خليل نصر الله

خليل نصر الله / لا ميديا -
حضور الإعلام «الإسرائيلي» المعادي في مونديال قطر أمر مدان بالمقاييس كافة، ويعز علينا كشعوب عربية تناضل لأجل القضية الأم (فلسطين) أن ترى وجودا لـ«الإسرائيليين» في بلد عربي، ولو تحت عنوان «المونديال للجميع»؛ لكن حضور الإعلام المعادي قدم صورة ونتائج على صعيد توجهات الشعوب العربية والإسلامية، ربما كنا نحتاج إلى سنوات طويلة لتبيانها واستفتائها.
عبارة «ما في إسرائيل.. في فلسطين» تصدرت المشهد. عبارة أطلقها مواطنون من مختلف الدول العربية، حتى تلك التي أبرمت أنظمتها اتفاقات تطبيع مع العدو «الإسرائيلي»، في وجه الإعلام «الإسرائيلي» الذي كان يبحث مراسلوه في الدوحة عن صورة تبين أن النظرة إلى «إسرائيل» قد تبدلت، وأن توجهات الناس بدأت تسير نحو «إسرائيل الطبيعية» على أرض فلسطين، والتي يمكن التعايش معها كأمر طبيعي وليس أمرا واقعا لا بد منه، كما روجت بعض أنظمة التطبيع بداية.
ليست صدفة أن يجتمع المواطن السعودي والقطري والتونسي واللبناني والمصري... إلخ على هذه العبارة التي رددها أيضا مواطنون من دول آسيوية وأوروبية، فهي تبين أن توجه المواطنين العرب لم يتبدل رغم المسار الذي تسلكه أنظمة كثيرة لبناء علاقات مع الكيان «الإسرائيلي».
المسألة لم تقف عند هذا الحد، فتلويح لاعبي منتخب المغرب، الذين طبع نظامهم مع الكيان «الإسرائيلي» وشبك معه علاقات أمنية وعسكرية واقتصادية، بالعلم الفلسطيني يختصر صورة المشهد، فهؤلاء أوصلوا رسالة شعب بأكمله مفادها أننا بريئون من فعل الوالي وأن التطبيع مرفوض.
الصورة التي أعطتها الجماهير في الدوحة لها دلالات عدة يجب التوقف عندها:
أولا: إن الحملات الإعلامية كافة التي نظمها النظام الإماراتي تحديدا وأولئك الذين يسيطرون على الفضاء الإعلامي لم تنجح في تغيير توجهات الشعوب العربية المناصرة للفلسطينيين والرافضة لـ«إسرائيل الطبيعية».
ثانيا: إن الزيارات إلى الكيان «الإسرائيلي» لناشطين معروفين في دول الخليج، نظمتها الإمارات، وما رافقها من حملة إعلامية، قد طار مفعولها في مونديال قطر، فالصورة المركبة التي أراد هذا الإعلام تبيانها للرأي العام العربي والعالمي دحضتها مشاهد الجماهير العربية في قطر وأسقطتها.
ثالثا: محاولة أنظمة التطبيع تقديم صورة «إسرائيل الطبيعية» و«إسرائيل السلام» لشعوبهم، سقطت بدورها، فالأجيال تتوارث العداء للكيان «الإسرائيلي»، والوعي في هذا الصدد لم يضرب مع تقدم الزمن.
رابعا: مشهد قطر أعطى صورة واضحة لـ«الإسرائيليين» أنفسهم، وهم عبروا عنها، أن «الإسرائيليين» منبوذون حيث حلوا.
خامسا: تعرضت الدعاية «الإسرائيلية» التي تحاول تقديم «إسرائيل» كبلد طبيعي في المنطقة لضربة كبيرة؛ فلا حملات «أدرعي» وجيشه الإلكتروني نفعت ولا تسيير بعض الإعلام العربي لتبني دعايتهم قد نجح.
إن «الكيان الإسرائيلي» الذي يعتمد الإعلام سبيلا لإيصال صورة عن «إسرائيل» التعايش بين اليهود والعرب داخل «حدود الكيان»، تجلت أمامه من خلال مونديال قطر أنه يراكم الإخفاق ويصرف في مكان لا جدوى فيه لتحقيق ما يريد.
مشهد «مونديال فلسطين»، كما يحلو للبعض تسميته، هو بمثابة ضربة مزدوجة أوصلتها الشعوب للأنظمة المطبعة وللكيان «الإسرائيلي» في آن واحد، سنرى مفاعيلها في الحاضر والمستقبل، فهي أوضحت شكل الصورة التي أرادوا محوها أو تحويرها عبر الدعاية المشبوهة.
يبقى القول إن الحاضر يشبه الماضي، هما يؤكدان أن «إسرائيل»، الكيان المحتل لأرض فلسطين، منبوذ، وأن الماضي والحاضر هما مرآة المستقبل الذي فيه آمال التحرير، ومن يعرف؟! قد نشهد في يوم من الأيام تنظيما لكأس العالم في فلسطين المحررة، وتقام مباراة الافتتاح على أحد ملاعب القدس، وصفارة البداية يطلقها حكم فلسطيني قهر الشتات، فعاد رافعا كأس التحرير.

أترك تعليقاً

التعليقات