خليل نصر الله

خليل نصر الله / لا ميديا -
عند توقيف صنعاء السفينة الصهيونية وجرّها إلى الشواطئ اليمنية، حرّكت الآلة الدعائية الأمريكية عجلاتها، وصوّبت نحو خطورة تتعرض لها الملاحة الدولية، متجاهلة السبب الرئيس لعمليات القوات البحرية اليمنية، وهو العدوان الصهيوني الموجه أمريكيا ضدّ قطاع غزّة.
منذ اللحظات الأولى، وصفت واشنطن بدء المرحلة الثانية من عمليات صنعاء، والتي تمثلت بمنع السفن الصهيونية من عبور باب المندب، بالعمل «المتهور» و»العبثي» ووضعته في خانة الحرب على الملاحة الدولية، مع أنه محصور جداً وهدفه واضح.
لاحقاً، صعّدت صنعاء عملياتها، وذهبت إلى خطوة ثالثة تمثلت بمنع السفن غير الصهيونية المتجهة نحو موانئ فلسطين المحتلة من العبور. وفي هذه المرحلة، واصلت واشنطن الدعاية ذاتها، وعملت بموازاتها على بدء إعداد تشكيل عسكري بحري يشمل أوسع مروحة من دول المنطقة والغرب، وهدفه التدخل عسكرياً. فشلت في إغواء دول المنطقة، التي كانت تعير حساباً لرد الفعل اليمني، ولمعايير تتعلق بأصل الأحداث وارتباطها بما يجري في فلسطين من عدوان؛ لكنّها نجحت في بدء عمل عسكري -غير محسوب- عبر مرافقة السفن أولاً ثمّ العدوان المباشر.
مع بدء العدوان المباشر، أمريكياً وبريطانياً، ذهبت صنعاء نحو خطوة رابعة، هي من جهة تشكّل إسناداً لغزّة، ومن جهة أخرى ترد على العدوان. وكان لاستهداف بحارتها العشرة واستشهادهم الطلقة التي دفعت نحو تسريع الخطوة. وسّعت صنعاء مروحة الاستهداف ضمن الخطوة الرابعة، لتشمل السفن الأمريكية والبريطانية وبوارجهما، ونتيجة لذلك ارتفع منسوب النار في البحر، فأُصيبت سفن وبوارج حربية؛ لكن الحدث الأبرز يكمن في إغراق سفينة بريطانية كانت تحمل أسمدة وتعبر مضيق باب المندب، حيث أصيبت بصاروخ بحري مناسب، وعلى مدى أسبوعين رست تحت مياه البحر.
هذه العملية سرعان ما استندت إليها واشنطن لإطلاق حملة دعائية جديدة لتحريض دول العالم ودول المنطقة على صنعاء، تحت عنوان تهديد الحياة البحرية، وهو ما لم يفلح حتّى الساعة في تغيير أي من المواقف. ويمكن تأكيد ذلك من خلال هبوط مستوى الدعاية إلى حد دفع السفارة الأمريكية في اليمن إلى بث منشور عبر صفحتها على منصة «إكس» يربط بين غزّة والبحر الأحمر؛ لكن بشكل مختلف عن الواقع، عبر تصوير صنعاء قوةً متوحشةً تهدّد الحياة البحرية، فيما واشنطن هي الحمل الوديع وداعية السلام الذي يُلقي المساعدات جوّاً للشعب الفلسطيني في غزّة. هذا المستوى من الدعاية الهزيلة يعلق عليه مراقبون بالقول: «حتّى من كتبها كان يستهزئ بنفسه».
في المحصلة، إن الدعاية الأمريكية قابلتها صنعاء بتأكيد مواصلة عملياتها، بل وتصعيدها، كما عبّر أكثر من مسؤول يمني، في تأكيد لاستهزاء صنعاء بتلك الدعاية التي فشلت سابقاً، فكيف في هذه المرحلة؟! خصوصاً أن العمليات مرتبطة بأكثر قضايا المنطقة حساسية عند شعوبها، وهي القضية الفلسطينية.
يسجّل لصنعاء وحلفائها القدرة على ضرب الدعاية الأمريكية في هذه المرحلة، خصوصاً أن صداها حُصر بما قاله الأمريكيون، وفي وسائل إعلام لم يعهد منها سابقاً إلا الترويج للدعايتين الغربية والصهيونية، مع فشل متراكم في إقناع الشعوب بعكس الوقائع.
وعليه، يمكن القول: إن الدعاية الأمريكية رافقت السفينة البريطانية وغرقت معها.
 إعلامي وكاتب لبناني

أترك تعليقاً

التعليقات