أمريكا تموت بتدحرج وتدرج
- مطهر الأشموري الأثنين , 5 مـايـو , 2025 الساعة 7:34:48 PM
- 0 تعليقات
مطهر الأشموري / لا ميديا -
البنك وصندوق النقد الدوليان من المؤسسات الدولية، غربية الأساس والتأسيس وكل المعايير والمقاييس، وهما من ضمن ما عُرف أكثر في ظل زعامة أمريكا، وكل خططوتدخلات المؤسستين إنما يهدف لخدمة أمريكا والغرب على الدوام وبشكل دائم، وذلك ما ظلت الكثير من دول وبلدان العالم تشكو منه ولا تستطيع غير الحنين والأنين، والكل يعرف ويسلم بهذا.
البنك وصندوق النقد الدوليان يقران الآن أن الاقتصاد الصيني هو الأول في العالم بما يصل إلى أكثر من 37 تريليون دولار، والاقتصاد الأمريكي هو الثاني بما يصل إلى 29 تريليون دولار. هذا يعني أن الفارق بين الاقتصادين قرابة ثمانية تريليونات دولار لصالح الصين، فماذا يعني ذلك؟ وما مدلوله وأبعاده في ظل الصراع العالمي القائم؟
لقد ظللت أتردد في التعاطي مع هذا الموضوع، وحرصت على الرجوع لمن لهم اهتمامات تتصل بهذا، ومع هذا فعدم اهتمام الإعلام الغربي وأدواته وعدم التعاطي أو الرد أو الإنكار بات يكفي لتأكيد أن هذا التقرير صحيح وصدر عن المؤسستين الغربيتين العالميتين.
دعوني من خلال هذه الاستهلالية أو المدخل أرجع لاستقراء ما يربط أو يرتبط في الصراع العالمي أو قضايا العالم الأهم.
هذا التقرير يؤكد أولاً أن الأزمة هي أزمة الرأسمالية، وترامب يقول: “الدولة العميقة”، وهي ذاتها، كما يؤكد أن رؤساء أمريكا هم مجرد موظفين مع الرأسمالية “الدولة العميقة”، ولهذا فالمضحك المبكي مثلاً تكرار ترامب لاتهام سلفه بايدن بأنه أساس وسبب حرب أوكرانيا، وكل ما يريده ترامب هو تبرئة الرأسمالية من تفعيل حرب أوكرانيا كمشروع أمريكي.
كل ما في الأمر هو أنه بعد فشل كل العقوبات الأمريكيّة الغربية على روسيا، وبعد فشل الإمبراطورية الإعلامية الأمريكية الغربية، فأمريكا وصلت في حالة أوكرانيا إلى أحد خيارين أو نتيجتين؛ فإما أن تقرّ بهزيمة استراتيجية متحققة في أوكرانيا، وإما إلى حرب عالمية ثالثة واستعمال السلاح النووي.
لذلك فإن ترامب جيء به كمخرج قبل هزيمة استراتيجية باتت قائمة أو ماثلة، ولتجنب حرب عالمية ونووية ليست لصالح أمريكا بالتأكيد.
ولهذا فتكرار ترامب كيل الاتهامات لبايدن بشأن هذه الحرب هي حاجة للإخراج وللمخرج الأمريكي المحرج أصلاً.
حتى عندما تكرر موسكو أو روسيا الاتهامات لأوروبا، وتحديداً لندن، بأنها تسعى لدفع العالم إلى حرب عالمية ثالثة، فذلك من باب التعاون مع ترامب لدعم الإخراج والمخرج الأمريكي، فإذا ترامب يحمّل بايدن المسؤولية فروسيا تحّمل أوروبا وتحديداً لندن المسؤولية، وحاصل ذلك يسهّل نجاح الإخراج والمخرج الأمريكي.
وهكذا فأمريكا والغرب إن لم يصلوا إلى إعلان أو إقرار بالهزيمة الاستراتيجية في أوكرانيا فإن مجيء ترامب وما يطرحه هو إقرار بهزيمة عسكرية لأمريكا والغرب في أوكرانيا، ولولا ذلك ما كان لترامب أن يحمّل بايدن المسؤولية، وما كان لروسيا أن تحمّل أوروبا (لندن) المسؤولية؛ لأننا كلنا نعرف أن أوروبا لم تختر هذه الحرب، وأن أمريكا دفعتها بل وأجبرتها على خوض هذه الحرب إلى جانبها.
المحورية الأهم المتصلة بما به بدأت هي أن أمريكا تعرضت لهزيمة اقتصادية من الصين، إن لم تكن أقوى من الهزيمة العسكرية في أوكرانيا فهي بالتأكيد الأهم والأكثر تأثيراً في مداها الأبعد، وإن كانت مشكلة ترامب أنه في هذه لا يستطيع رمي المسؤولية على بايدن.
خلاصة الخلاصة من كل هذا وفي كل هذا هي أن أمريكا تعيش تخبطاً غير مسبوق، وطالما ظلت الرأسمالية (الدولة العميقة) هي التي تحكم ترامب ومن سبق وحتى من قد يأتي بعده، فأمريكا ستغرق أكثر في تخبطها؛ لأن الأزمة باتت أزمة الرأسمالية، وليست أزمة سياسات وخيارات سياسية.
ما لم تصل أمريكا إلى معالجات للرأسمالية ذاتها بمثل معالجات الصين للشيوعية فأمريكا ذاتها باتت مشاريع أزمات وتأزمات ستدّمر أمريكا وإن ببطء أو بشكل أقل وضوحاً مما هو في حالات وبلدان أخرى. ولذلك فالطبيعي تكرار ترامب شعارات إعادة العظمة لأمريكا أو قوله إنه من يحكم أمريكا والعالم والاستعمار هو الاستعمار البريطاني أو الأمريكي والشعارات تقرّب أجله أكثر مما تطيل عمره كما يتوهم من يطلقها.
المصدر مطهر الأشموري
زيارة جميع مقالات: مطهر الأشموري