ماذا لو قال ترامب :لو لا إيران
- عبد المؤمن علي الديلمي الخميس , 7 فـبـرايـر , 2019 الساعة 5:36:12 PM
- 0 تعليقات
عبد المؤمن علي الديلمي
لولادة شرق أوسط جديد (كما تخطط له الماسونية الصهيونية العالمية)، شنت إسرائيل في 12 يوليو (تموز) 2006م، حرباً عدوانية وحشية مفاجئة على لبنان، متخذة من قيام حزب الله بعملية عسكرية نوعية، أسفرت عن قتل عدد من الجنود الصهاينة، وأسر جنديين آخرين، ذريعة لعدوانها.. وكانت الأهداف المعلنة لتلك الحرب العدوانية، استعادة الجنديين الأسيرين، تدمير القدرات العسكرية لحزب الله واجتثاثه إن أمكن، القضاء على قياداته وعلى رأسهم سماحة السيد حسن نصر الله حفظه الله، وأخيراً وليس آخراً: نزع سلاح حزب الله..
لن نخوض في تفاصيل حرب يوليو (تموز) 2006م، فالكل يعرفها، لكن ما يهمنا هو التذكير بالتداعيات الخطيرة لنتائج تلك الحرب التي انتهت بهزيمة مدوية ومذلة للكيان الصهيوني، بمعنى آخر، فشل ولادة شرق أوسط جديد، كان الأمريكان والصهاينة يخططون لولادته وفرضه بالقوة العسكرية.
سماحة السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله حفظه الله، كان يقرأ الأهداف الحقيقية لتلك الحرب، أكثر من ذلك، تمكن (منذ وقت مبكر) من قراءة ما يخطط للبنان ولحزب الله، ولمحور المقاومة، بل للمنطقة برمتها، بعد هزيمة الكيان الصهيوني، وتمكن سماحته -أيضاً- من معرفة الخطط الأمريكية الصهيونية البديلة، حيث ألقى سماحته خطاباً بعد انتصار أغسطس (آب) 2006م، حذر فيه من أن المنطقة قادمة على حرب أخطر وأشرس وأشد من الحرب العسكرية، تتمثل في الحرب المذهبية، وأشار سماحته إلى أن الصهاينة والأمريكان، ومن خلال أدواتهم وعملاؤهم في المنطقة -بنو سعود وعربان (الخليع)- سيتكفلون بالحرب الجديدة (المذهبية)، من خلال تجييشهم لرجال الفكر الوهابي الإرهابي التكفيري المتطرف، لتحويل بوصلة الصراع والعداء، من الكيان الصهيوني، إلى عدو جديد هو (إيران)، وخلق قضية مركزية جديدة للأمتين العربية والإسلامية، بدلاً عن القضية الفلسطينية، تتمثل في محاربة (المد الفارسي الرافضي المجوسي)، مستخدمين -لإنجاح ذلك- كل آلاتهم الإعلامية الجبارة والهائلة، ومنابر المساجد، ومسوخهم الوهابيين التكفيريين وغيرهم من بعض رجال الدين، الذين يمكن شراؤهم، في حملات استخباراتية عالمية مدروسة ومخطط لها، وتم رصد مئات المليارات من الدولارات، التي كانت تصرف بسخاء، للوصول إلى نتيجة واحدة، وهدف واحد، من شقين رئيسين:
خلق صراع إسلامي إسلامي (سني شيعي)، ينتج عنه صناعة عدو جديد للإسلام (السني) يتمثل في المذهب الشيعي، الذي تقوده -كما يخطط له الأمريكان والصهاينة- دولة إيران الشيعية.. وطبعاً ليس للمذهب السني ولا لأهل الطائفة السنية الكريمة أية علاقة بهذا.. فما يقصده الأمريكان والصهاينة وأحذيتهم من بعران (الخليع) من المذهب السني، هو الفكر الوهابي التكفيري المتطرف البعيد كل البعد عن مذهب أهل السنة، وخلق مفاهيم ومصطلحات دينية جديدة، مثل: العدو الشيعي الفارسي، المجوس، الروافض.. الخ الذي يشكل خطراً على الإسلام أكثر من اليهود الصهاينة، وأن قتاله أوجب وأولى من قتال إسرائيل..
2- من خلال الحملات الإعلامية المذهبية الوهابية المسعورة المكثفة، والسخاء الكبير في شراء الكثير من الرموز الدينية الكبيرة (الأزهر الذي لم يعد شريفاً)، والمجامع والمنظمات الإسلامية، تولدت أفكار ومفاهيم جديدة إرهابية تكفيرية متطرفة (داعش)، وقناعات بين قطاعات واسعة في أوساط البسطاء من الشعوب العربية والإسلامية (السنية)، وسادت مفاهيم شاذة، نتج عنها قبول كثير من البسطاء، لمفاهيم مغلوطة، كان يستحيل قبولها من قبل، تتمثل في أن إسرائيل ليست عدوة للإسلام والمسلمين، وأنها لا تشكل أي خطر على الإسلام والمسلمين، لأن الخطر الحقيقي على المسلمين (السنة)، يأتي من إيران (الشيعية).. وبهذا تحولت بوصلة العداء نحو إيران، خدمة للأمريكان والصهاينة.. وتحقق ما حذر منه سماحة السيد حسن نصر الله، بعد اغتيال الصحفي السعودي (خاشقجي)، وتزايد الغضب والسخط العالمي على هذه الجريمة، ووصول السخط والغضب إلى الكونجرس الأمريكي، والكثير من المنظمات الحقوقية والإنسانية، طلب الكونجرس من الإدارة الأمريكية ورئيسها ترامب، فرض عقوبات على نظام مملكة داعش، ومحاسبة مرتكبي جريمة قتل خاشقجي، وعلى رأسهم ولي عهد مملكة داعش، محمد بن سلمان، الذي أثبتت وكالة المخابرات الأمريكية -بأدلة قاطعة- ضلوعه في تلك الجريمة... رفض ترامب الانصياع لطلب الكونجرس، ورد عليه علناً وبشكل صريح وواضح: (أتريدون أن ترحل إسرائيل؟ لولا السعودية لكانت إسرائيل في ورطة كبيرة)... لقد صدق ترامب وهو كذوب.. قالها بوضوح ومن دون تحفظ، لأنه يعلم علم اليقين، أن ذلك لن يثير سخطاً عربياً أو إسلامياً، فما كان مخططاً له من صنع عدو جديد، يتمثل في إيران، قد تحقق، ويعود الفضل في ذلك لمملكة داعش الكبرى، التي تكفلت بذلك.. لو لم يتحقق ما تم التخطيط له من خلق عدو جديد بدلاً عن إسرائيل، ما كان ترامب ولا غيره، ليجرؤ على التصريح بما صرح به علناً... وبهذا يمكن قراءة تصريح ترامب بشكل أعمق وأدق كما يلي: (لولا إيران.. لكانت إسرائيل والسعودية في ورطة كبيرة)، فلو لم يتم تحويل بوصلة العداء نحو إيران، بماذا كانت ستتذرع مملكة داعش، في سعيها الحثيث للتطبيع الكامل مع الكيان الصهيوني؟ بل طلبها من الدول العربية الدائرة في فلك أموالها، البدء في ذلك، والتعامل مع الكيان الصهيوني بشكل علني ومن دون خجل.. ولو لم يتم تحويل إيران إلى عدو استراتيجي، بدلاً عن العدو الحقيقي (الكيان الصهيوني)، لما تجرأت أمريكا وإسرائيل، أن تتحدثا علناً عن تقارب غير مسبوق، بين نظام مملكة داعش ودول (الخليع) وبين الصهاينة، وتقوم آلاتهم الإعلامية العالمية والعربية الهائلة بالترويج لذلك التطبيع، وما ستجنيه تلك الدول من مكاسب وفوائد كبيرة (كما يروج له المنافقون).. كل ذلك بمباركة وتأييد من مسوخهم الوهابيين، ومن رجال دين محسوبين على أهل السنة، ممن تم شراء فتاواهم..
الخلاصة: على الرغم من كل ذلك، وعلى الرغم من نجاح ما تم التخطيط له وتنفيذه، إلا أنه نجاح منقوص، ولن يدوم طويلاً، فما يسطره أبطال اليمن من انتصارات خرافية وأسطورية، وما تحقق لسوريا من انتصار في حربها على داعش وأخواتها، وسقوط مشروع الصهاينة ومملكة داعش في سوريا، الذي يعود الفضل في هذا الانتصار -بنسبة كبيرة- لانتصار الجيش اليمني واللجان الشعبية على مملكة داعش ودول التحالف الشيطاني، الذي تقودها (ظاهراً) مملكة داعش.. كل ذلك خلق وعياً كبيراً في أوساط الشعوب العربية والإسلامية، التي تكشفت لها تلك المؤامرات.. هذا الوعي كفيل بإسقاط المشروع التآمري الخياني الداعشي الصهيوني.. وستصنع اليمن (وقد صنعت) نصراً كبيراً ناجزاً، ستتكفل الأيام والأشهر القليلة القادمة بإخراجه كاملاً ناصعاً، إن شاء الله.
يبقى القول بأن صمود اليمن الأسطوري والخرافي، أثمر انتصاراً سورياً ومقاوماً (حزب الله).. هذا الصمود والانتصار الثلاثي أسقط مشروع (الشرق الأوسط الجديد) إلى الأبد، وخلق شرقاً أوسطياً مقاوماً، تقوده دول محور المقاومة المنتصرة (اليمن - سوريا - لبنان -العراق - فلسطين)، لا مكان فيه لمملكة داعش وعربان (الخليع) ومن يدور في فلكهم.. فهؤلاء يليق بهم (الشرج الداعشي الكبير لمملكة داعش الكبرى). ولينصرن الله من ينصره.
المصدر عبد المؤمن علي الديلمي
زيارة جميع مقالات: عبد المؤمن علي الديلمي