أمريكا وإيران والحرب الإقليمية
 

مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
كيف تقدم أمريكا نفسها في مسألة الرد "الإسرائيلي" المحتمل على إيران؟
مرة تقول إنها ترفض أو لا تريد استهداف المنشآت النووية الإيرانية، ومرة أخرى تقول إن قصف المنشآت النفطية يولد مخاطر على العالم وقد يدفع إلى أزمة غير مسبوقة عالمياً...
كأنّ أمريكا "الطيبة" و"الحمل الوديع" تراجع "إسرائيل" لتخفيف ردها! ولنا افتراض أن "إسرائيل" في ردها لم تستهدف المنشآت النووية ولا البترول، فهل أمريكا في ذلك مارست أمراً لـ"إسرائيل"، أو راجعت واستجدت "إسرائيل" من باب الشفقة على إيران أو من أجل عيون الشعب الإيراني؟!
لفهم اللعبة والملعوب الأمريكي فهماً أكثر أو أدق التقطوا من بين التصريحات الأمريكية في هذا الجانب ما قالته بأنها قدمت عرضاً مغرياً بمساعدات كبيرة مقابل ألا تقصف المنشآت النووية الإيرانية.
في كل هذا فأمريكا تريد القول أنه لا حول ولا قوة أمام "إسرائيل"، ثم تقول في تصريح آخر بأن "إسرائيل" رغم كل الدعم الأمريكي والمادي والاستخباراتي لها بما لم يحدث مع بلد آخر، فـ"إسرائيل" لا تستطيع ضرب المنشآت النووية الإيرانية بدون مساعدة أمريكا، والمقصود طبعاً بدون المشاركة الأمريكية.
ما دامت "إسرائيل" لا تستطيع فعل ذلك بدون المشاركة الأمريكية فلماذا صدعتم رؤوسنا بتصريحات المراجعة والتوسل، بل والعروض والإغراءات لـ"إسرائيل" بأن لا تفعل ذلك؟!
هذه هي الألاعيب أو "المزناوة" الأمريكية وفق التداول الشعبي في اليمن.
أي عدوان على إيران إن كانت واجهته أمريكا فهو عدوان "إسرائيلي" في الوقت ذاته، وأي عدوان "إسرائيلي" هو أمريكي أصلاً. وأمريكا بكل هذه التناقضات تريد الهروب أو التخفي من استحقاقات هذه الحقيقة الثابتة ومن تبعاتها المحتملة وغير المنظورة.
من جانب آخر فأمريكا تريد أن تثبت في وعينا ومن ثم تفاعلنا أنها ما دامت "إسرائيل" لم تستهدف المنشآت النووية الإيرانية ولا النفط فأي عدوان وأي دمار وتدمير تحت هذا السقف فأمريكا قد شرعنت له في وعينا وتفكيرنا وفي تفاعلنا واستجابتنا، بل وقد تطلب منا أمريكا أن نتقدم لها بالشكر والعرفان والامتنان وحتى لـ"إسرائيل"، لأنها في رد بهذا السقف مارست أعلى درجات ضبط النفس، وأي رد على هذا الرد هو العدوان وهو ما يدفع إلى حرب إقليمية.
أمريكا منذ اندثار الاتحاد السوفييتي سارت في تفعيل وممارسات أن تكون هي الجاني والمجرم في هذا العالم، ثم هي الشرطي أيضاً، وهذا الذي مازالت تمارسه بوضوح أكثر مع إيران وفي منطقتنا، فأمريكا هي التي تدمر المنطقة وشعوبها حتى من هو في فلكها أمركة وصهينة، وحين اللزوم ترفع شعار أنها مع أمن "إسرائيل" ومع حقها في "الدفاع عن نفسها"؛ وكأنّ الآخرين لا يعنيهم أمنهم وليس لهم حق الدفاع عن أنفسهم.
التصريحات الأمريكية وفي ظل أي تقاطع أو تناقض هي مثل "الإسرائيلية" التي تريد من حماس أن توقع معها اتفاقاً يمنح لـ"إسرائيل" الحق بعد تنفيذ الاتفاق بقتل وإعدام حماس، فكيف لعاقل في هذا الكون القبول باتفاق يعطي فيه عدوه الحق في قتله بعد تنفيذ الاتفاق؟!
أمريكا تشرعن لـ"إسرائيل" أن تجعل طهران مثل غزة أو الضاحية الجنوبية من بيروت، ولا يحق لإيران أن ترد ولا حتى أن تتحدث عن رد، وإلا فإن إيران هي من يصعد إلى حرب إقليمية وهي من سيتحمل المسؤولية.
أمريكا لم تعد الأقوى ولا الأعظم في العالم، وباتت في مهازلها، إنما تقدم ضعفها وهزالها أكثر مما تقدم عظمة أو قوة كما تتوهم أو أنها مازالت في وهم ولا أظن ذلك.
المفترض بإيران في التعامل مع هذه الألاعيب والمهازل الأمريكية هو أن تسير في خطين أو خطوتين.
الأولى: حين وقوع عدوان بواجهة "إسرائيلية"، وهو أمريكي بالتأكيد، فعلى إيران أن تمارس الرد الفعلي والمباشر حين وقوع العدوان، وإيران هي التي لها قرار تحديد سقف ردها من خلال طبيعة وتفعيل العدوان وسقفه.
الثانية: أن تتحرر من تهديد وابتزاز الحرب الإقليمية، بل ربما بات يعنيها من كل ما جرى معها لعقود ومنذ قيام الثورة الإسلامية أن تقتنع بأن هذه الحرب الإقليمية التي تهدد بها وتبتز هي حاجية إيرانية وهي ضرورة واضطرارية للأمن القومي الإيراني ومع "إسرائيل" وأمريكا تحديداً.
أمريكا وربيبتها "إسرائيل" هما من يفترض أن يخافا وترتعد فرائصهما مما تهدد به إيران كحرب إقليمية، وأضمن لإيران بالمسارين أو الخطين أن تنتصر على كل المناورات والمهازل والاهتراءات، فهل لإيران أن تجرب وتسير في مثل ذلك؟!

أترك تعليقاً

التعليقات