حرب الإبادة.. إلى أين؟! وماذا بعد؟!
 

مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
هذه غزة المحاصرة لأكثر من عقدين لم تصمد فقط أمام "إسرائيل" بكل أسلحتها الأحدث والأفتك في العالم بل إنها صمدت لأكثر من عام ونصف أمام أمريكا ومعظم بلدان الغرب، ومثل ذلك ما كنا نتصوره المستحيل، بل الأبعد من المستحيل.
نحن لا نريد تقديم هذا الصمود التاريخي الأسطوري بما قد يستثمر في هذا العالم المنافق الذي لازال بأي سقف تحت هيمنة الاستعمار الغربي الأمريكي -يستثمر- في المزيد من الفرجة على واقع غزة خاصة، وهذه الحرب الإجرامية الصهيونية تحولت إلى أبشع إبادة جماعية في التاريخ، ولنا تصور الموقف العالمي لو حدث في أوكرانيا فقط 1% مما يجري ويستمر في غزة.
إذا كانت "إسرائيل" هي المجرم المباشر الظاهر في حرب إبادة شاملة لم تترد حتى في استعمال التجويع كسلاح للإبادة، فالمجرم الأكبر والأهم هي أمريكا، لأنها بكل أدوارها كشريك فاعل وداعم وموجه للإجرام فإنه ما كان لهذا الكيان الدخيل والمصطنع ممارسة كل هذا التدمير والإبادة أمام أعين العالم.
ولهذا فقيام الكيان "الإسرائيلي" بحملة برية جديدة لا تعني غير المزيد من الإبادة، وفي ظل الموقف الدولي المتفرج ربطاً بالموقف العربي الإسلامي، فالإبادة بالحرب الإجرامية الصهيونية لأكثر من عام ونصف أو بمزيد من الحرب والحملات باتت كأنها "تحصيل حاصل"، وكأن المهم لهذا العالم بات فقط ما إذا كان الكيان الغاصب سيحقق أهدافه من هذه الحرب، فهل هذا العالم لازال يتوقع المزيد من عجز وانكسار هذا الكيان أم لازال يعتريه قلق وخوف من احتمالية أن مجاميع باتت تموت جوعاً وليس فقط تتضرر أن تسير من هذا الوضع البائس إلى نصر أكبر من هذا الصمود والذي كان هو المحال وهو المستحيل؟
لعل المخطط الأمريكي ربطاً بزيارة ترامب للمنطقة وما طلب هو، بل وما طلب منه من قبل أنظمة عربية معروفة يريد دفعنا لتظل قضيتنا هي انتصار المقاومة من هذا الواقع ومن هذا الوضع لتخفيف أو تجنيب المزيد من الضغوط من أرضية الجانب الإنساني وتلك باتت هي القضية الأهم في العالم، وإن لم تكن لكل العالم.
ولهذا فأمريكا مازالت وستظل المجرم الأهم والأكبر، ولكن مع محاولة التهرب من مسؤوليتها في الجانب الإنساني في ظل مواقف أكثر جرأة حتى من أنظمة وعواصم غربية بما في ذلك بريطانيا وهي المؤسسة لما تعرف بـ"إسرائيل".
هذا بات يدفع بسؤال للواجهة وهو: إذا ما كانت كل هذه الضغوط ستنجح في وقف الحرب الإجرامية على غزة ورفع الحصار عنها والانسحاب الكامل منها، أم أن الكيان الصهيوني بالشراكة الأمريكية وتواطوء، بل تمويل أنظمة عربية سيفرض استمرار هذه الحرب وحتى يحقق كامل أهدافها كما يزعم؟
أياً كانت النتائج والاحتمالات لهذه الحرب فالسؤال المنبثق هو: ماذا بعد؟
هذا السؤال لم يعد حينها يعني المقاومة أو محور المقاومة فقط، ولم يعد حتى يعني العالم في سكوته وفرجته أو خنوعه لاستمرار هيمنة الاستعمار الغربي الأمريكي، ولكنه يعني العالم من مداخل وبوابات صراعاته ومصالحه.
مجرد قفز هذا السؤال التلقائي يعني ببساطة أن كل هذه الإبادة الجماعية الأمريكية -الصهيونية لم ولن تحقق الأهداف المزعومة لهذه الحرب.
أردت بالقفز إلى هذا السؤال الإحاطة بديناميكية التطورات والصراعات وقفزه من الإقليمية للصراع إلى العالمية، فيما الاستسلام الذي تريده "إسرائيل" واعتادت أن تقدمه للعرب على أنه السلام بالشراكة مع الأعراب الأشد كفراً ونفاقاً هو أبعد من أوهام وتصورات كل هؤلاء القاصرة وأياً كانت القوة التي سيدفع بها لاحتلال كل غزة.
قضيتنا ستظل هي تدمير غزة والإبادة في غزة والعدو يحاول استعمال ذلك للغمز بأن قضيتنا باتت هي استسلام غزة، وذلك ما نريد أن يُستوعب من قبل المقاومة وجمهورها ومناصريها.
"طوفان الأقصى" أصبح محورية تاريخية مفصلية يستحيل على "إسرائيل" أن تتجاوزها بأبعادها ونتائجها وتداعياتها.
فلسطين القضية باتت بعد "طوفان الأقصى" بما لم يكن قبلاً، ولم يعد بمقدور "إسرائيل" في كل ما تعمله وتمارسه أن تعيدها إلى حالة ما قبل الطوفان.
في حال الإصرار على هذه الحرب الإجرامية والإبادة الجماعية أؤكد لكم أن المفاجأة -وربما المفآجات- هي ما ستأتي من المقاومة ومحور المقاومة، ولن أقول غير ذلك أو أكثر من ذلك، والزمن بيننا أيضاً!

أترك تعليقاً

التعليقات