غالب قنديل

غالب قنديل / لا ميديا -
حرارة التحول اليمني تشعّ فلسطينياً قبل كلّ شيء، مع أصداء نداءات الزحف في صنعاء، لتزهو القدس، رغم المسافات الفاصلة، بحرارة النداءات الواصلة عبر الأثير في عنان السماء اليمنية، رغم المسافات السياسية والحواجز السميكة، التي تقيمها حكومات وجيوش على امتداد البلدان عبر الحدود التي تسوّر الكيان الغاصب بأمان المستسلمين، وبمذلّة الخانعين تحت المظلات الأمريكية الأطلسية بين المحيط والخليج.
عَصْفُ التغيير السياسي يتصدّر المشهد العربي مع كلّ موقف جديد يطلّ به السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، قائد حركة أنصار الله اليمنية، بما يمثّله اليمن في الواقع العربي، وبما يجسّده السيد الحوثي شعبيا وسياسيا، وباعتبار ما تحوزه الحركة من القدرات والإمكانات، التي تثبت فاعليتها ومردودها في دينامية التحولات النوعية الجارية على أرض الصراع.
في قلب التوازنات المستجدة وتحولاتها يتبيّن لمن يقرأ ويمعن النظر إلى الصدى والتأثير الظاهر والمرتقب على المشهد الإقليمي الكليّ والموضعي أن عصفاً ثورياً يخلخل صدأ المعادلات السابقة، ويحرّك المفاصل والزوايا، ليرسم صورة جديدة يُفترض بالمراقبين أن يأتلفوا معها عند معاينة وضع المنطقة وتوازناتها المتغيرة، انطلاقا من الحدث اليمني بالذات، ولاسيما على سَمْت الصراع العربي الصهيوني.
حرارة التحول اليمني والحدث اليمني تشعّ فلسطينيا قبل كلّ شيء، مع أصداء نداءات الزحف في صنعاء، لتزهو القدس، رغم المسافات الفاصلة، بحرارة النداءات الواصلة عبر الأثير في عنان السماء اليمنية، رغم المسافات السياسية والحواجز السميكة، التي تقيمها حكومات وجيوش على امتداد البلدان عبر الحدود التي تسوّر الكيان الغاصب بأمان المستسلمين، وبمذلّة الخانعين تحت المظلات الأمريكية الأطلسية بين المحيط والخليج، في حين تغلي صدور الهاتفين في صنعاء بنداءات الزحف طلباً للشهادة على بوابات القدس، بصدق قلّ نظيره وامتدّ صداه، الذي أقلق الراكنين الخانعين.
رقع الشطرنج الاستعمارية الخانقة جاثمة مزروعة في أرجاء المنطقة تحت حراسة الأساطيل والقواعد، لتحول دون انقلاب الواقع المشرقيّ، بدءا من استنزاف سورية وخنقها بالحصار، وهي قلب المشرق وقلعة العروبة. وقد أدرك المخطّطون الغربيون خلال عقود أن شلّ سورية واستنزافها يشل المنطقة ويضعف العرب ويخضعهم للسيطرة والهيمنة ويغرقهم في دوامة التمزّق والنزيف.
تعافي سورية ونهوضها سيكون أهمّ التحولات المنتظرة في المنطقة، وهو الحدث الذي يتمناه الأحرار المقاومون، وهم يعرفون طاقة سورية وإمكاناتها وقدراتها وعزيمتها ومدى تصميم شعبها في مقاومة الاستعمار عبر عقود مضت، فلم يذعن ولم ينثنِ، وليس من العبث أن تكون الشام في طليعة حاضني اليمن الجمهوري المتمرّد منذ عشرات السنين.
اليمن يقلب القواعد الجغرافية والاستراتيجية، ويبرهن على أّن ما يعتبر تقليديا طرفياً يمكن أن يصبح مركزياً، بناء على محورية الفعل الثوريّ التحرّري في قلب المعادلات والإمساك بعتلاتها وتغييرها وتعديل اتجاهاتها ومواضعها على خرائط التوازن الكليّ وديناميكيته المتحرّكة إقليمياً وقومياً.
سنن التاريخ المعاصر برهنت على أن الطرفيّ قد يصير مركزياً ويمدّ تأثيره وفعله وتداعياته إلى قلب التوازنات، وإشعاع التأثير والفعل يصعب صدّه ومنعه من بلوغ الأمداء المتاحة، كما تدلّل قوانين الفيزياء وعلم الاجتماع وعِبَر التاريخ ودروسه، فيحرّك الصدى والتردّد مدّاً تحرّرياً يصعب وقف تفاعلاته ومنع تغلغله وإشراقه في الفضاء الإقليميّ وعبر الحدود. وهكذا بات اليمن الثوريّ العظيم مركزاً محوريّاً، وسيكون في طليعة حالة قومية جديدة تنهض من ركام الأزمات والمحن. والعبرة في ما يبطنه جاري الأحداث أبلغ من أيّ تكهّن أو توقّع أو رهان.

أترك تعليقاً

التعليقات