اليمن قوة استثنائية متقدمة نستند لها بالقدر الذي نستند فيه إلى المقاومة وثبات شعبنا في فلسطين  
لدى صنعاء من القدرات والكفاءات ما يكفي للتصنيع العسكري والتطوير «الجوفضائي»
القابض على البحر الأحمر كالقابض على عنق الكيان الصهيوني والغرب الإمبريالي
جبهة اليمن عامل فاعل ومؤثر في الميدان وفي السياسة

حوار / عادل عبده بشر
في ظل التطورات المتواترة في المنطقة، ارتباطاً بالمعركة الدائرة مع العدو الصهيوني، وما يجري في قطاع غزة من حرب إبادة جماعية متواصلة على مدى أكثر من عام، أجرت صحيفة «لا» حواراً مع عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المناضل عمر مراد «أبو المجد»، الذي كشف لـ»لا» آخر مستجدات المباحثات الجارية لوقف العدوان على غزة.
وقال مراد: «نعمل منذ أشهر طويلة من أجل وقف العدوان ووضع حد لحرب الإبادة والتطهير العرقي، ونتعامل بإيجابية عالية مع جهود الوسطاء العرب في مصر وقطر من أجل صفقة متوازنة تضمن الانسحاب الكامل وعودة النازحين وفتح المعابر ورفع الحصار وتبادل الأسرى وتوفير كل مقومات الإغاثة ومتطلبات الشروع بإعادة الاعمار».
وأضاف: «حصل تقدم مهم على صعيد المفاوضات، ولكن كلما اقتربنا من إعلان الاتفاق نجد أنفسنا أمام اشتراطات صهيونية جديدة، وآخر هذه الشروط تحمل تراجعا عن قضايا كان قد تم الاتفاق عليها، وهي الانسحاب من محوري فيلادلفيا ونيتساريم وعدم تقديم أي خرائط لمراحل الانسحاب منهما. وكذلك عدم الإجابة على آلية الانسحاب من مناطق شمال قطاع غزة، والجديد بموضوع الأسرى إضافة 11 أسيرا للمرحلة الأولى من خارج المعايير المتفق عليها، أي ليسوا مرضى ولا مُسنين ولا مجندات، هذا الأمر يفرض تقديم مقابل إن كان على مستوى أعداد ونوعية الأسرى أو على الجوانب والآليات العملية لتنفيذ المراحل المحددة الثلاثة». مؤكداً أن «هذا التعنت الصهيوني يهدف إلى إطالة أمد الحرب وفرض السيطرة الأمنية والعسكرية التامة على القطاع، وهذا ما نرفضه ونقاومه رغم هول المجازر وجسامة التضحيات».

الضفة الغربية
وتعليقاً على التطورات في الضفة الغربية وما شهدته الأيام الأخيرة من قيام أجهزة أمن السلطة بشن حرب ضد المقاومة في وقت يواجه أبطال المقاومة قوات الاحتلال في جنين وغيرها من مدن الضفة، قال أبو المجد: «الضفة الغربية الآن في دائرة الاستهداف الصهيوني الاستراتيجي؛ الاستيطان والاقتلاع وضم معظم أراضيها للكيان الصهيوني، وهذا ما يفسر الاقتحامات والتوغلات والاعتقالات والإعدامات وهدم البيوت وحرق الحقول والبساتين، عدا عن الحصار الاقتصادي وتدني مستوى المعيشة».
وأوضح أن «العدو يخلق نقيضه موضوعيا، من هنا تتصاعد المقاومة في الضفة وتمتد، وتشكل قلقا أمنيا استراتيجيا للعدو الصهيوني»، مشيراً إلى أن السلطة الفلسطينية «للأسف تخضع للابتزاز والضغط الصهيوني وتنحاز لالتزاماتها الأمنية المحددة في اتفاقات أوسلو المشؤومة وكذلك تنحاز لخيارها السياسي التفاوضي المنهار ولرهاناتها الخاسرة على أمريكا وإدارة ترامب القادمة».
ولفت مراد إلى أن السلطة الفلسطينية «متوهمة في أن تجد لنفسها مكانا في خارطة الشرق الأوسط الجديد أو الكبير، لذلك تمارس دورها بالتنسيق الأمني ومطاردة المقاومين وحصارهم واعتقالهم أو قتلهم تحت ذريعة الخروج عن القانون وزعزعة الاستقرار والسلم الأهلي».
وأكد قائلاً: «في الوقت الذي ندين هذا الدور المشبوه للسلطة والأجهزة الأمنية، إلا أننا نعمل بكل جد وجهد من أجل تثبيت حقنا المشروع في مقاومة الاحتلال ووأد الفتنة وحقن الدماء».

سوريا التاريخ والحضارة
وفي ما يتعلق بالتطورات الأخيرة في سورية قال عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عمر مراد: «يجب التمييز بين سوريا التاريخ والحضارة والثقافة وبين الأنظمة المتعاقبة عليها».
وتابع: «ما نعرفه أن سوريا منذ وعد بلفور ولأكثر من مائة عام وقفت مع فلسطين والقضايا العربية، بغض النظر عن طبيعة النظم والحكام وعلاقتهم مع قضايا الشعب وآماله وآلامه وطرق إدارة البلاد وتوزيع الموارد». مستطرداً: «لقد عانى الشعب السوري كثيرا وخاصة في السنوات الأخيرة ولا يكفي أن تكون مع المقاومة أو مع فلسطين والشعب يزداد فقرا وبؤسا وعوزا وسحقا، وهذا ما كان يستوجب التنبه له، ولكن حصل ما حصل من تغيير في سوريا وعبَّر السوريون عن فرحتهم مستبشرين بمستقبل أفضل، ومن الطبيعي أن نحترم خيار الشعب السوري وتطلعاته».
ورداً على سؤال حول مصير مكتب الجبهة الشعبية في سورية، بعد الأحداث الأخيرة، وهل فعلا أُغلق وتم سحب أسلحة الجبهة من قبل الإدارة السورية الجديدة، وما تأثير ذلك على مشروع النضال الفلسطيني ضد الاحتلال؟ قال أبو المجد: «نحن كجبهة شعبية لم تتعرض مكاتبنا لأي اعتداء وما لدينا من سلاح ما هو إلا للحماية الذاتية للأفراد والمقرات»، مؤكداً أن الجبهة ستعمل حالياً «على تأمين وتعزيز حقوق اللاجئين الفلسطينيين في سوريا وضمان حق الفلسطينيين في النشاط السياسي والإعلامي والجماهيري، وهناك بداية للتواصل المباشر مع بعض الفصائل وعبر السفارة الفلسطينية».
وأضاف: «نأمل التوصل إلى آلية عملية لتنظيم العلاقة، ونحن واثقون من مكانة فلسطين في قلوب وعقول كل السوريين. سوريا لن تخذل أهلها وهذا يجب أن يدركه جيدا كل من يتولى الحكم فيها».

الجبهة اليمنية
وتقييماً لأداء الجبهة اليمنية المساندة للشعب الفلسطيني، خلال عام مضى، والتي اتخذت مسارين: الأول العمليات بعيدة المدى وتتمثل في قصف أهداف للعدو في عمق الأراضي المحتلة، والثاني إغلاق البحر الأحمر وباب المندب في وجه الملاحة الصهيونية وكذلك استهداف السفن الأمريكية والبريطانية «الحربية والتجارية» نتيجة تورط واشنطن ولندن في العدوان على اليمن دعماً للكيان الصهيوني.. قال المناضل عمر مراد: «اسمح لي أن أتوجه بالتحية لليمن الأشم الحر والسعيد وللرفاق وللإخوة في أنصار الله وللقائد المجاهد السيد عبدالملك الحوثي لمواقفهم المبدئية المشرفة من القضية الفلسطينية وقضايا الشعوب المضطهدة والمظلومة، وهذا دليل حي وملموس على أصالة اليمن وشعبه العزيز وقيادته الثائرة والحكيمة».
وأكد أن «مواقف اليمن وجبهته المقاومة تُمثِّل بعدا استراتيجيا نوعيا وعمقا قوميا وإسلاميا وشعبيا لكفاح الشعب الفلسطيني وحركات المقاومة في أرضنا العربية وكل المنطقة، وتشكل، أيضاً، عقبة كبيرة أمام مشاريع الهيمنة والسيطرة الإمبريالية أو الصهيوأمريكية على المنطقة، وتقطع الطريق على أهداف اتفاقات أبراهام التطبيعية والأمنية أو إعادة رسم خارطة تطويع الشرق الأوسط».
وأوضح أبو المجد أن «قدرات اليمن عظيمة وعندما تتميز بالإرادة والقرار تصبح أكثر عظمة وأكثر تأثيرا وأكثر إيلاما للعدو».. لافتاً إلى أن «قرار الإسناد والمشاركة لجبهات المقاومة في غزة ولبنان بالصواريخ والمسيّرات النوعية والمتطورة أو القرار الاستراتيجي بفرض الحصار البحري على الكيان الصهيوني، بقدر ما أعطى أملا ومددا للفلسطينيين ولشعوب المنطقة ومقاوماتها، بقدر ما أغضب الأعداء وأربك مخططاتهم الصهيوامبريالية، لذلك يتكالب العدوان الأمريكي الصهيوني البريطاني وربما الناتو لضرب وتدمير اليمن بهدف كسر إرادة شعبه وتطويعه، ويبدو أن الغرب لا يعرف أن معنى ومرادف كلمة اليمن اللفظية والمعنوية والقيمية هو الكرامة والأصالة. فالمجد لشهداء اليمن الأبي».

تصنيع وتطوير
عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عمر مراد، وفي الحوار الصحفي مع «لا» أكد أن «الشعب اليمني، شعب عريق وعزيز ولديه من القدرات والكفاءات ما يكفي للتصنيع والتطوير العسكري، ربما بكافة أنواعه».. مضيفاً: «ولا أستبعد تطوير الصناعات الجوفضائية وكذلك التطور في العلوم التقنية والإلكترونية والمعلوماتية والسيبرانية، حيث تتوفر الرؤية الواضحة والعقيدة الثابتة والقيادة الرصينة والإرادة الفذة والشعب المبدع والمنتج والمعطاء».
وقال أبو المجد: «عندما يكون القرار بالمواجهة والدفاع عن اليمن أو يكون القرار بالدفاع عن شعب فلسطين ورد العدوان الصهيوني ووقف حرب الإبادة على قطاع غزة، يكون ذلك بوعي وإدراك عميقين وعندها تتحقق المعجزات في الوصول بالصواريخ الباليستية والفرط صوتية والمُسيّرات المتطورة إلى قلب الكيان الصهيوني ومراكزه ومنشآته الحيوية وكذلك الوصول إلى السفن والمدمرات الأمريكية والغربية، مخترقة كل أجهزة التشويش والمراقبة والدفاعات الأرضية والجوفضائية المعادية وخاصة الصهيونية والأمريكية والبريطانية وأي قوة من دول الناتو تتحالف معهم».

مقبرة الأناضول
وتعليقاً على تهديدات رئيس حكومة العدو «نتنياهو» ووزير حربه «كاتس» بتدمير البنية التحتية في صنعاء والحُديدة واستهداف قيادات أنصار الله، وتنفيذ حملة واسعة بالاشتراك مع أمريكا ودول أخرى في المنطقة ضد اليمن، لموقفها المساند لشعبنا الفلسطيني، قال مراد: «بلا شك أن الأمريكان والصهاينة يفهمون معنى قرار وموقف اليمن بالتصدي للعدوان الصهيوني على غزة وفرض الحصار البحري على الكيان الصهيوني والقدرة على فرض السيطرة على الممر البحري الاستراتيجي باب المندب الذي يصل بين بحر العرب والبحر الأحمر ومعنى تعطيل الموانئ الصهيونية في خليج العقبة وأبرزها ميناء إيلات، عدا عن مكانته في التجارة البحرية بين الشرق والغرب عبره وعبر قناة السويس، فالقابض على البحر الأحمر كالقابض على عنق الكيان الصهيوني والغرب الإمبريالي. ولن يقبل الكيان الصهيوني ولا الإدارات الأمريكية ولا دول الغرب الإمبريالي ذلك تحت ذريعة القانون الدولي وحرية الملاحة وحماية الممرات الدولية.. لذلك سيعتبرون اليمن قد تجاوز الخطوط الحمراء، وبالتالي سيعملون على التحشيد ضده والتحريض على توجيه الضربات الاستراتيجية والنوعية له بهدف ثنيه عن مواقفه وقراراته أو تدميره وتفكيكه بكل الوسائل وتأمين أكبر حشد من القوى الدولية والإقليمية لتحقيق هذا الهدف».
وأضاف: «بالنسبة لليمن فقد صمد وثبت وانتصر في مواجهة هذا الحلف المعادي على مدى سنوات طويلة، ولهم في ذلك العبر، ولنا في التاريخ عبر كثيرة ومنها أن اليمن مقبرة الأناضول، وبالتأكيد سيكون اليمن مقبرة للغزاة والأعداء مهما كان جبروتهم ومهما كانت جنسياتهم».

قوة استثنائية
وحول تأثير العمليات اليمنية على مجريات المعركة الميدانية في غزة، وعلى طاولة المفاوضات الفلسطينية مع العدو «الإسرائيلي»، قال عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين «أبو المجد»: «ربما تأثرنا كفلسطينيين، تكتيكيا، بوقف جبهة الإسناد التي قامت بها المقاومة اللبنانية لأكثر من عام وقدمت آلاف الشهداء والتضحيات الجسام التي تُوجت باستشهاد عدد كبير من قادة حزب الله، في مقدمتهم الأمين العام القائد المجاهد حسن نصر الله، رحمهم الله جميعا وكل الشهداء. أما جبهة اليمن جبهة العزة والمدد فهي تشد من عزيمة وأزر المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني وهي عامل فاعل ومؤثر في الميدان وفي السياسة وعندما نفاوض من أجل الوصول لوقف العدوان ترانا نجمع أوراق قوتنا في فلسطين واليمن ولبنان والعراق وكل دول وأطراف محور المقاومة، واليمن اليوم يمثل قوة استثنائية ومتقدمة نستند لها بالقدر الذي نستند فيه الى المقاومة وثبات وصمود شعبنا في فلسطين».