نذالة علنية!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
تكمن مشكلة الرخاص أنهم مهما ملكوا من ثروات يظلون أنذالا سفلة. بعض الأنظمة العربية -مع الأسف- تمارس هذه النذالة علنا من دون أدنى حياء!. أرخصت دماء الفلسطينيين طوال عقود، وزادت على هذا مؤخرا بمنح الكيان الصهيوني رخصة علنية لإبادتهم قصفا وتجويعا وتشريدا!
حدث هذا، حين شعرت هذه الأنظمة أن الكيان الصهيوني يواجه مأزقا حقيقيا، ويدان على مستوى شعوب العالم بجريمة الإبادة الجماعية وجريمة التجويع. سارعت الى تنفيذ ما يسمى «عمليات إنزال جوي للمساعدات في غزة»، لتعلن بهذا رخصة استمرار الكيان الصهيوني في عدوانه وحصاره!!
لم تبادر هذه الأنظمة الى فتح المعابر المباشرة بين عدد من دولها وقطاع غزة، ولم تستخدم أوراقا قوية تملكها لإجبار الكيان على فتح المعابر لدخول شاحنات المساعدات. على العكس أقرت استمرار الكيان في حصاره وعدوانه، وأمنت له حيلة لذر الرماد على العيون وتبييض صورته!!...
تزعم هذه الانظمة والكيان أن «إجمالي ما تم إنزاله جويا من مساعدات اغاثية على قطاع غزة طوال أسبوعين 278 طنا». لكن هذه الأنظمة والكيان يعلمون أن هذه الكميات وبصرف النظر عن المحتويات، لا تسد احتياجات مليوني نسمة في قطاع غزة لثماني ساعات فقط!!
وفق زعم جيش الاحتلال «فقد تم إنزال 200 صندوق مساعدات جويا، ما يعادل حمولة 6.5 شاحنات»، أي 130 طنا. بينما يقول الجيش الأردني إن «إجمالي الحمولة التي تم إنزالها على غزة منذ استئناف عمليات الإنزال الجوي قبل أسبوع، وصل إلى نحو 148 طنا من المواد الأساسية».
هذه الكمية طوال أسبوعين أقل من كميات إنزالات جوية مشابهة، نفذها سلاح الجو الألماني فوق غزة في ربيع 2024م لعشرة أسابيع، وأعلن أن «حصيلتها النهائية بلغت 315 طنًا، ويمكن أن تغطي هذه الكمية احتياجات الأهالي الجائعين في قطاع غزة لفترة أقل من ثماني ساعات»!!
تعلم الأمم المتحدة هذا، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ومنظمة «أطباء بلا حدود» وغيرها من المنظمات الإنسانية الدولية التي حظر الكيان الصهيوني عملها في غزة. لهذا لا غرابة أن تتفق هذه المنظمات في وصف «الإنزال الجوي للمساعدات» بأنه «مسرحية هزيلة».
اقتربت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من الحقيقة المروعة في غزة، بإعلانها في بيان أن المساعدات الجوية «لن تنهي المجاعة المتفاقمة في قطاع غزة»، واعتبارها هذه المساعدات «مجرد تشتيت للانتباه ودخان للتغطية على حقيقة الكارثة الإنسانية في غزة».
لا يجد المتابع وصفا أدق من هذا، ومن قول منسق الطوارئ الإقليمي في منظمة «أطباء بلا حدود»، يان فيتو: «إسقاط المساعدات الإنسانية جوًا هو مبادرة عبثية تفوح برائحة السخرية»، وقول مدير مركز العمل الإنساني (CHA) في برلين، رالف زودهوف: «الجسر الجوي الأكثر عبثًا في التاريخ».
يؤكد هزلية ما يحدث، أن حمولة هذا الرماد الذي يذر على العيون «يتم إسقاطها في محيط خطر جدًا ومن دون تنسيق، ومن دون تحديد منطقة الإنزال، ومن دون هياكل أمنية». حسب خبير مساعدات الطوارئ بالجمعية الألمانية لمكافحة الجوع، مارفن فورديرر، معلقا: «إنزال جوي رمزي وغير فعال»!
يظهر جليا إذن، أن الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة، ماضية بنهم بشع وشره شنيع، وأن الأنظمة والشعوب العربية والإسلامية تتحمل المسؤولية المباشرة عن هذه الجريمة. بإرخاصها أرواح الفلسطينيين وترخيصها للعدو الصهيوني بإزهاقها قصفا وحصارا وتجويعا.. والله المستعان.

أترك تعليقاً

التعليقات