جبل نُقم لا تحزن على صنعاء القديمة
 

شرف حجر

شرف حجر / لا ميديا -
نُقم..  يا نُقم "يا جبل شرقي القصر من صنعاء آزال"!
قصيدة رائعة وتوصيف جميل يسرد علاقة ضاربة في جذور التاريخ بقدم وجود البناء وفن الهندسة المعمارية القديمة على الأرض.
جبل نُقم الشاهق العلو المطل بامتداده الشرقي على الجميلة صنعاء. عشرات القرون ونُقم شاهد على حضارة هي الأولى للبشرية. نُقم المعاصر لأمم وأجيال تلو أجيال. نُقم الذي لم يحك أحد أنه تدحرج من أعاليه حجر صخري واحد ليخدش جمال صنعاء، حتى تدفق سيول الأمطار من مرتفعاته لم يتجنب المدينة الأقدم على وجه الأرض.
صنعاء مدينة سام بن نوح. صنعاء قصر غمدان، أعلى وأقدم ناطحة سحاب قبل مئات السنين، قبل أن يعرف الغرب والشرق والحفاة العراة الهندسة المعمارية للبناء الأفقي، والشاهد القرآني على ذلك قوله تعالى: "وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ".
صنعاء التي لم يستطع من يحكم على تقدير عظمتها كجوهرة بين يدي فحام لا يعرف لها أي قيمة. صنعاء التاريخ الحاضر الغائب. صنعاء اللوحة الحية والهندسة المعجزة. صنعاء التراث الإسلامي وأعرق صرح ديني: الجامع الكبير الذي بني بأمر من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). صنعاء الشاهد على حضارة اليمنيين، أسواقها، متنفساتها، جوامعها... ولا يخلو حي من بستان وجامع وبئر ماء.
صنعاء إحدى عجائب الدنيا السبع. لم يعرف مكانتها الحكام لعقود مضت. لم يسبق ورأينا دليلاً تاريخياً للمدينة الغائبة في حاضر المسؤولين. دول الخليج يتمنون تاريخاً لمائة سنة، فكيف بمئات السنين؟!
أعتقد لو بمقدور جبل نُقم أن يصرخ لضج غيرةً على إهمال صنعاء. للأسف صنعاء في حاجة لرئيس يعشقها ويهتم بها ويعمل على حل مشاكلها، مُقراً في نفسه بأنها الإرث التاريخي والمسؤولية المتوارثة جيلاً بعد جيل حتى زوال الأرض بمن عليها.
لو نطق جبل نُقم لاشتكى البناء الخرساني والبناء في المتنفسات (البساتين) وتدمير آبار المياه القديمة والاستيلاء على "مرانعها"، واشتكى منازل هدمها تسريب شبكة مؤسسة المياه، واشتكى الآن طفح تصريفات المجاري إلى دهاليز منازل عمرها قرون في بعض الأحياء. صنعاء لم يكتب لها الحظ حتى بمدير مديرية يعرف قيمتها ويحبها ويعمل لأجلها. صنعاء بحاجة لإيقاف تشويه جمالها.
صنعاء عشرات المنازل انهارت بسبب الأمطار خلال الأعوام الماضية، وظروف مالكيها لا تسمح لهم بمواجهة هكذا كوارث. سمعنا بمبادرات من الدولة ولفتة مسؤولة لم تستمر وأخفقت ولم توجه بالشكل المطلوب. وهنا مناشدة للسيد القائد (حفظه الله)، والرئيس المشاط، في أوساط كل ما هو حاصل أن تظل صنعاء محل اهتمامهما نيابة عن كل يمني.
مؤخراً، أقرت أمانة العاصمة مشروع إعادة وبناء جزء من سور صنعاء القديمة مع بوابة باب شعوب للمدينة القديمة. أعتقد أن الأولوية لإعادة إعمار ما هدمته الأمطار ووقف التشويه الحاصل وإزالة كل ما يفقد المدينة قيمتها، وصيانة الرصف الحجري للشوارع والأزقة، ومعالجة مشاكل المياه وصيانة شبكتها مع الصرف الصحي.
صنعاء أمانة وإرث لكل يمني، فلا تجهلوها، ولا تتجاهلوها، فلو وظفت موارد المدينة لخدمة المدينة لكفتها، من ضرائب وزكاة و... و... و... إلخ.
صنعاء في أمس الحاجة لإنقاذ، ومسؤولية جادة وخطة طارئة للتنفيذ.
كيف كان سيكون حال مدينة صنعاء لو كتب لها تضاريس مائية كمدينة البندقية؟! لكانت في خبر كان، وهي رحمة الله العالم بالحال.
لا ننسى أن نؤكد ضرورة أن تقوم الهيئة العامة للمدن التاريخية بتقييم الأضرار التي لحقت بالمدينة بسبب غارات طيران العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي عليها.

أترك تعليقاً

التعليقات