الحرب العالمية.. كيف تريدها أمريكا؟!
 

مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
بافتراض حدوث حرب عالمية وبكل الأسلحة بما فيها "النووي"، فإننا إذا أخذنا للقياس أو التفكير الدول الثلاث الأقوى أو الأعظم وهي أمريكا وروسيا والصين، فمن الذي يريد تجنب الحرب العالمية أكثر، ومن الذي يخاف من الحرب العالمية أكثر؟
في السياق التاريخي وأحداثه الأهم فالاتحاد السوفيتي "روسيا" هو أكثر من ضحى في الحرب العالمية الثانية بسبعة وعشرين مليون شخص، وبالتالي فروسيا لا تخاف الحرب ولكنها لا تريد حرباً نووية والدليل أن تفتيت الاتحاد السوفيتي لم يدفعه إلى مغامرة حرب نووية.
ولهذا يمكن القول إن روسيا لا تخاف الحروب، ولكنها لا تريد فناء البشرية بالأسلحة النووية.
إذا توقفنا عند الصين فهي تحملت في تاريخها القديم والحديث ما لا يتحمله شعب أو بشر، وحين نتوقف عند فترة أو حقبة تفتت الاتحاد السوفيتي فالصين ظلت تتحمل فوق حقيقة ما باتت عليه من قوة، ويكفي الصبر الصيني إزاء قضية "تايوان" وهي في الإصرار على سلمية توحيد الصين وإعادة تايوان للوطن الأم "الصين".
الصين أيضاً باتت أقوى بما لم يحدث في تاريخها وهي لا تريد الحرب النووية، ولكنها لا تخاف الحرب حين ضرورة أو اضطرار.
أمريكا كذلك هي في ظل وضعها وتموضعها القائم لا تريد بالتأكيد حرباً عالمية، لكنها تخاف من هذا الاحتمال أكثر من روسيا والصين.
لو أن السلاح النووي كان قد وجد مع منافسين ما كانت أمريكا لتسقط قنبلتين نوويتين على اليابان، والأحداث التاريخية تؤكد أن أمريكا لا تحارب إلا حين تضمن النصر مسبقاً من هزيمتها في فيتنام، وبالتالي فأمريكا التي لا تريد حرباً نووية عالمية فهي أكثر من يخاف من هذه الحرب بين دول وشعوب الدنيا، وتعاملها مع حرب أوكرانيا أكبر دليل، فكل ما تريده هو النأي بنفسها عن هذه الحرب أولاً، وإبقاؤها تحت السقف النووي، ودفع آخرين غيرها إلى أتون هذه الحرب وتحديداً أوروبا.
لاحظوا أن المهرج والمتخبط "ترامب" يقول في مدح ذاته إنه "حال دون حرب نووية كادت تشتعل في الشرق الأوسط"، ولكنه لم يذكر الأطراف المضادة لهذه الحرب التي حال دون حدوثها كما يزعم.
ترامب ذاته كان قبل فترة قصيرة قال بأنه سيسلم "إسرائيل" قاذفات "B2" لتقوم بتدمير المنشآت النووية الإيرانية وأمريكا لا تكون طرفاً ولا تتحمل المسؤولية، فكيف يزعم بعد ذلك أنه احتوى أو منع حرباً نووية عالمية كانت على وشك الانفجار من "الشرق الأوسط"؟
لقد ضربت أمريكا و"إسرائيل" -وهما واحد- إيران ومنشآتها النووية، وحين وصلتها رسائل من الأقوياء المنافسين لها حضرت انتهازية ترامب ليقول إنه منع حرباً كادت تحدث.
ترامب الذي وبخ الهند لفشلها في الحرب مع باكستان، وهو من أشعلها، عاد ليدعي أنه من أطفأ هذه الحرب.
باختصار، أمريكا لا تريد حرباً عالمية تكون طرفاً فيها سواء حرب نووية أو غير نووية، لكنها دون ذلك تسعى لتفجير وإشعال الحروب، وأمريكا مثل كل الدول النووية لا تريد حرباً نووية، ولكن أمريكا هي أكثر من يخاف هذه الحرب في العالم.
ولذلك فأمريكا تتمنى أن يستعمل الروسي السلاح النووي في أوكرانيا، ومارست بالفعل استفزازات لدفع روسيا إلى ذلك وأكثر، فأمريكا ستكون سعيدة لو أن روسيا استهدفت أوروبا بالسلاح النووى ما دامت ليست طرفاً ولا تتحمل مسؤولية.
أمریكا هي الدولة الوحيدة التي استعملت السلاح النووي في الحروب، ولم يستطع أحد أن يحاسبها على ذلك، وهي الآن تتمنى وتستفز آخرين لاستعمال هذا السلاح، بشرط ألا تكون طرفا أو تتحمل مسؤولية، وذلك ما تريده لحلحلة أوضاعها وتموضعها وتحميل آخرين المسؤولية ومحاسبتهم ما استطاعت على ذلك.
عندما تتوقفون عند تسمية الشذوذ والشواذ بالمثلية أو عند محاولة فهم احتمالية حرب عالمية نووية فاعرفوا أن هذا بين خطط ومخططات الرأسمالية وما يُعرف بـ"المليار الذهبي"!!

أترك تعليقاً

التعليقات