د. أحمد المؤيد

أحمد المؤيد / لا ميديا -
بدأت شرارة الأحداث في السويداء السورية عندما تعرّض أحد التجار الدروز لعملية سرقة على طريق دمشق - السويداء، واتُّهم بارتكابها عدد من أبناء العشائر البدوية.
رداً على ذلك، قامت فصائل محلية في السويداء باختطاف أفراد من العشائر، لينفجر الوضع بسرعة ويتحوّل إلى صدام دموي واسع النطاق... لكن الحقيقة أعمق من مجرد «خلاف عشائري».
ما جرى كان انفجاراً لحقد طائفي قديم، تغذّيه فتاوى ابن تيمية، التي كفّرت طائفة الموحدين الدروز وأباحت دماءهم. وهي فتاوى ما تزال تُفعّل حتى اليوم على الأرض بنيران البنادق وسكاكين الذبح.
في خضمّ هذه الفتنة، لم تكن عصابات الجولاني محايدة، بل شاركت بشكل مباشر في الهجوم، أو انسحبت من مواقعها عمداً لتفسح المجال أمام المسلحين لاجتياح قرى درزية دون مقاومة.
فلم تقم بما يُنتظر من أي قوة تحكم تحت راية الدولة؛ بل تصرّفت كعصابة تسعى لتصفية حسابات طائفية، وإعادة رسم الجغرافيا السكانية بالسلاح والنار.
في ذروة هذا النزيف، جاءت الغارات «الإسرائيلية» بذريعة «حماية الدروز»؛ ولكنها لم تكن إلا استثماراً جديداً في الدم السوري، إذ تسعى «إسرائيل»، وبتواطؤ مباشر أو بصمتٍ خبيث من الجولاني، إلى تثبيت نفوذ سياسي وعسكري في الجنوب السوري، تحت ستار «الاستجابة الإنسانية».
هكذا تتقاطع مشاريع التكفير مع مشاريع الاحتلال، ويتحوّل الدروز إلى ضحايا بين مطرقة ابن تيمية وسندان «تل أبيب». والنتيجة: عشرات القتلى من المدنيين، نزوح جماعي، هدم للتعايش الاجتماعي، وفتنة دينية تُعاد صياغتها بأدوات عسكرية ومباركة صامتة.
إن ما يجري في السويداء اليوم هو نتاج مشروع طائفي خبيث، تحالف فيه التكفير الديني مع السلاح المليشياوي والتدخل الصهيوني، ليُسفك الدم تحت عناوين «عشائر» و«خلافات»، والحقيقة أنه صراع أحقاد تاريخية توارثها المتطرفون، ويرعاها الجولاني بصمتٍ أو بدم.
إن من يصمت على المجازر اليوم قد لا يجد من يصيح باسمه غداً حين يُذبح على الطاولة ذاتها.

أترك تعليقاً

التعليقات