ماذا أسقط المدافعون عن اليمن؟
 

غالب قنديل

غالب قنديل -

مجموعة من الأهداف حققها المدافعون عن اليمن دفعة واحدة في ردهم الرادع على منشآت النفط السعودية، بعد 5 سنوات من العدوان الهمجي الذي يتعرض له بلدهم وشعبهم على يد الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وبإشرافها، ويمكن اختصارها على النحو التالي:
أولاً: أسقط اليمنيون كذبة تفوق السلاح الأميركي عندما تمكنوا من تحريك صواريخهم المطورة بخبرات يمنية وطيرانهم المسير لمئات الكيلومترات، دون أن تتمكن من كشفها الأقمار الصناعية والرادارات المتطورة تقنيا وطائرات المراقبة الجوية الدائمة وغيرها من شبكات المراقبة الإلكترونية والسيبرانية المتقدمة. وقد استطاعوا تنفيذ هذه الضربات المتقنة قبل أن يصدر إنذار أو إشعار في مساحة زمنية تتيح صدا سعوديا مناسبا، فلا بطاريات الباتريوت ولا "ثاد" أطلت برأسها في وجه الردع اليمني.
ثانياً: المفاجأة اليمنية التقنية والعسكرية تفتح صفحة جديدة من التحول في سوق السلاح العالمي وفي مسار الصناعات الحربية العالمية، وهي تشبه نجاح المقاومة اللبنانية في تدمير خرافة "الميركافا" الصهيونية خلال حرب تموز، والتي شكلت أفضل ترويج ممكن لصواريخ "الكورنيت" الروسية. وقد قرأ الرئيس فلاديمير بوتين مغزى الضربة اليمنية من هذه الزاوية، فاستثمر المناخ الناجم عنها ليتوجه إلى الحكومة السعودية عارضا العتاد الروسي الفعال والمتقدم الذي لمع نجمه في لبنان وفي سوريا، وبات مطلبا للحكومات الباحثة عن أدوات دفاعية حديثة وفعالة.
ثالثاً: أسقط المدافعون اليمنيون بضربتهم الرادعة وهم استباحة اليمن واستضعافه، بإظهار قدرة عالية على رد الاعتداءات البربرية المتمادية لسنوات بضربة خلفت نتائج اقتصادية جسيمة، ورتبت تكاليف كبيرة من غير إلحاق الأذى بأي من أبناء شبه الجزيرة العربية؛ بينما العدوان الأميركي السعودي الصهيوني هو مثال الوحشية والإبادة الجماعية في إحراق وتدمير المستشفيات والجامعات والمدارس والأعراس والمآتم والأسواق الشعبية والقتل الجماعي. والمفارقة هنا أخلاقية وإنسانية تشهد بتفوق هائل للمدافعين عن اليمن، مقابل السقوط المريع لحلف العدوان الدموي الغاشم.
رابعاً: أسقط المدافعون اليمنيون، بنوعية أهدافهم المختارة التي رصدوها ثم ضربوها بدقة عالية تثير إعجاب الخبراء، ركاماً من الأكاذيب الاستعمارية الغربية والرجعية حول جبهتي التقدم والتخلف في المنطقة؛ فبقدر ما يعتبر التمكن من التكنولوجيا والقدرة على تطويعها معيارا للتقدم العلمي والحضاري، تظهر حالة تخلف ورجعية حلف العدوان في عشوائية ضرباته ووحشيتها وما خلفته من ضحايا مقابل الدقة اليمنية في تعيين الأهداف وإصابتها بصورة محكمة بناء على الاستطلاع والدراسة بالوسائل والخطط التي تنسجم مع المعايير الإنسانية.
خامساً: في المعلومات التي قدمها وشرحها الناطق العسكري من صنعاء، أسقط المزاعم الأميركية والغربية حول مواقع انطلاق الطائرات والصواريخ التي تحول أمرها إلى لغز حقيقي بفعل البيانات والتقارير الأميركية والسعودية المتضاربة والمتقلبة، وهو ما يكشف الفشل والعجز التقني الأميركي الغربي، واستطرادا الخليجي، وحتى لو تمسك حلف العدوان بمزاعمه عن كون الأسلحة اليمنية ذات مصدر إيراني بفرضية أن تكون إيران قد نظمت نقل التكنولوجيا إلى العقول اليمنية أو حتى صدرت إلى اليمن كميات من الأسلحة والمعدات المتطورة، فتلك الرواية لا تبدل شيئا مما سبق، فالحصانة الأخلاقية والتفوق العسكري والتمكن من التكنولوجيا والعلوم الحديثة ميزات تجمع سائر أطراف محور المقاومة، مقابل البربرية والدموية التي تسم سلوكيات جبهة الاستعمار وأعوانه وعملائه.
سادساً: دمر المدافعون عن اليمن بضرباتهم الناجحة وهم الاحتماء بالإمبراطورية الأميركية وقواعدها وأساطيلها، وأثبتوا لأبناء المنطقة جميعا أن هذا الوهم لا يحمي أحدا، وأن طريق التفاهم بين الأشقاء لمجابهة الابتزاز الاستعماري المكرس للنهب والهيمنة هو الطريق الأقصر والأقل كلفة والأوفر ضمانا لاستقرار حقيقي في البحار والسواحل وفي العمق، ورسالتهم هي أن استمرار الحصار والعدوان ضد اليمن سيكلف غاليا، وأن الارتداد والتراجع سيكون الطريق الأسهل لوقف الاستنزاف. وهذا مغزى الإنذار الذي وجهه الناطق العسكري اليمني إلى حكومة أبوظبي لحثها على استكمال استدارتها وتراجعها عن الورطة اليمنية تلافيا للأسوأ الذي قدم المقاومون اليمنيون مثالاً حسياً عنه.

* كاتـب لبناني

أترك تعليقاً

التعليقات