عجز العدو عن قتل الصورة
 

خليل نصر الله

خليل نصر الله / لا ميديا -
مؤلمة هي الصورة التي تخرج من غزة.. مشاهد أشلاء الأطفال والنساء المتناثرة بين الركام غزت العالم، ومصدرها صحافيون وإعلاميون وقنوات تلفزة وناشطون.. الصورة كذبت ودحضت كل أكاذيب العدو، ولم تسعف واشنطن التي تحاول التعامي عنها، فانتقلت للتشكيك بعدد الشهداء دون نفي الإبادة التي تحصل.
سبقت الصورة كل من حاول طمس الحقائق، لتضرب في الرأي العام العالمي، شرقا وغربا، وتدلل أكثر على همجية المحتل، وخوضه حربا تستهدف المدنيين والأطفال والنساء، دون القدرة على مواجهة المقاومة.
وليس عبثا التدمير الممنهج الذي يتبعه كيان العدو الصهيوني، وليس عبثا قتل الأطفال والنساء، فما هو معروف أن الهدف هو لي ذراع المقاومة الفلسطينية وكسر إرادتها ودفعها للتنازل وهو ما لم يحصل، ليس فقط لأن المقاومة عصية على التراجع، بل لأن شعب غزة مرتبط بمقاومته روحيا، ومستعد لبذل الأنفس لأجل حرية بلده وهو ما عبر عنه المفجوعون الذين أطلقوا صيحات التأييد للمقاومة وهم يقفون أمام أشلاء أطفالهم المقطعة بفعل القنابل الأمريكية التي ألقتها طائرات حربية «إسرائيلية» فوق جماجم الغزيين.
هذا المشهد، الذي رآه العالم، وأحدث ما أحدث، ودفع دولا لتعديل مواقفها، سببته الصورة، الصورة التي ينقلها فدائيون صحافيون وإعلاميون وناشطون، مرفقة بالكلمة الحرة التي تفوقت على الصاروخ والمدفع وصوت هدير المسيّرات التي لا تفارق سماء غزة المقاومة.
أمام هذا المشهد، عمد العدو إلى تفعيل استراتيجية جديدة، لا علاقة لها بالعسكر، وهي قتل الصحافيين، وملاحقتهم إلى منازلهم، وإن لم ينل منهم، يلاحق عائلاتهم لكسرهم.
أكثر من ثلاثين صحافيا قتلوا، وعوائل إعلاميين استهدفت في مناطق من المفترض أنها «آمنة» كما حصل مع عائلة الإعلامي في قناة «الجزيرة» الزميل وائل الدحدوح، الذي استشهد أفراد من عائلته، فودعهم وشيعهم وأبى الانكسار، فعاد في اليوم التالي ووقف أمام الكاميرا يكمل مسيرته بعزيمة تمثل ضربة للعدو.
وأياد أبو ناموس الصحافي الذي لاحقته طائرات العدو لإسكاته فاستشهد في منزله مع والدته، وآخرون وآخرون.
في غزة لا بد أن نوصف الواقع، فالصحافي هناك، منغرس في أرضه، وهو صحافي فدائي، ففي الوقت الذي يذخر فيه المقاوم صواريخه ليردع العدو، يقوم الصحافي بتذخير الصورة والكلمة لينقلها للعالم، وهو ما نلاحظه جميعا في هذه الفئة المقاومة المقاتلة.
في مقابل كل ذلك، ورغم همجية آلة القتل «الإسرائيلية» إلا أن الصورة قتلت قاتلها، فتحولت دماء الصحافيين وعوائلهم إلى صاروخ آخر رمي في وجه عالم يغمض الأعين أمام أشلاء غزة، وخرق تحصيناتهم المفترضة، لتكون الصورة هي العنوان، والتي عجزت «إسرائيل» عن قتلها.
تحية لكل صحافي في فلسطين، وكل ناشط، وكل فدائي، نشاهدكم ونرى النصر مطبوعا على جباهكم.

كاتب وإعلامي لبناني

أترك تعليقاً

التعليقات