إنقاذ اليمن بيد أبنائه
 

محمد عبده سفيان

من يراهن على الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، في وقف العدوان البربري الغاشم الذي يشنه النظام السعودي وحلفاؤه في عاصفة الجرم العربي، ضد وطننا وشعبنا اليمني، والمستمر منذ 26 مارس 2015م، لا شك أنه واهم.. ومن يراهن على أن وقف الحرب العبثية والمجنونة التي تدور رحاها في عدد من محافظات الوطن، سيتم بقرار من الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، هو واهمٌ أيضاً، لأن قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن مرهونة بمصالح الدول العظمى صاحبة القول الفصل في قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ومصالحها تقتضي أن تظل الدول العربية في خلافات دائمة وصراعات وحروب لا تنتهي، وهذا الأمر ليس مجرد تكهنات أو اجتهاد شخصي، وإنما هو واقع معاش تم الإعداد له قبل أكثر من 100 عام، ومن يشكك في موضوع المؤامرة على الأمة العربية عليه العودة إلى مقررات مؤتمر (كامبل بنرمان) الذي عقد بالعاصمة البريطانية (لندن) عام 1905م، واستمر حتى 1907م، بدعوة سرية من حزب المحافظين البريطاني، بهدف إيجاد آلية تحافظ على تفوق ومكاسب الدول الاستعمارية إلى أطول أمد ممكن. وضم المؤتمر الدول الاستعمارية آنذاك (بريطانيا وفرنسا وهولندا والبرتغال وبلجيكا وإسبانيا وإيطاليا)، وخرج بوثيقة سرية سموها (وثيقة كامبل) نسبة إلى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك (هنري كامبل بانرمان). وبناء عليه تم تشكيل لجنة تضم ممثلين من تلك الدول، اجتمعت في لندن عام 1907، إلى جانب كبار علماء التاريخ والجغرافيا والاجتماع والاقتصاد والزراعة والنفط والثروات المعدنية.
أكدت التوصيات التي خرج بها المؤتمر أن الخطر الحقيقي على الدول الاستعمارية إنما يكمن في المناطق العربية، لا سيما بعد أن أظهرت شعوبها يقظة سياسية ووعياً قومياً ضد التدخل الأجنبي والهجرة اليهودية والحكم التركي أيضاً، وأن خطورة الشعوب العربية تأتي من عوامل عدة، أهمها: (وحدة التاريخ واللغة والثقافة والهدف والآمال المستركة وتزايد عدد السكان)، ولذلك فقد رأى المؤتمر ضرورة العمل على استمرار وضع المنطقة العربية متأخراً، وإيجاد التفكك والتجزئة والانقسام، وإنشاء دويلات مصطنعة تابعة للدول الأوروبية الاستعمارية، وخاضعة لسيطرتها، ولذلك أكد المؤتمر على ضرورة فصل الجزء الأفريقي في المنطقة العربية عن جزئها الآسيوي، وإقامة الدولة العازلة العدوة لشعوب المنطقة العربية والصديقة للدول الأوروبية، وأن يكون لها ثلاثة أهداف رئيسية هي: (فصل مشرق الوطن العربي عن مغربه ـ تعطيل نهضة الأمة العربية ـ جعل المنطقة في حالة غليان.. اللاأمن واللااستقرار).
وبناء عليه، وبعد نقاشات وحوارات طويلة استمرت حتى عام 1917م، خلصت إلى الموافقة على إنشاء دولة إسرائيل على أرض فلسطين. وبناء على ذلك صدر (وعد بلفور) المشؤوم الذي أعطى أرض فلسطين التي كانت تحت الاحتلال البريطاني، لليهود كوطن قومي لهم.
أجزم أن الأحداث التي تشهدها الدول العربية في الماضي، والتي تشهدها اليوم، وخصوصاً العراق وسوريا واليمن وليبيا، هي نتاج لمقررات مؤتمر (بنرمان) المنعقد في لندن عام 1907م، ومن لا يقر بهذه الحقيقة فهو يجهل حقائق التاريخ والوقائع والأحداث التي شهدتها وتشهدها منطقتنا العربية في الماضي والحاضر، ولذلك فإن الرهان على دور الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي في وقف العدوان البربري الغاشم على وطننا وشعبنا اليمني، والذي تقوده السعودية منذ أكثر من عام مضى، وعلى وقف وإنهاء الحرب العبثية الداخلية، بلا شك رهان خاسر، لأن مصلحة الدول العظمى المهيمنة على قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، تكمن في استمرار الصراعات الداخلية في الدول العربية والحروب في ما بينها، ولذلك فإن استمرار العدوان السعودي على وطننا وشعبنا اليمني، واستمرار الحرب العبثية والصراعات السياسية والاجتماعية والمناطقية بين اليمنيين، يصب في مصلحة الدول الأوروبية المصنعة للأسلحة، ويصب في مصلحة الكيان الصهيوني، كما هو الحال في سوريا والعراق وليبيا، ولذلك فإن إنقاذ اليمن من الدمار والخراب الشامل وسفك الدماء، بيد اليمنيين أنفسهم، فهم وحدهم من يمتلكون تقرير مصيرهم حالياً ومستقبلاً، وليس أحد غيرهم، ولهذا يجب على الأطراف المتصارعة أن تقدم التنازلات من أجل الوطن والشعب اللذين يتصارعون ويتقاتلون باسمهما.

أترك تعليقاً

التعليقات