د. أحمد المؤيد

أحمد المؤيد / لا ميديا -
الحرب لا تبدأ دائماً بالرصاص؛ أحياناً تُقدَّم كبداية صامتة عبر الشاشات والمنصات.
الهجمة الأولى على اليمن هذه المرّة لم تكن ضربة جوية، بل حملة إعلامية ضخمة تهدف إلى خنق الناس وإيصالهم لليأس: نشر أكاذيب، تضخيم الأمور البسيطة، وتحويل الحصار الاقتصادي إلى سبب لاتهام صنعاء، تمهيداً لخلق حالة من الاختناق المجتمعي الداخلي.
أدوات الهجمة الإعلامية تتكون من آلة إعلامية متكاملة (صحف، قنوات، صفحات إلكترونية، وحشود حسابات وهمية) تعمل بثلاثة مسارات متزامنة:
1 - تضخيم مقصود: تفاصيل هامشية تُعرض كأزمات وجودية لتوليد ذعر دائم.
2 - لعب بالسبب والنتيجة: الحصار والقيود الخارجية تُلوّى لتبدو كفشل داخلي لصنعاء.
3 - تهييج الشارع: تحويل كل مشكلة بسيطة إلى سبب «للقضاء على الطرف الآخر» وخلق ذريعة لعنف لاحق ومعارك مؤجلة.
استراتيجية خبيثة: «كيف تستطيع أن تعيش في هكذا وضع؟!». هذه العبارة ليست سؤالاً لطلب الحل، بل أداةٍ نفسية مدروسة.
تُستخدم كسرد تكراري لإيصال رسالة مزدوجة، أولاً: أنّ الوضع لا يطاق، وثانياً: أنّ هناك «مَن» مسؤول عن استمرار هذا العذاب، وبالتالي «لا حلّ إلا بالقضاء عليه».
النتائج العملية لهذه الاستراتيجية، تتمثل في تسريع قبول الجمهور لخيارات الحرب القاسية أو للتدخلات الخارجية باسم «الحلول السريعة». ثم الوصول لمرحلة اليأس.
فعندما يصبح الناس يائسين، يصبح تقبلهم للحلول الأمنية والضغوط الخارجية أسهل، وهنا تصبح المواجهة المسلحة نتيجة حتمية لذرائع صنعتها الشاشات.
أمثلة تكتيكية قصيرة:
- خبر محلي بسيط يُحوّل إلى حملة ذعر.
- صور وفيديوهات قديمة يُعاد استخدامها لتبدو «تدهوراً فورياً».
- عبارات تحريضية مثل «كيف تستطيع أن تعيش في هكذا وضع؟!».
تُطلق كنقطة التفاف لتقبل الحلول المرتبة من الخارج.
وهنا ينهزم المجتمع داخلياً ويصبح الانقضاض عليه أمراً سهلاً. هذا الأمر يعني تمكين الخارج من كل مفاصل البلد عسكرياً واقتصادياً وسياسياً ليعود تحت حكم السفارات، ويصبح كل أولئك المرتزقة موظفين يديرون فوضى كبيرة اسمها اليمن.

أترك تعليقاً

التعليقات