اليمن الحبيب
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -
فاجأنا العدوان السعودي، فجراً، كما هي حال الفاجرين والغادرين والجبناء الذين يخافون من مواجهة شعب أعزل يعتبرونه خصماً لهم. لكن هذا الشعب الأعزل كان يخترع مفاجأة لم تخطر على بال العدو السعودي. وأصبح يفاجئهم كل يوم، حتى وصل إلى منشآتهم وحقولهم النفطية، لأن اليمني لا ينسى ثأره، ولا يدير الخد الأيسر.
حين تعيش في ظل عدوان وظلام وانعدام الغاز والبترول، طوال ست سنوات، يلتبس عليك الأمر بين الأحلام وبين الحقوق، فينخفض سقف أحلامك وطموحاتك إلى حد أنك تخرج من بيتك صباحاً وتكون أمنيتك الوحيدة أن تعود سالماً فقط.
لم تفكر بالخروج من هذه البلاد، واحتملت كل مرارات الأعداء وكل صواريخ العدوان وطائراته وأحقاده... تخرج من بيتك وأنت تحلم بقطعة حطب أو كرتون ملقىً في الشارع لتعود به إلى زوجتك، لتضعه في التنور وأنت ترسم ابتسامة خجولة لتبادلك زوجتك ابتسامة رضا تطبطب بها على قلبك المتعب، أملاً في صبح جديد، ويمن جديد.
 تضع الكرتون في التنور فتتذكر الورد الذي كنت تضعه في يدها، وتتذكر المرتب الذي كنت تخرجه من جيبك وتضعه في يدها بعد أن تطلب منها أن تغمض عينيها، وتفاجئها أيضاً بقطعة شوكولاتة، أو بطيخة، أو كيلو موز يزيّن المائدة ويغطي غياب اللحمة.
لم تعد تفكر في حقوقك، فقد تكيَّفت مع أحلامك البسيطة التي لا تجرؤ على التحدث بها، كأنك اكتفيت بالاحتفاظ بها لنفسك، وتبتسم بغبطة كلما تحسست قلبك وجسدك لتتأكد أن كل أعضائك سليمة، وأنك ما زلت محتفظاً بيديك ورجليك، فتشعر بالثراء الفاحش لأنك بخير. مع أن الأثرياء بخير أيضاً، ولو مرضوا فإنهم يستطيعون شراء الدواء والعافية والأطباء، بينما عافيتك التي تتباهى بها لا تستطيع توفير زجاجة شراب السعال لابنتك الصغيرة.
أعظم إنجاز أننا ما نزال على قيد الحياة، رغم كل الموت الذي أمطرته علينا من البحر والجو والبر، طيلة سنوات عدوانها الذي لم يتوقف يوماً واحداً عن قتلنا. لكننا شعب يستحق الحياة، لأننا لا نترك وطننا الحبيب وقت شدته لنبحث عن وطن بديل، ولو ملؤوا أيدينا ذهباً وفضة.

أترك تعليقاً

التعليقات