المقاومة لا تُهزم
- محمود ياسين السبت , 29 نـوفـمـبـر , 2025 الساعة 12:05:48 AM
- 0 تعليقات

محمود ياسين / لا ميديا -
المقاومة لا تُهزم ولو أبيدت تماما.. تُهزم الدول وتُهزم جيوش، لكن لا أحد يستخدم كلمة هزيمة في سرد قصة أي مقاومة عبر التاريخ أيا تكن نهاية قادتها، ذلك أنها فكرة، وكل موجة مقاومة تولد أخرى أعلى وأقوى.
هل قرأت مثلا: «وبإعدام عمر المختار هزمت المقاومة في ليبيا»، أو «لقد هزم الملك طويل الساقين المقاومة الاسكتلندية وأعدم وليام والاس؟».
هي موجات متلاحقة تنتهي بانتهاء وجود المحتل، ولا تتوقف البتة، ولا تهزم.
إذ يقرر الإنسان أن يقاوم ويضحي في سبيل حريته يكون لحظتها قد تحرر وتعريف النصر والهزيمة بعدها أمور تترك غالبا للسجال اللفظي.. أما التاريخ فلم يدون في صفحة واحدة من مليارات الصفحات وآلاف النقوش جملة جمعت بين المقاومة والهزيمة. لم يحدث ولو كخطأ مطبعي.
تستخدم كلمة «ظن» قبل اسم الطاغية الذي نكل بالمقاتلين أو قادتهم، وتختم هكذا «إنه بذلك قد هزم المقاومة»...
تناول أقرب مجلد في تاريخ أي بلد اختبر احتلالا وستدرك الأمر.. ما بالك بمقاومة عذبت المحتل عامين وهي تحتفظ بأسراه تحت قدميه وتكاد تهتف والله لو نظر أحد المجرمين تحت نعليه لرآنا، في مربع بمتناول مجساته وجواسيسه ومسيراته وكلما مد يده بحثا عنهم قطعت له المقاومة إصبعا.
أبقتهم في مربع محدد تقطعه دراجة نارية في نصف ساعة.
وإن عادوا لعائلاتهم بعد هذا كله فلأن المقاومة أطلقتهم لا لأن حاكمهم نجح في تحريرهم.
المقاومة أي مقاومة فكرة متعذرة على الهزيمة.. ما بالك بمقاومة ينظر العالم كله للشعب الذي قاومت باسمه على أنهم أكثر من مليوني بطل يستحق كل منهم وسام شجاعة وصبر وإيمان.
عالم ينظر لمن تبقى من قادتها على أنهم آخر ما تبقى من زمن الأبطال.
قلنا إنها موجات أما هذا طوفان أنجز ارتطاما عنيفا للكيان بجدران السياسة والعسكرية والأخلاق والأحلاف ونواميس وعلاقات الدول.. طوفان صدمه بالبشرية كلها وأبقاه معها في حالة تصادم وتناقض تام، وأي جهاز تبقى وأي خطة وأي تمويل وأي جهد قد يصلح ولو بعضا من هذا الخراب الوجودي المريع؟ أما خراب غزة فهي مبان ستعود بخطة إعادة إعمار يبدو العالم كله متحفزا للمشاركة فيها بكل سرور.
الشهداء هم الثمن الغالي الذي دفعه هذا الشعب بكل مرارة واستجابة لهذه الضرورة التي لا مناص منها، تلك هي التضحية والثمن المؤلم، أما الأسمنت فلا أوفر منه وكذلك الحديد والدهان ولمبات الشوارع.
ما هو السلاح الذي سيفاوضون عليه؟ قذائف الياسين؟ يشلوها، الحركة أصلا في صلب نسيج مجتمع غزة ولا أحد يعرف أين وكيف يجدهم أو يحدد هوياتهم؟! بالكاد عرفوا اسم الملثم.
هم كما هم، تنظيم بالغ المرونة ومكيف على التجدد التلقائي الذاتي ولو شطرته نصفين، هذه المرة الشيطان يسكن في كل تفصيلة، تبدو الآن ضد حماس، يعمل الشيطان الآن لصالح حماس ليس بدافع التوبة الميتافيزيقية والانتقال من معسكر الشر لمعسكر الخير، إنه يعمل كموظف بيروقراطي لا علاقة له بالخير والشر، فهو قد أعد لدوافع فنية بحتة ليسكن في التفاصيل، مهمته جعل الإلزامات الأمريكية مجرد عموميات. تفكيك حماس، يعني يلبسوا بنطلونات وقمصان نصف كم، ويرجعوا لوظائفهم دون أن يمتلك أحد قائمة بأسمائهم، لا أكثر ولا أقل.
لم تهزم أي مقاومة عبر التاريخ، هكذا تعلمنا ألف باء تاريخ، وهو هذا التاريخ أغلبه إن لم يكن كله مرويات غزو ومقاومة.. ما بالك بمقاومة جعلت العالم يعترف بدولتها رسميا، وينظر لدولة عدوها بارتياب.
مقاومة أوصلت المحتل ذاته للشك في إمكانية بقائه. ولو لم يحدث أيا من هذا كله.
لقد انتصر الفلسطيني عند السادسة من صباح السابع من أكتوبر 2023، لحظة أسقط مخاوفه على الأرض ونهض ليواجه بلا هوادة.










المصدر محمود ياسين
زيارة جميع مقالات: محمود ياسين