القوة التي يبحث عنها الجميع
 

محمود المغربي

محمود المغربي / لا ميديا -
انتهى سباق التسلح والحرب الباردة بين أقوى قطبين في العالم، وهما الولايات المتحدة الأمريكية وما كان يعرف بـ»الاتحاد السوفييتي» السابق، بانهيار «الاتحاد السوفييتي» اقتصادياً وليس عسكرياً.
حينها أدرك العالم، وخصوصا الدول الكبيرة، حقيقة مهمة للغاية، وهي أن القوة الحقيقية ليست بامتلاك الجيوش الضخمة، ولا بامتلاك أحدث الأسلحة والصواريخ والقنابل النووية، بل القوة الحقيقية تكمن في من يمتلك الاقتصاد، المال والموارد المناسبة والاستفادة منها وتسخيرها في خدمة الوطن.
وليس شرطاً أن تكون القوة الاقتصادية نابعة من امتلاك هذا البلد موارد نفطية وثروات طبيعية، فألمانيا من أغنى الدول ولم تكن تمتلك شيئاً من هذه الموارد، وكذلك اليابان وكوريا وغيرهما من الدول، بل تمت الاستفادة من أهم الموارد والثروات التي أوجدها الله على هذه الأرض، وهي ثروة العقل البشري القادر على صنع المستحيل.
وقد أدركت اليابان هذه الحقيقة قبل انهيار الاتحاد السوفييتي بفترة طويلة، وربما بعد خسارة الحرب مع أمريكا بالسلاح النووي.
أيضاً الصين كانت قد بدأت في إدراك هذه الحقيقة قبل عقود، وتم إعلان ثورة في مجال التعليم والزراعة والصناعة، فالثورات لا تكون فقط في تغيير الأنظمة، بل تكون ثورة شاملة مع التوجه نحو امتلاك قوة عسكرية بما لا ينهك الاقتصاد.
واستفاد الروس أيضاً من تجربة الانهيار المؤلمة، وتعلم الرئيس الروسي بوتين كيف ينحني للعاصفة الاقتصادية التي ضربت روسيا وكيف يخضع لأمريكا والغرب حتى ينتشل روسيا من الفقر والانهيار التام. وبعد أن استطاع النهوض بروسيا اقتصادياً، ها هو اليوم يعود بها إلى ساحة المواجهة والنفوذ مع أمريكا والغرب.
لقد أصبح الجميع يدرك خطورة وقوة الاقتصاد. واليوم أمريكا والغرب يستعمرون ويهيمنون ويسحقون الدول ليس عسكرياً، بل اقتصادياً وعبر فرض عقوبات عليها، ويفعلون ذلك مع روسيا، لكن روسيا يعتمد عليه نصف العرب في القمح والحبوب، ويعتمد عليها نصف أوروبا بالغاز، ومن سوف يحاصر من؟!
نحن في اليمن نخوض حرب استقلال ووصاية مع أقذر عدو، وقد استطعنا الصمود والانتصار العسكري إلى حد ما، لكننا كل يوم نخسر المعركة الاقتصادية، والسبب يعود إلى الحصار. وهناك سبب آخر أكثر خطورة من الحصار، وهو تمكين الفاشلين والفاسدين وعدم الاستفادة من الأشخاص المؤهلين وأصحاب العقول حتى لو كانوا لا ينتمون إلى المشروع، ولا يؤمنون بما نؤمن، وهذا الأمر يزيد حجم الخسارة ويسرع عملية الانهيار ويراكم الفشل والمشاكل.

أترك تعليقاً

التعليقات