المقاومة اللبنانية..درع السيادة في مواجهة الضغوط الأمريكية
- فهد شاكر أبو راس السبت , 1 نـوفـمـبـر , 2025 الساعة 7:10:16 PM
- 0 تعليقات

فهد شاكر أبوراس / لا ميديا -
في لحظةٍ تاريخيةٍ حاسمة، تستقبل بيروت المبعوثة الأمريكية مورغان أورتاغوس، حاملةً معها حزمةً من الضغوط المكشوفة التي لا تُخفي هدفها: نزع سلاح المقاومة اللبنانية ودفع لبنان نحو مفاوضات مباشرة مع الكيان الصهيوني المحتل.
لكن المقاومة، في مواجهة هذا التهافت الخارجي، تبرز اليوم بحلتها التاريخية كدرعٍ واقية للسيادة والكرامة، متمسكةً بخيار الردع والدفاع في وجه أجندة أمريكيةٍ صهيونيةٍ تسعى إلى تفريغ لبنان من محتواه المقاوم، وتجريده من أدوات دفاعه المشروعة.
زيارة المبعوثة الأمريكية ليست سوى حلقةٍ جديدة في سلسلةٍ طويلةٍ من الضغوط التي تمارسها واشنطن، المنحازة كليّاً للكيان «الإسرائيلي»، والتي تتجاهل عمداً طبيعة الصراع القائم على احتلال الأرض والاعتداءات اليومية.
يتجلى هذا الانحياز بوضوحٍ في التصعيد «الإسرائيلي» الخطير وغير المسبوق، الذي بلغ حدَّ استهداف قوات «اليونيفيل» الدولية في جنوب لبنان - حادثةٌ بالغة الدلالة، تكشف الطبيعة الإجرامية لقوات الاحتلال الذي لا يفرّق بين مدنيٍّ ومقاتل، ولا يحترم أدنى قواعد القانون الدولي.
من هذا المنظور، يكتسب تمسّك المقاومة بسلاحها شرعيةً أخلاقيةً وقانونيةً إضافية؛ باعتباره الآلية الوحيدة الفعّالة لردع هذا العدوان المتواصل.
إن المسار التاريخي للمقاومة اللبنانية يثبت أنها تحولت من كيانٍ عسكريٍّ ظرفيٍّ إلى فاعل وطني وإقليمي يمتلك مشروعاً متكاملاً في الدفاع والسيادة والتنمية.
بدأ هذا المسار بتحرير الجنوب في أيار/ مايو 2000، الذي شكّل أول هزيمةٍ ميدانيةٍ مباشرةٍ للكيان الصهيوني أمام مقاومةٍ عربية. ثم جاء انتصار تموز/ يوليو 2006 ليُرسّخ معادلة الردع الجديدة عبر 33 يوماً من الصمود والمناورة، خرج منها العدوّ مهزوماً عسكرياً ومعنوياً.
وتوّجت المقاومة دورها الوطني بعملياتٍ نوعيةٍ لاحقة، مثل معركة «وإن عدتم عدنا» عام 2017، التي طهّرت الحدود الشرقية من الوجود الإرهابي، ثم انتصار ترسيم الحدود البحرية عام 2022، الذي حمى الثروات الوطنية من النهب.
هذا المسار الطويل لا يُقرأ كسلسلة إنجازاتٍ عسكرية فحسب، بل كتحول استراتيجي جعل من المقاومة ركيزةً أَساسيةً في معادلة الأمن القومي اللبناني، وضمانةً حقيقيةً لسيادة لبنان واستقلاله في وجه العدوان، والحصار، والحرب الناعمة.
من هنا، فإن المطالب الأمريكية بنزع سلاح المقاومة، في ظل استمرار التهديدات الصهيونية - من احتلال الأرض إلى الاعتداءات شبه اليومية، هي في جوهرها دعوةٌ إلى تجريدها من حق الدفاع عن النفس.
فكيف يُطلب من لبنان أن يُسلّم سلاحه، بينما لا يزال الكيان الصهيوني يحتجز أسرى لبنانيين، ويعتدي على سيادته بشكلٍ شبه منتظم؟! إن أي حديثٍ عن نزع السلاح في هذا السياق لا يعدو كونه مؤامرةً سياسيةً تهدف إلى تقييد اليد الدفاعية للبنان، وفتح الباب أمام الهيمنة الكاملة.
خطاب المقاومة اليوم يتميّز بالثبات الاستراتيجي والمسؤولية الوطنية. فهو يؤكد باستمرار على البُعد الدفاعي لسلاحها، ويقطع الطريق على الدعاية الصهيونية والأمريكية، التي تحاول تصويره كأدَاة هجوميةٍ أَو تهديدٍ للجوار. كما يضع الدولة اللبنانية أمام مسؤولياتها الوطنية والدولية في مواجهة العدوان، دون أن يتنصّل من التزامه الوطني.
المقاومة تدرك أن احتمال الحرب قائم؛ لكنه ليس مؤكّداً، وأن مصيره مرهونٌ بالحسابات (الأمريكية - «الإسرائيلية»). لذلك، تحافظ على جهوزيتها الكاملة لردع أي عدوانٍ محتمل، مع إبقاء الباب مفتوحاً أمام «صيغ تفاهم بديلة»، قد تبحثها الدولة اللبنانية مع المقاومة حول آليات الرد على الانتهاكات المتزايدة للكيان المحتل.
في الحقيقة، المشروع الاستراتيجي للمقاومة لا يقتصر على البُعد العسكري، بل يرتكز على رؤيةٍ وطنيةٍ شاملة تعالج قضايا المواطنين وتتفاعل مع تحدياتهم اليومية. وهذا ما يمنحها قوتها الشعبية وقدرتها على الصمود في وجه الإرهاق والضغوط.
لقد تجاوزت المقاومة كونها خياراً تكتيكيّاً أَو مكسباً ظرفيّاً يمكن التنازل عنه؛ لتصبح منهج حياةٍ وطنياً متكاملاً، يرى في التمسك بها تمسّكاً بالسيادة، ورفضاً للاستسلام، وتأكيداً على كرامة الوطن.
هكذا، تبقى المقاومة خياراً استراتيجيّاً لا رجعة عنه، وهي الضامن الحقيقي لتحرير الأرض واستعادة الحقوق وصون الكرامة، في وجه كُل محاولات الهيمنة والاستسلام.
وستبقى روح الاستشهاد الضمانة الأكيدة بأن لبنان، شعباً ومقاومةً، لن يرضخ لسندان الاحتلال ونيرانه، ولن يتخلى عن سلاح الردع حتى يتحقّق التحرير الشامل والردع الكامل.










المصدر فهد شاكر أبو راس
زيارة جميع مقالات: فهد شاكر أبو راس