طلع البدر علينا (الحلقة 4)
 

محمد التعزي

محمد التعزي  / لا ميديا -
الأمانة
الأمانة هي أن تؤدي للذي ائتمنك أمانته دون زيادة أو نقصان.
وتعد الأمانة قيمة أخلاقية من القيم التي ميزت الشخصية العربية، ومن أبرز تجلياتها، وتعبر عن علو الهمة ورفعة القدر والخلق الكريم.
وتفيض كتب التراث العربي بأمثلة عديدة تعكس شخصية الإنسان العربي، وما تتمتع به هذه الشخصية من علو الهمة حين تجعل الأمانة أبرز سماتها وأولى مكارمها واهتماماتها.
لقد كان العربي القديم في جزيرته العربية، بالرغم من جدبها وصلف طبيعتها وبخل سمائها وشح إمكاناتها، يحتفي بهذه القيمة ويعلي شأنها، حتى ليفدي بروحه أمانة حاول بعضهم أن يسلبها أو يعتدي عليها وهي في ملاكه أو في ذمته.
لقد كان سيد الخلق رسول الله محمد (ص) أحد أعلام هذه القيمة الحضارية الرائعة (الأمانة)، فهو يرعى الغنم لقريش، وراعي الغنم إنسان فقير في الغالب، ورغم ذلك كان أميناً على نفائس قريش من عرض أو مال أو وثائق، حتى ليطلق عليه «الأمين»، ويدل على ذلك ثلاثة مواقف: الأول: عندما اختلفت قبائل العرب أيها يحظى بشرف وضع الحجر الأسود في الكعبة، فصل الخلاف حين اختاروا أول شخص يدخل الحرم الشريف، فكان أن أشرف سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقال العرب المختلفون بإجماع: رضينا بالأمين قسماً وحظاً، فكان أن وضع الحجر في رداء رباعي فحمله الجميع ووضعه في موضعه الآن، وحقنت دماء العرب.
الموقف الثاني: أن النبي عليه الصلاة والسلام عندما قرر الهجرة أوكل للإمام علي بن أبي طالب أداء الأمانات إلى أهلها.
أما الموقف الثالث: أن سيدتنا خديجة عليها السلام اختارته زوجاً لها؛ لأمانته، ولم يكن سفر خادمها ومولاها ميسرة إلى الشام معه عليه السلام إلا اختبارا لأمانته.

أترك تعليقاً

التعليقات