التوحش في الحرب
 

روبير بشعلاني

روبير بشعلاني / #لا_ميديا -

ضع أي مجموعة في متاهة، يتحول كل فرد منها إلى وحش مفترس يسعى إلى البقاء على قيد الحياة بأي ثمن، ولو على حساب الآخرين.
تلك هي المتاهة, لا تعلو فيها إلا غريزة البقاء على كل ما عداها من وعي وتربية وإيتيكيت.
مشكلة أن تعيش في دولة غير قابلة للحياة هي مثل هذه المتاهة. يتحول كل مكون فيها إلى غريزة البقاء لكي ينفذ بجلده.
فما معنى الدولة التي لا تملك مقومات الدفاع عن نفسها ولا تملك مقومات وموارد عيشها المستقل غير المتاهة (دولة ميشال سليمان التي لم يبنها السياسيون).
المتاهة هي التي تَخلق شروط التنافس على البقاء، شروط اللعبة، وليس أي عامل آخر.
فأنت عندما تحشر أربع قرابات كبرى، أو اثنتين أو ثلاثاً، لا فرق، في دولة غير قابلة للحياة، فإنك تَخلق الشروط الموضوعية والمادية لكي تتحول كل واحدة منها إلى وحش مفترس يحاول أن يضمن لوحده شروط البقاء وشروط إعادة إنتاج نفسه والنوع، ولو على حساب الآخرين.
ففي مثل هذه الدولة التي لا تملك مقومات الدفاع عن أمنها، لأنها أصلاً لا تملك مقومات وموارد العيش المستقل، يتحول كل مكون فيها إلى الدفاع عن "نفسه" وعن مقومات عيشه. فتصبح غريزة بقائه أقوى من أية هوية أخرى أو هدف آخر، وتدفعه إلى الصراع الحاد مع المكونات الأخرى من أجل انتزاع مفاتيح الحياة.
في هذا الصراع، فرض الهيبة على الآخر مفتاح أساسي من مفاتيح الماء والكلأ (الفساد بعيون الأورومركزي الغرباوي).
في وضع كهذا، لا تنفع النصائح ولا الإرشادات ولا دروس التربية الوطنية؛ فقط تكسير حيطان المتاهة والخروج منها هما الحل.
الخروج من المتاهة إلى عالم آخر يتيح تأمين مقومات العيش للجميع كما يتيح تخصيص قسم منها لحماية أمن الجماعة الجديدة.
فالعالم كما هو لا يبيح لك التمتع بمواردك ولا باستثمارها من دون انتزاع هذا الحق بالقوة.
أما تكسير حيطان المتاهة فمسألة سنتابعها سوية إن شاء الله.
بانتظار ذلك لا حلّ إلا بتفاهمات مرحلية ومؤقتة بين القرابتين المتنافستين حالياً على فرض الهيبة.
تفاهمات تؤجل الصراع الأهلي الكبير إذا ما احتاجه وسمح به صاحب المتاهة وهو المهيمن عليها.
* كاتب لبناني

أترك تعليقاً

التعليقات