن منزلهم. داخل رأسه مئات الخطط والتكتيكات العسكرية الجهنمية التي لم تخطر على بال أحد. حتى عند عضاريط الكوماندوز الأمريكان والجنجويد لم ترد. فالمقاتل اليمني لا يلتزم ببروتوكولات مملة كارتداء الزي كبقية جيوش الامبريالية الكبرى، التي يعتقدون أن تقدمهم بارتدائهم بزة عسكرية صرفت لتوها، وبحجم ما يتوفر لديهم من إمكانيات داخل حقيبة يحملونها على ظهورهم، مليئة بالمضادات الحيوية والشليشن والوجبات السريعة والكحول. اعتاد المقاتل اليمني في المعارك بملاحقة خصمه حافياً منذ الطفولة. يرفض ارتداء أحذية الجيش المعروفة، يشعر أنها ستقف عائقاً لخطوات تقدمه. يحمل على جنبه الأيمن نصف كيلو حلاوة طحينية وكدمتين عالقتين منذ وصوله للجبهة. ليس لدى مقاتلنا جهاز لاسلكي، ولا يحفظ رقم قائده السيار. ليس له مأوى، فمرقده في المكان الذي يحل الظلام عليه. 
قبل أن يلتحق للحدود تناول آخر وجبة حرضة سلتة مفرغة من الفيتامينات، محشوة بربع كيلو بسباس نوع حيمي. فغليانها ما يزال يشتعل في جوفه حتى الآن وهو بالمتراس.
لا يحلم بالعودة مجدداً لتقبيل حبيبته على منتجع يطل على شلالات وواحة خضرة كما تفعلون يا غزاة. فترة النقاهة والنزهة كانت سابقاً بفيتنام والعراق وأفغانستان، أما هنا أعدكم أنكم لن تعودوا إلا خبراً عاجلاً في شريط قنواتكم الإنجليزية.
يا جنجويد الخليج اخترتم المكان الفتاك، حيث لا تكتيك ولا خرائط ولا بار. فالقديسة مريم لن تسمع استنجاداتكم الأخيرة. فكل شيء هنا خارج نطاق التغطية. لن تستعيدوا أنفاسكم للراحة، فخطوات وفوهات بنادق أبطالنا ليست للرصد، فقط لدهسكم. على كل حال أهلاً وسهلاً بكم في ممرات الدشكا والمناصع في أرض يتبتل عليها أبطال حفاة تدلت على نواصيهم العزة والشجاعة.

أترك تعليقاً

التعليقات