السعودية تغرق في اليمن...!
 

د. فضل الصباحي

د. فضل الصباحي / لا ميديا -

يقول خبراء أمريكا: "إن الحرب في اليمن سوف تنعكس سلباً على واشنطن والرياض على السواء، وإن الحلول السياسية العاجلة هي الأفضل للجميع؛ لأن استمرار الحرب في اليمن قد يتسبب في عواقب وخيمة على مستقبل العلاقات الأمريكية السعودية على المدى الطويل، وسوف يكلف التحالف السعودي خسائر مادية، واقتصادية كبيرة يصعب تعويضها بأي إصلاحات مهما كانت، وسوف يؤثر ذلك على ميزانية الدولة، ونقص في احتياطي النقد الأجنبي، وغياب للاستثمارات الأجنبية، وتفكك المجتمع، وغيرها من المشاكل التي تنذر بخطر كبير على الدولة السعودية، حيث وصلت الخسائر البشرية في القوات السعودية أكثر من 10 آلاف قتيل وجريح، والخسائر المادية تصل إلى قرابة تريليون دولار، ومعاناة كبيرة للمواطن السعودي على جميع المستويات المعيشية، والاقتصادية والأمنية".
المتابع لتطور الأحداث في اليمن، يجد أن الجيش التابع لحكومة صنعاء يقترب من إكمال إصلاح منظومة الرادارات والدفاع الجوي، وطوَّر صواريخ روسية، وكورية طويلة المدى لم يُعلن عنها حتى الآن بعد نجاح الصواريخ والطائرات المسيرة التي استهدفت أهدافاً كثيرة داخل العمق السعودي، ولم تستطع منظومة الصواريخ والدفاعات الجوية السعودية أمريكية الصنع اعتراضها، وهذا الفشل دفع السعودية للسعي إلى الحصول على منظومة "إس 400" روسية الصنع، والمفاوضات حول الموضوع لاتزال معقدة!
ما يتم تداوله عبارة عن جزء يسير من الحقيقة الكاملة، إنهم ينصبون فخاً كبيراً للتحالف السعودي في اليمن، سوف تكون له تبعاته (المالية، والاقتصادية، والحقوقية، والإنسانية المفتوحة). في هذا المقال لا أريد الخوض في التفاصيل المرعبة لذلك المخطط، ولكن مع الأسف السعودية على ما يبدو لم تستوعب الدرس حتى الآن، ومازالت تسعى بكل الوسائل لاستمرار حربها غير المبررة على اليمن، ظناً منها أنها تستطيع تحقيق أهدافها الخاصة في (المهرة وحضرموت، والجوف)، خلال فترة قصيرة، قبل أن تصل إلى مرحلة الضعف، وهذا تقدير خاطئ للوضع، خاصة والسعودية تسير في اتجاهات متعددة بعشوائية وتخبُّط، حيث تطلب في نفس الوقت (التوسُّط لوقفها)، بينما الأمر يتطلب شجاعة وإعلان وقف الحرب والذهاب إلى السلام مع اليمنيين، هذا هو الحل للخروج من براثن المخطط الأمريكي بأقل الخسائر.
الجميع أصبح يعلم أن السعودية لن تتمكن من تحقيق ما تريد إلَّا بوجود (دولة يمنية قوية) تستطيع إقامة مصالح مشتركة مع الجارة السعودية بمنهجية جديدة تسودها روح الأخوة والجوار وعدم التدخل بشؤون اليمن، غير ذلك التاريخ يقول لنا بأن الشعب اليمني لا يقبل الظلم، ولن يفرط بأرضه، وكرامته وثرواته، وسوف يقطع اليد التي تريد العبث بوطنه الكبير.
الخلاصة، الشعب اليمني يستحق الحياة الكريمة مثل بقية الشعوب، ومهما طالت الحرب فإنه سوف يستمر في الدفاع عن أرضه بكل الوسائل الممكنة، والأيام أثبتت أن موازين الحرب قد تغيرت لصالح حكومة صنعاء مع بداية العام الخامس للحرب، وأصبح الميدان العسكري خالياً من تلك الحشود المدعومة من السعودية التي كانت ترغب بهزيمة أنصار الله في مختلف الجبهات؛ والذي حدث هو العكس، فقد وصلت قوات الجيش واللجان الشعبية إلى عمق الأراضي السعودية، متجاوزة العديد من المعسكرات والقواعد العسكرية، بعد أن دمرت مئات المواقع للجيش السعودي في جيزان ونجران وعسير، وحرق وتدمير أكثر من 2000 دبابة وعربة متطورة، وإسقاط عشرات الطائرات الحربية والهجومية، وبدون طيار، وتدمير بوارج وزوارق حربية متطورة، ولم يحدث خلال تلك الحروب خاصة في الحد الجنوبي أي نوع من المقاومة من المواطنين السعوديين في تلك المناطق التي تُعتبر في الأصل أراضي يمنية تمت السيطرة عليها من قبل الدولة السعودية في حروب الثلاثينيات، وتم تأجيرها بموجب اتفاقية الطائف في عهد الإمام يحيى حميد الدين، ملك اليمن، عام 1934م، لذلك فإن إطالة الصراع وعدم وجود رؤية واضحة للتحالف خلق لدى القوات المدعومة من السعودية نوعاً من الفتور وعدم الرغبة في قتال أنصار الله الذين سيطروا على مجريات الحرب بعد تحكمهم بالأرض والجبال والسهول والوديان، وهذا مؤشر بأن استمرار الحرب سوف يكون لصالح حكومة صنعاء وخسارة كبيرة للتحالف السعودي.
يقول الفيلسوف الصيني سون تزو: "القائد الذكي عليه تجنب الحروب الطويلة؛ لأنها ذات مردود سلبي على نتيجة الحرب نفسها ومعنويات الجنود، بل إن موارد الدولة نفسها لن تواكب نزيف النفقات العسكرية"..

أترك تعليقاً

التعليقات